الحكومة اليمنية: ارتباط الحوثيين بأجندة إيران أحبط تسوية الصراع سلمياً

TT

الحكومة اليمنية: ارتباط الحوثيين بأجندة إيران أحبط تسوية الصراع سلمياً

قالت الحكومة اليمنية، إن ارتباط الميليشيات الحوثية بالأجندة التخريبية لإيران في المنطقة أحبط مساعي السلام وتسوية الصراع في بلاده خلال السنوات الماضية من الانقلاب على الشرعية.
جاء ذلك على لسان وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، الدكتور أحمد بن مبارك، خلال ثاني أيام زيارته للعاصمة النرويجية أوسلو أمس (الجمعة)، ضمن جولة تشمل عدداً من الدول الأوروبية في سياق سعي الشرعية للبحث عن ضغوط أوروبية على الجماعة الحوثية لدفعها نحو السلام ووقف التصعيد.
وذكرت المصادر الرسمية اليمنية، أن الوزير بن مبارك استعرض في العاصمة النرويجية أوسلو، مع رئيس اللجنة الدائمة للشؤون الخارجية والدفاع في البرلمان النرويجي أنكن هويتفيلدت، تطورات عملية السلام في اليمن، وآفاق الحل السياسي في ظل استمرار عرقلة ميليشيا الحوثي لجهود إحلال السلام والمبادرات كافة التي قُدمت من أجل تحقيقه.
وتحدث وزير الخارجية اليمني عن المساعي التي بذلتها الحكومة في بلاده لتحقيق السلام، والتنازلات التي قدمتها والمرونة التي أبدتها في تعاملها مع المبادرات والمقترحات الإقليمية والدولية للوصول لتسوية سياسية لإنهاء الحرب واستعادة الأمن والاستقرار وإنهاء الأزمة الإنسانية التي نتجت من الحرب التي تخوضها الميليشيات.
ونقلت وكالة «سبأ» عن بن مبارك قوله «إن ارتباط ميليشيا الحوثي بالأجندة الإيرانية التخريبية في المنطقة ساهم في تعقيد المشهد السياسي في اليمن، وأحبط كل الجهود التي بُذلت خلال السنوات الست الماضية من أجل تسوية الصراع سلمياً».
وتطرق الوزير اليمني إلى «استمرار العدوان الحوثي العبثي على محافظة مأرب، واستهداف الميليشيا مخيمات النازحين والأحياء المدنية بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة»، وقال «إن استمرار هذا السلوك الإجرامي يؤكد الطبيعة العدوانية والدموية لميليشيا الحوثي، وإن الحرب أصبحت بحد ذاتها هدفاً وغاية للميليشيا، وهو ما يستلزم اتخاذ موقف سياسي وأخلاقي تجاه ما ترتكبه هذه الميليشيات من جرائم بحق الإنسانية وما ينتج منها من مضاعفة المعاناة الإنسانية».
وأشار وزير الخارجية اليمني إلى الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها الميليشيا بحق النساء وتجنيد الأطفال وإرسالهم إلى الجبهات وتغيير مناهج التعليم وتأسيس المراكز الصيفية لنشر ثقافة الكراهية وتلغيم مستقبل اليمن بأفكار دخيلة على المجتمع.
وشدد بن مبارك، على أن مسألة الأمن البحري والبيئي في البحر الأحمر وتزايد الهجمات الحوثية على السفن العابرة واستمرار التهديد البيئي والإنساني الذي يمثله الخزان النفطي صافر، يتطلب تكثيف الجهود الإقليمية والدولية للضغط على الميليشيات من أجل السماح بوصول الفريق الفني الأممي للخزان لتقييم حالته وإجراء أعمال الصيانة اللازمة وإنهاء تلاعب الميليشيا بهذا الملف الحساس.
وفي وقت سابق، قال الوزير اليمني في محاضرة ألقاها في معهد أوسلو لأبحاث السلام «إن ميليشيات الحوثي ترفض فكرة السلام من أساسها، وتعمل على عرقلة الجهود المبذولة كافة من أجل تحقيقه من خلال تصعيد العمليات العسكرية في عدد من المحافظات، وفي مقدمها مأرب التي باتت أكبر تجمع للنازحين من مناطق سيطرة الميليشيات».
وأكد، أن الحكومة اليمنية تنتهج السلام كأساس لإيقاف الحرب، وتتعاطى بإيجابية مع كافة الجهود والمبادرات الدولية والإقليمية لإيقاف الحرب وتحقيق السلام الشامل والمستدام، مشدداً على ضرورة قيام المجتمع الدولي بممارسة الضغوط الممكنة كافة لإرغام ميليشيات الحوثي على الاستجابة لمبادرات السلام كافة وإنهاء الحرب.
يشار إلى زعيم الميليشيات الحوثية كان أكد في أحدث خطبه (الخميس) على مواصلة الحرب بالتزامن مع هجمات مكثفة تشنها ميليشياته في جبهات مأرب وفي محافظة الجوف المجاورة.
وأدت المعارك في اليومين الأخيرين إلى تشريد العشرات من الأسر المدنية، لا سيما في الجبهة الجنوبية، حيث مديرية رحبة التي تحاول الميليشيات استعادتها من قبضة الجيش ورجال القبائل.
وقال الحوثي في الخطبة التي بثتها قناة «المسيرة» (لسان حال الميليشيات)، إن جماعته حسمت خياراتها واتخذت موقفها لمواصلة القتال حتى السيطرة على المناطق اليمنية كافة، وصولاً إلى تحقيق ما وصفه بـ«النتيجة الحتمية وهي النصر بحسب وعد الله»، وفق زعمه.
وتحدثت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن مقتل مدنيين جراء القصف الحوثي وتدمير العشرات من المنازل في قرى مديرية رحبة، في حين أصدرت الحكومة عبر وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان بياناً نددت فيه باستهداف المدنيين الذين أُجبر العشرات منهم على مغادرة مناطقهم هرباً من القذائف.
وفي ظل هذه التطورات، تقول المصادر العسكرية اليمنية بأن هجمات الحوثيين كبّدتهم العشرات من القتلى والجرحى في الأيام الأخيرة بسبب المعارك مع الجيش ورجال القبائل وجرّاء ضربات تحالف دعم الشرعية، سواء في جنوب مأرب، حيث مديرية رحبة أو في غربها حيث جبهات الكسارة والمشجح.
كما نقل الإعلام العسكري اليمني عن قائد المنطقة العسكرية الثالثة في الجيش اليمني اللواء الركن منصور ثوابه، تأكيده أن الميليشيات تكبدت أكثر من 10 آلاف قتيل، منذ يناير (كانون الثاني) الماضي في مختلف الجبهات. وأوضح اللواء ثوابه في تصريحات لصحيفة الجيش، أن القوات الحكومية والمقاومة الشعبية تمكنت من كسر أكثر من 300 هجوم حوثي على جبهات الكسارة والمشجح وجبل مراد وصرواح، منذ مطلع العام الحالي.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.