واشنطن تطالب بـ«إجراءات بموجب الفصل السابع» ضد «كيماوي» دمشق

المندوب السوري يرفض تحويل الأمم المتحدة إلى «منصة أكاذيب»

TT

واشنطن تطالب بـ«إجراءات بموجب الفصل السابع» ضد «كيماوي» دمشق

حثت الممثلة السامية للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح إيزومي ناكاميتسو، السلطات السورية، على «التعاون بشكل كامل» مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لكشف «كل العوامل» التي أنتجت أو أعدت في شكل أسلحة سامة، في وقت طالبت واشنطن مجلس الأمن باتخاذ إجراءات «حان وقتها» بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لمعاقبة نظام الرئيس بشار الأسد، الأمر الذي سارعت موسكو إلى رفضه.
كانت كبيرة المسؤولين الدوليين في مجال نزع الأسلحة تقدم إحاطة إلى أعضاء مجلس الأمن في نيويورك، إذ ذكرت بأن «أي استخدام للأسلحة الكيماوية غير مقبول إطلاقاً ويعد انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي»، مشددة على أنه «يجب محاسبة المسؤولين عنه، بغض النظر عن هويتهم». وطالبت دمشق بإعلان «كل عوامل الحرب الكيماوية التي أنتجت و/أو أعدت في شكل أسلحة في مرفق إنتاج سابق» لدى السطات التي أفادت سابقاً بأنه «لم يستخدم قط لإنتاج أسلحة كيماوية». وأوضحت أن هذا ما يطلبه المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية فرناندو آرياس، مضيفة أنه «نظراً إلى الثغرات وأوجه عدم الاتساق والتباينات التي لا تزال غير محسومة»، مما يعني أنه «لا يزال يتعذر اعتبار الإعلان الذي قدمته سوريا دقيقاً ومكتملاً وفقاً لما تقتضيه اتفاقية الأسلحة الكيماوية». وأكدت أن الأمانة الفنية لمنظمة الحظر لا تزال تخطط لإجراء جولتي تفتيش في مرفق مركز الدراسات في برزة وجمرايا، علماً بأن «التفتيش في هذا المرفق لا يزال خاضعاً لتطور جائحة (كوفيد – 19)». وكذلك أكدت أن السلطات السورية «لم تستكمل أياً من الإجراءات المنصوص عليها» في القرار الخاص بـ«معالجة حيازة واستخدام المواد الكيماوية في سوريا». وقالت: «أكرر ندائي إلى الجمهورية العربية السورية لأن تتعاون بشكل كامل مع الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية في هذا الصدد».
وكذلك كشفت أن اللجنة الوطنية السورية أبلغت الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية عن هجوم وقع في 8 يونيو (حزيران) 2021، واستهدف مرفقاً عسكرياً كان يضم مرفقاً سابقاً معلناً من مرافق إنتاج أسلحة كيماوية، فضلاً عن تدمير أسطوانتي كلور متصلتين بحادثة استخدام الأسلحة الكيماوية في دوما بتاريخ 7 أبريل (نيسان) 2018. ونقلت عن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أنه خلال التفتيش السابق لهاتين الأسطوانتين، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، خُزنت الأسطوانتان وخضعتا للتفتيش في موقع آخر مُعلن يبعد 60 كيلو متراً تقريباً من الموقع الذي أبلغ أنهما دمرتا فيه في 8 يونيو 2021. ولفتت إلى أن الأمانة الفنية كانت طلبت من السلطات السورية «ألا تفتح الحاويتين أو تنقلهما أو تحدث تغييراً عليهما أو على محتوياتهما بأي شكل من الأشكال من دون الحصول على موافقة خطية مسبقة من الأمانة». لكن اللجنة السورية لم تخطر الأمانة بأن الأسطوانتين نقلتا إلى مكان جديد.
وعبرت نائبة المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة آنا استينييفا، عن «استياء» موسكو من تقرير منظمة الحظر، معتبرة أنه «يحرف عمداً التركيز عندما يصف الضربات الجوية في 8 يونيو على مرفق أسلحة كيماوية معلن في سوريا».
وأكدت أنه خلال تلك الضربة، تم تدمير أسطوانتين «مرتبطتين بحادثة دوما في أبريل 2018»، ملاحظة أنه «لا يوجد أي تقييم للحقيقة الفظيعة للغارة الجوية نفسها، أي غارة جوية على أراضي دولة ذات سيادة».
أما المندوبة الأميركية الدائمة ليندا توماس غرينفيلد، فذكرت بأن مجلس الأمن قرر سابقاً أنه في حالة عدم الامتثال للقرار 2118 يجب «فرض تدابير بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة»، قائلة إنه «لدينا الآن أدلة دامغة على العديد من حالات عدم الامتثال من نظام الأسد». وأضافت: «حان الوقت الآن لدعم وتنفيذ قرار هذا المجلس».
وأدت هذه المطالبة الأميركية باتخاذ إجراءات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لمحاسبة نظام الأسد إلى سجال ساخن مع الجانب الروسي.
وطالب نائب المندوب الصيني كانغ شوانغ، الأمانة الفنية لمنظمة الحظر، بـ«تعزيز الحوار مع سوريا لحل القضايا العالقة بشكل مشترك»، معتبراً أنه «يتعين على المجتمع الدولي إيجاد ظروف مواتية للحوار والتعاون بين الجانبين». ودعا إلى «التزام أي تحقيق في حوادث الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيماوية بنود الاتفاقية وملحق التحقق على نحو صارم ومستند إلى مبادئ الموضوعية والمهنية والحياد».
وفي المقابل، رأى المندوب السوري بسام صباغ، أن بعض الدول الغربية حولت مجلس الأمن لـ«منصة لترويج الأكاذيب» ضد سوريا بشأن تعاونها مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، مشدداً على أن بلاده «انضمت طوعاً إلى اتفاقية الحظر، وأوفت خلال فترة قياسية بكل الالتزامات الناتجة عن هذا الانضمام، وأنها لم تعد تمتلك أي نوع من هذه الأسلحة، وعلى الرغم من ذلك تتعرض لحملات اتهامات باطلة لا أساس لها عن حالات استخدام مزعوم لأسلحة كيماوية بهدف حرف انتباه المجتمع الدولي عن استخدام التنظيمات الإرهابية تلك الأسلحة والاستمرار بتوفير الحماية والرعاية لها».


مقالات ذات صلة

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.