توجهات طبية جديدة لتشخيص عجز القلب وعلاجه

إرشادات محدّثة للجمعية الأوروبية

توجهات طبية جديدة لتشخيص عجز القلب وعلاجه
TT

توجهات طبية جديدة لتشخيص عجز القلب وعلاجه

توجهات طبية جديدة لتشخيص عجز القلب وعلاجه

أصدرت جمعية القلب الأوروبية ESC تحديثها للإرشادات الطبية الخاصة بتشخيص ومعالجة أنواع حالات عجز القلب Heart Failure، بنوعيه المزمن والحاد. واتخذت الجمعية نهجاً غير مسبوق في طريقة إعداد الإرشادات الطبية، وذلك بشمولها عدداً من مرضى عجز القلب كأعضاء كاملي العضوية ضمن فريق العمل لإعداد وإصدار الإرشادات الطبية هذه. كما ألقت جائحة كوفيد - 19 الحالية بظلالها على جوانب متعددة في الإصدار الحديث لجمعية القلب الأوروبية حول طرق معالجته ومتابعة المرضى.

إرشادات محدثة

وتم إصدار الإرشادات المحدثة هذه في السابع والعشرين من شهر أغسطس (آب) الحالي على الموقع الإلكتروني للجمعية، وذلك ضمن فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر السنوي لجمعية القلب الأوروبية. كما نشرت في نفس اليوم ضمن المجلة الأوروبية للقلب European Heart Journal، وذلك في 128 صفحة. ورئس فريق عمل إعداد الإرشادات المحدثة كل من البروفسورة تيريزا ماكدونا من المملكة المتحدة والبروفسور ماركو ميترا من إيطاليا، بالإضافة إلى 29 من الخبراء في عجز القلب.
ولدى الأوساط الطبية، تمثل الإرشادات الطبية لأي هيئة طبية عالمية، وثيقة تلخص وتقيم الأدلة العلمية المتوفرة حول حالة مرضية معينة، بهدف مساعدة الأطباء لأفضل استراتيجيات إدارة معالجة المريض الذي يعاني منها. ولذا تفيد في تسهيل اتخاذ القرارات الإكلينيكية من قبل الأطباء في ممارساتهم اليومية عند التشاور مع المريض حول أفضل سبل معالجته.
وأفادت لجنة جمعية القلب الأوروبية لإعداد هذه الإرشادات الطبية المحدثة، أن معدلات الإصابة بعجز القلب، أو قصور القلب HF، آخذة في الزيادة عالمياً، وخاصةً بين متوسطي العمر، إضافة إلى ما هو معلوم ومستمر في الارتفاع، لمعدلات الإصابة به مع زيادة التقدم في العمر. إذ ترتفع النسبة إلى أكثر من 10 في المائة لمن هم في سن السبعين وأكثر.
كما أفادوا أن حالات قصور القلب ليست نوعاً واحداً، وأنها ليست بالضرورة مرتبطة بحصول عجز في قوة انقباض القلب، والذي يعبر عنه بـ«الكسر القذفي»Ejection Fraction للبطين الأيسر، أي نسبة كمية الدم التي يقذفها البطين الأيسر عند انقباضه في كل نبضة، مقارنة مع كمية الدم التي تجمعت فيه قبل انقباضه.
وتحديداً أفادوا أن بين مجمل مرضى عجز القلب، فإن لدى 60 في المائة منهم عجز واضح في قوة انقباض القلب HFrEF (انخفاض الكسر القذفي)، بينما لدى بقية المرضى الذين تظهر عليهم علامات عجز القلب، ويعانون من تبعات وتداعيات تلك الحالة الإكلينيكية، فإن قوة انقباض القلب لديهم تكون إما طبيعية HFpEF (حفظ الكسر القذفي) أو متضررة بشكل متوسط HFmrEF (انخفاض بسيط في الكسر القذفي).
ولذا كان أحد الأجزاء المهمة في هذ الإرشادات المحدثة، هو وضع تعريفات دقيقة لأنواع حالات عجز القلب ومسبباتها، وذلك بغية الحصول على تشخيص دقيق لحالة عجز القلب لدى كل مريض منفرداً، وبالتالي وضع خطة المعالجة والمتابعة له.

حالات الاشتباه

وفيما يتعلق بالتشخيص عند «الاشتباه» في الإصابة بقصور القلب المزمن، توصي الإرشادات بقياس مستوى الهرمونات التي ينتجها القلب (الببتيدات الناتريوتريك Natriuretic Peptides). وإذا كانت المستويات طبيعية، يمكن طمأنة المريض إلى أن فشل القلب أمر غير محتمل لديه. أما إذا كانت مرتفعة، فيجب إجراء تصوير القلب بالأشعة فوق الصوتية (الإيكو) Echocardiogram.
ويعالج جميع مرضى قصور القلب عادة بمدرات البول Diuretics لتقليل الشعور بضيق التنفس وخفض حجم تورم الكاحل. وبالنسبة لفشل القلب مع انخفاض الكسر القذفي، هناك العديد من العلاجات الدوائية التي تعمل على تحسين البقاء على قيد الحياة، مثل مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE)، ومثبطات مستقبلات الأنجيوتنسين (ARNIs)، وحاصرات بيتا BB، ومدرات البول من نوع مضادات مستقبلات القشرانيات المعدنية (MRAs). وبالإضافة إلى ذلك، توصي الدلائل الإرشادية بفئة جديدة من الأدوية، وهي مثبطات الناقل المشترك للصوديوم والغلوكوز 2 (SGLT2)، والتي تسمى أيضاً غليفلوزين Gliflozins. حيث إنه عند إضافتها لبقية أدوية العلاج، تقل احتمالات كل من خطر الموت القلبي الوعائي والحاجة إلى تكرار دخول المستشفى نتيجة انتكاس حالة فشل القلب. ومن أمثلتها عقار داباغليفلوزين Dapagliflozin وإمباغليفلوزين Empagliflozin. كما قد يستفيد بعض المرضى الذين يعانون من قصور القلب مع انخفاض الكسر القذفي، من زراعة أجهزة داعمة للقلب، عبر عملها على ضبطها نبض القلب، وإزالتها أي اضطرابات خطيرة في إيقاع نبض القلب، مثل أجهزة تقويم نظم القلب وإزالة الرجفان البطيني ICD، وأنواع متقدمة من أجهزة العلاج بإعادة التزامن القلبيCRT. ويعاني كثير من المصابين بعجز القلب من مشاكل في النظام الكهربي للقلب، التي تتسبب في أن تنبض عضلة القلب (الضعيفة أصلاً) نبضاً غير متناسق. وقد يتسبب هذا الانقباض العضلي غير ذي الكفاءة، في تدهور حالة عجز القلب. وهذه الأجهزة تتعامل مع هذه المشاكل.

برامج علاجية

ونظراً لحداثة تنبه أوساط طب القلب إلى وجود حالات عجز القلب مع حفظ الكسر القذفي، ووفق ما توفر للجنة إعداد هذه الإرشادات الطبية من دراسات، فإن الإرشادات الجديدة نبهت إلى أنه لا يوجد حتى الآن علاج قد ثبت بالفعل أنه يقلل الوفيات ويقلل من المعاناة المرضية (المراضة Morbidity) لدى المرضى الذين يعانون من قصور القلب مع الكسر القذفي المحفوظ. وهو ما يعتبر مجالاً محتملاً للتطور في المستقبل المنظور.
وأشارت الإرشادات المحدثة إلى أن ممارسة التمارين الرياضية يوصى بها لـ«جميع» مرضى القلب المزمن «القادرين»، وذلك بغية تحسين جودة نوعية الحياة لديهم وتقليل اضطرار تكرار دخول المستشفى بسبب انتكاسات قصور القلب لديهم. وثمة وسائل إكلينيكية لتقيم درجات تلك «القدرة» على أداء المجهود البدني. وبالنسبة لأولئك الذين يعانون من عجز أكثر حدة أو أمراض متعددة مصاحبة، ينبغي النظر في إدخال المريض ضمن «برنامج إعادة تأهيل القلب»، الخاضع للإشراف الطبي والقائم على التدريب لأداء التمارين بشكل مدروس ومتدرج.
وقالت رئيسة فريق عمل إعداد الإرشادات المحدثة البروفسورة تيريزا ماكدونا من مستشفى كينغز كوليدج في لندن بالمملكة المتحدة: «الغالبية العظمى من العلاجات الدوائية، تعمل على تحسين البقاء على قيد الحياة وتقلل من ضرورة الدخول إلى المستشفى، ولها أيضاً آثار مفيدة على جودة نوعية الحياة وشدة الأعراض لدى مريض عجز القلب. وهناك بعض التدخلات التي لا تؤثر (بشكل إيجابي واضح) في البقاء على قيد الحياة، ولكنها تعمل على تحسين جودة نوعية الحياة وشدة المعاناة من الأعراض. وإعادة التأهيل القلبي بالتمارين الرياضية، يجب تقديمها أيضاً للمرضى الذين يعانون من قصور القلب المزمن».
وتوصي الإرشادات المحدثة بأن يتمكن جميع مرضى عجز القلب من الوصول إلى عيادات برنامج إدارة معالجة أمراض قصور القلب. وهو بالعادة برنامج علاجي يتضمن عدد من المتخصصين الطبيين للمشاركة في مراحل معالجة جوانب شتى لدى المرضي، وذلك لضمان تشخيص ومعالجة جميع جوانب تداعيات ومضاعفات قصور القلب لدى المرضى بشكل صحيح. وأكدت الإرشادات المحدثة أهمية هذا الأمر بإشارتها إلى أن هذه البرامج ارتبطت بتقديم رعاية أفضل ونتائج محسنة لدى المرضى.

رعاية ذاتية

وبالإضافة إلى ذلك، أكدت الإرشادات المحدثة على ضرورة تشجيع مرضى قصور القلب في المشاركة بإدارة معالجة حالتهم الصحية مع الطاقم الطبي المعالج. وإضافة إلى فهم الحالة الصحية لديهم، وأنواع الأدوية التي يتناولونها، ودواعي تكرار إجراء الفحوصات الطبية قبيل زيارة العيادة، فإن الرعاية الذاتية من قبل المريض لنفسه تشمل: اتباع عادات صحية في سلوكيات نمط الحياة، مثل ممارسة النشاط البدني، وتجنب الإفراط في تناول الملح، والحفاظ على وزن صحي للجسم، وتجنب الإفراط في استهلاك الكحول، وعدم التدخين. ومن المهم أيضاً تجنب شرب كميات كبيرة من السوائل، والتعرف على مشاكل النوم لديهم ومعالجتها، ومراقبة التغيرات في الأعراض عند بدء حصولها. إضافة إلى التنبه المبكر لأي علامات أو أعراض قد تشير إلى احتمال بدء حصول حالة انتكاس لاستقرار عجز القلب، وخاصةً معرفة وقت ودواعي عدم التأخير في الاتصال باختصاصي تقديم الرعاية الطبية لهم.
وقدمت الإرشادات كذلك نصائح عامة حول كيفية الوقاية من قصور القلب. وهذا يشمل النشاط البدني المنتظم، والامتناع عن التدخين، والنظام الغذائي الصحي، وعدم تناول الكحوليات/ تناول الكحوليات الخفيفة، وتلقي التطعيمات، وعلاج ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول. وتم تقديم توصيات أيضاً حول كيفية إدارة المرضى الذين لديهم قصور القلب ويعانون في نفس الوقت من حالات مرضية مزمنة مثل الرجفان الأذيني AF وأمراض صمامات القلب VHD. وقال رئيس فريق عمل إعداد الإرشادات المحدثة البروفسور ماركو ميترا من جامعة بريشيا بإيطاليا: «من الضروري معالجة الأسباب الكامنة وراء قصور القلب والأمراض المصاحبة له. والعلاج المناسب لارتفاع ضغط الدم والسكري ومرض الشريان التاجي يمكن أن يمنع تطور قصور القلب. وغالباً ما يترافق الرجفان الأذيني وأمراض القلب الصمامية ومرض السكري وأمراض الكلى المزمنة ونقص الحديد والأمراض المصاحبة الأخرى، مع حالات قصور القلب. وقد يكون لاعتماد علاجات محددة تأثير كبير على المسار الإكلينيكي لمرضانا».

مرضى عجز القلب و«كوفيد ـ 19»

> ألقت جائحة كوفيد - 19 الحالية بظلالها على جوانب متعددة في الإصدار الحديث لجمعية القلب الأوروبية حول عجز القلب وتشخيص الإصابة به وطرق معالجته ومتابعة المرضى.
وأشارت الإرشادات الجديدة على وجه الخصوص إلى أن مرضى قصور القلب هم بالفعل أعلى عرضة لخطر متزايد للإصابة بالعدوى، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض ويكون عاملاً محفزاً لفشل القلب الحاد. ونصت، وبشكل مؤكد، على وجوب أخذ هؤلاء المرضى للقاح الأنفلونزا السنوي ولقاح المكورات الرئوية ولقاح كوفيد - 19.
وأفادت أن المراقبة المنزلية عن بعد Home Tele Monitoring، والتواصل المباشر بين المريض ومقدمي الرعاية الصحية عن بعد في العيادات الافتراضية Virtual Clinic، يمكن أن يساعد في الحفاظ على جودة الرعاية الصحية المقدمة للمريض، ويسهم بشكل عملي وفاعل في تسهيل الوصول السريع إلى الرعاية عند الحاجة، وتقليل تكاليف سفر المريض، وتقليل تكرار زيارات العيادة.
وضمن الفصل الثالث عشر للإرشادات المحدثة، والذي كان بعنوان: «الأمراض المصاحبة غير القلبية الوعائية»، وتحت عنوان «العدوى»، قالت الإرشادات: «في الآونة الأخيرة، ظهرت جائحة فيروس كوفيد - 19، باعتبارها سبباً رئيسياً لتفاقم الحالة المرضية والوفيات لدى مرضى عجز القلب، بالإضافة انتكاس استقرار حالات عجز القلبHF Decompensation».
وضمن الجدول الخاص بالتهابات العدوى لدى مرضى قصور القلب، قالت الإرشادات:
- المرضى الذين يعانون قصور القلب معرضون لخطر متزايد للإصابة بالعدوى وتظهر لديهم نتائج أسوأ بمجرد الإصابة.
- تؤدي المراقبة الطبية عن بعد، إلى تجنب مخاطر العدوى التي يسببها الاتصال الوثيق. إنها مفيدة أثناء ظروف الوباء.
- يمكن تنفيذ المراقبة عن بعد لمتابعة المرضى في حالات الجائحة.
- أثناء الجوائح، يجب فحص مرضى قصور القلب بحثاً عن العدوى في وقت دخول المستشفى في حالة الإدخال العاجل، أو قبل دخول المستشفى في حالة الإدخال الاختياري.

أعراض وعلامات انتكاس حالات عجز القلب المزمن

> عجز القلب قد يكون حالة مؤقتة، ولكن في الغالب هو حالة مزمنة. وثمة أسباب متعددة لحصول العجز في القلب وظهور تداعياته ومضاعفاته. وتهدف المعالجة الطبية معرفة السبب وعلاجه إن أمكن، كما تهدف إلى تخفيف معاناة المريض من الأعراض وتحسين جودة الحياة التي يعيشها، والأهم إطالة البقاء على قيد الحياة وتقليل احتمالات الوفاة المفاجئة. ويمكن أن تتحسن علامات وأعراض عجز القلب بالعلاج، ولكن يجدر بالمريض التنبه لأي أعراض قد تدل على احتمال حصول انتكاس في الحالة. وهي ما تشمل:
- زيادة الشعور بضيق التنفس عند بذل الجهد البدني.
- ضيق التنفس عند الاستلقاء على الظهر.
- الشعور بالإرهاق والوهن البدني.
- تورم في الساقين والكاحلين والقدمين (وذمة).
- زيادة سرعة ضربات القلب أو عدم انتظام النبض (الخفقان).
- عدم القدرة على ممارسة التمارين الرياضية المجهدة.
- السعال مع خروج بلغم أبيض أو ممزوج بدم خفيف.
- تكرار الحاجة إلى التبول في الليل.
- تورم البطن (الاستسقاء).
- زيادة احتباس السوائل في الجسم مع زيادة سريعة للغاية في الوزن.
- تدني الشهية والشعور بالغثيان (احتقان المعدة).
- انخفاض مستوى التركيز الذهني وصعوبة التركيز.


مقالات ذات صلة

دراسة: تناول المأكولات الغنية بالألياف يحمي الجسم من العدوى

صحتك بائع للفاكهة في الصين (أ.ف.ب)

دراسة: تناول المأكولات الغنية بالألياف يحمي الجسم من العدوى

أفادت دراسة علمية حديثة بأن تناول المأكولات الغنية بالألياف يزيد من حماية الجسم من العدوى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك القواعد الأساسية للرجال المعاصرين تمكِّنهم من الحفاظ على لياقتهم البدنية

7 نصائح للرجال للياقة بدنية تتجاوز العمر

القواعد الأساسية للرجال المعاصرين تمكِّنهم من الحفاظ على لياقتهم البدنية ليتمتعوا بصحة أفضل يوماً بعد يوم وفي أي عمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الرمان يزود الجسم بمضادات الأكسدة ومضادات الفيروسات ومضادات الأورام (غيتي)

تحسين الكولسترول والوقاية من السرطان... فوائد هائلة لتناول الرمان يومياً

بتناول حبات الرمان يومياً تضمن أن تزود جسمك بمضادات الأكسدة ومضادات الفيروسات ومضادات الأورام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مريضة بسرطان الثدي (رويترز)

تقرير: النساء الشابات أكثر عرضة للإصابة بالسرطان من الرجال

تمثل حالة الأختين رورك ظاهرة منتشرة في الولايات المتحدة، وهي تشخيص المزيد من النساء الشابات بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك 8 مؤشرات تهمك حول الطقس للعناية بصحتك

8 مؤشرات تهمك حول الطقس للعناية بصحتك

ربما تكون مثل كثير من الناس الذين من أوائل الأشياء التي يقومون بها كل صباح هو النظر من النافذة لمعرفة حالة الطقس

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
TT

التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من معهد ماكس بلانك للطب النفسي بألمانيا، أنّ الشبكية بمنزلة امتداد خارجي للدماغ وتشترك في الجينات عينها، ما يجعلها طريقة سهلة للعلماء للوصول إلى دراسة اضطرابات الدماغ بمستويات أعلى من الدقة.

وأفادت النتائج بأنّ العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً، وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية وبطريقة فائقة السهولة؛ «لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ»، وفق الباحثين. وهم أكدوا على أن فهم الآليات البيولوجية حول هذا الأمر من شأنه مساعدتهم على تطوير خيارات علاجية أكثر فاعلية وأكثر شخصية.

وحلَّل باحثو الدراسة المنشورة في دورية «جاما سيكاتري»، الارتباط الجيني بين خلايا الشبكية وعدد من الاضطرابات العصبية النفسية. ومن خلال الجمع بين البيانات المختلفة، وجدوا أنّ جينات خطر الفصام كانت مرتبطة بخلايا عصبية محدّدة في شبكية العين.

وتشير جينات الخطر المعنيّة هذه إلى ضعف بيولوجيا المشابك العصبية، وبالتالي ضعف قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض. ويرجح الباحثون أن يكون هذا الضعف موجوداً أيضاً في أدمغة مرضى الفصام.

وبناءً على تلك الفرضية، أظهر الباحثون أنّ الاتصال العصبي يبدو معوقاً في شبكية العين لدى مرضى الفصام بالفعل.

وأوضحوا، في بيان، الجمعة أنّ «العثور على هذا الخلل في العين يشير إلى أنّ العمليات في الشبكية والدماغ متشابهة جداً؛ وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية، لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ».

في دراستهم السابقة، وجد باحثو معهد ماكس بلانك للطب النفسي، برئاسة فلوريان رابي، تغيّرات في شبكية العين لدى مرضى الفصام أصبحت أكثر حدّة مع زيادة المخاطر الجينية. وبناءً على ذلك، اشتبهوا في أنّ التغيرات الشبكية ليست نتيجة لأمراض مصاحبة شائعة مثل السمنة أو مرض السكري فحسب، وإنما قد تكون ناجمة عن آليات أمراض مدفوعة بالفصام بشكل مباشر.

إذا كانت هذه هي الحال، فإنّ معرفة مزيد عن هذه التغيّرات قد تساعد الباحثين على فهم الآليات البيولوجية وراء الاضطراب. وبالإضافة إلى الفصام، لوحظت تغيرات في الشبكية لدى مرضى الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب والتصلّب المتعدّد ومرض ألزهايمر ومرض باركنسون والسكتة الدماغية.

باستخدام بيانات من دراسات كبيرة سابقة، دمج رابي والمؤلّف الأول إيمانويل بودريوت من معهد ماكس بلانك للطب النفسي وجامعة لودفيغ ماكسيميليان ميونيخ في ألمانيا، بيانات المخاطر الجينية من الاضطرابات العصبية النفسية مع بيانات تسلسل الحمض النووي الريبي للشبكية.

أظهرت النتائج أنّ جينات المخاطر كانت مرتبطة بخلايا شبكية مختلفة في الاضطرابات المذكورة أعلاه.

كما ارتبط الخطر الجيني للإصابة بالتصلّب المتعدّد بخلايا المناعة في الشبكية، بما يتماشى مع الطبيعة المناعية الذاتية للاضطراب. وكذلك ارتبطت جينات الخطر للإصابة بالفصام بفئة محددة من الخلايا العصبية الشبكية تشارك في الوظيفة المشبكية، وتحدّد قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض.