تحذيرات من انهيار المنظومة الصحية شمال غربي سوريا

«الحماية الذاتية» تعلق الإجازات تحسباً من «كورونا»

فرق طبية تابعة لـ«الهلال الأحمر» تأخذ عينات لحالات إصابة مشتبهة في مخيم الهول (الشرق الأوسط)
فرق طبية تابعة لـ«الهلال الأحمر» تأخذ عينات لحالات إصابة مشتبهة في مخيم الهول (الشرق الأوسط)
TT

تحذيرات من انهيار المنظومة الصحية شمال غربي سوريا

فرق طبية تابعة لـ«الهلال الأحمر» تأخذ عينات لحالات إصابة مشتبهة في مخيم الهول (الشرق الأوسط)
فرق طبية تابعة لـ«الهلال الأحمر» تأخذ عينات لحالات إصابة مشتبهة في مخيم الهول (الشرق الأوسط)

أعلنت القيادة العامة لقوات «الحماية الذاتية» المنتشرة شمال شرقي سوريا تعليق منح الإجازات لجميع الدفعات مؤقتاً؛ بهدف تقليل الاختلاط للوقاية من انتشار جائحة «كوفيد - 19»، في وقت حذرت الجهات الطبية والصحية العاملة في شمال غربي سوريا من انهيار القطاع الصحي في مناطق المعارضة، أمام استمرار تسجيل زيادة الإصابات بفيروس كورونا بوتيرة عالية قد تفوق قدرة استيعاب المشافي الطبية.
وقالت قوات «الحماية الذاتية» المنضوية في صفوف «قوات سوريا الديمقراطية» العربية - الكردية، في بيان نُشر على صفحات وحسابات تابعة للإدارة شرقي الفرات، إنها قررت إيقاف الإجازات مدة 20 يوماً تبدأ من تاريخ 1 من الشهر الحالي وتنتهي في 22 من الشهر نفسه. وستتوقف الفعاليات والاجتماعات العسكرية كافة، وستعمل على التقيد بإجراءات الوقاية والسلامة الصحية، في حين استثنت حركة الآليات والعربات التي تنقل مياه الشرب والطعام والمواد الغذائية للنقاط العسكرية، مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي والإجراءات الاحترازية.
وقال الدكتور جوان مصطفى، رئيس هيئة الصحة بالإدارة الذاتية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الإدارة تدرس العودة للإقفال الجزئي بعد مراقبتها للمخطط البياني لزيادة عدد الإصابات بفيروس كورونا في مناطقها خلال الأسبوعين الماضيين، «حيث أظهرت النتائج الأولية تصاعداً ملحوظاً بحصيلة الوباء؛ الأمر الذي دفع الإدارة لطلب عقد اجتماع لخلية الأزمة ودراسة فرض بعض القيود».
وسجلت طواقم هيئة الصحة في 7 مدن وبلدات خاضعة لنفوذ الإدارة الذاتية شرقي الفرات أمس، إصابة 149 حالة جديدة بفيروس كورونا، بينها حالة واحدة بمخيم الهول المكتظ، ليرتفع العدد الإجمالي حتى اليوم إلى 20798 إصابة إيجابية مؤكدة، بينها 788 وفاة، وتماثل 1960 للشفاء.
وذكر مصطفى، أن حزمة قرارات ستوضع على طاولة خلية الأزمة للنقاش واتخاذ قرارات مناسبة بشأنها، بينها «فرض الحظر على جميع التجمعات من حفلات الأعراس وإقامة خيم العزاء، إلى جانب منع الاجتماعات والمسيرات، وأنواع التجمعات كافة التي تسبب انتشار فيروس كورونا».
وطالب المسؤول الكردي الأهالي والسكان بالالتزام بالإجراءات الوقائية في ضوء التطورات الصحية المستجدة؛ «لحماية أنفسهم أولاً ومكافحة انتشار الجائحة بعد ظهور متحورات وفيروسات ثانية». واستبعد مصطفى وجود حالات إصابة بمتحور «دلتا» شديد العدوى، وقال «لم نسجل أي حالة حتى اليوم، وعلى الأرجح لم تدخل موجة (دلتا) إلى مناطقنا بعد».
وفي دمشق، أعلنت وزارة الصحة، أول من أمس (الأربعاء)، تسجيل 130 إصابة جديدة بفيروس كورونا في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ووفاة 5 حالات، وبلغت الحصيلة 28045 إصابة مؤكدة، بينها 2018 وفاة و22491 حالة شفاء، غير أن جهات حقوقية ومنظمات إنسانية شككت بالأرقام الحكومية المُعلنة وتخشى أنها أعلى من ذلك بكثير.
في سياق متصل، قال محمد حمادي، مسؤول المكتب الإعلامي بالدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، إن «موجة ارتفاع جديدة (خطيرة) تشهدها معظم المناطق شمال غربي سوريا؛ إذ سجلت الجهات الطبية 1401 حالة جديدة خلال اليومين الماضيين»، في حين عملت فرق الدفاع المدني على نقل أكثر من 50 مصاباً إلى مراكز الحجر والمشافي الخاصة بفيروس كورونا أمس، ودفنت 5 وفيات نتيجة الإصابة بالفيروس وسط إجراءات احترازية مشددة.
بدوره، أكد أمجد الحسن، العضو في فريق «منسقو الاستجابة في سوريا»، أن عدد الإصابات ضمن المدن والبلدات ومخيمات النازحين وصلت إلى 1440 مصاباً، بينهم نساء وكبار بالسن وأصحاب أمراض مزمنة، منوّهاً أنه تم تصنيف المناطق ذات الخطورة لثلاثة مستويات؛ العالية جداً والعالية والمتوسطة، وسجلت منطقة حارم 5235 مصاباً، وإدلب 2240 مصاباً، ومنطقة عفرين 2096 مصاباً، وتعتبر هذه المناطق ذات الخطورة العالية جداً.
بينما تشمل المناطق ذات الخطورة العالية، منطقة أريحا بـ1143 مصاباً، ومنطقة جرابلس بـ624 مصاباً. أما المناطق ذات الخطورة المتوسطة، فهي منطقة اعزاز بـ470 إصابة، ومنطقة جسر الشغور بـ384 إصابة، ومنطقة الباب بـ366 إصابة ومنطقة جبل سمعان بـ255 إصابة، وتعتبر هذه الإحصائيات من حيث التصنيف والتوزيع الجغرافي تطوراً خطيراً في انتشار فيروس كورونا.
ويشهد القطاع الطبي والصحي في شمال غربي سوريا عجزاً في احتواء الأزمة وارتفاع وتيرة أعداد المصابين بالفيروس؛ نظراً لعدم كفاية التجهيزات الطبية في مراكز العزل والحجر الصحي والمشافي العامة والخاصة على حد سواء؛ الأمر الذي قد يهدد بكارثة إنسانية غير مسبوقة على صعيد مكافحة «كورونا» واحتوائها قد تودي إلى انهيار القطاع الصحي في تلك المناطق.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.