فصائل تقصف «خطوط التماس» مع النظام شمال غربي سوريا

مقاتل يقصف مواقع النظام السوري شمال غربي البلاد (الشرق الاوسط)
مقاتل يقصف مواقع النظام السوري شمال غربي البلاد (الشرق الاوسط)
TT

فصائل تقصف «خطوط التماس» مع النظام شمال غربي سوريا

مقاتل يقصف مواقع النظام السوري شمال غربي البلاد (الشرق الاوسط)
مقاتل يقصف مواقع النظام السوري شمال غربي البلاد (الشرق الاوسط)

كثفت فصائل مقاتلة في غرفة عمليات «الفتح المبين»، قصفها بالقذائف المدفعية والصاروخية، الخميس، على مواقع تابعة لقوات النظام والميليشيات المساندة لها، في محاور ريف إدلب وحماة وحلب، «رداً على قصف الأخيرة المناطق المأهولة بالسكان المدنيين، والغارات الجوية الروسية».
وأفاد مسؤول في العلاقات الإعلامية في «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، بأن «أفواج المدفعية والصواريخ في غرفة عمليات (الفتح المبين)، استهدفت براجمات الصواريخ وقذائف المدفعية الثقيلة، إضافة إلى القصف بمدافع الهاون، ما يقارب 24 موقعاً عسكرياً لقوات النظام والميليشيات المساندة لها، في كل من حرش كفرنبل وبلدة شطحة والصفصافة وخان شيخون ومعرشورين وجورين ومعسكر جورين وناعورة جورين وقلعة ميرزا وحزارين ومعرة النعمان وبسقلا ومعصران ومعردبسة وحرش خان السبل والدار الكبيرة وحزارين ومعسكر الزيتون وعين سليمو والدرابلة والجيد والبحصة والملاجة، ومواقع عسكرية لقوات النظام في الفوج 46 وأخرى بريف حلب الغربي، ما أوقع عدداً من القتلى والجرحى في صفوف الأخيرة، وتدمير غرفة عمليات عسكرية لقوات النظام في مدينة كفرنبل ومرابض آليات ثقيلة في قرية حنتوتين شمال مدينة معرة النعمان شرق إدلب».
وأضاف أن «حملة القصف ما زالت مستمرة في إطار الرد على قوات النظام والميليشيات الإيرانية المساندة لها، أمام قصفها للمناطق المأهولة بالسكان المدنيين»، متوعداً «قوات النظام بمواصلة حملة القصف، حتى تتوقف عن استهداف المدنيين في المناطق الواقعة بالقرب من خطوط التماس، وترويعهم».
وأكد مصعب الأشقر، وهو ناشط ميداني في ريف حماة الغربي، أن «خطوط التماس بين قوات النظام وفصائل المعارضة السورية المسلحة، بدءاً من ريف اللاذقية الشرقي مروراً بجنوب إدلب وريف حلب الغربي تشهد تبادلاً عنيفاً بالقصف المدفعي والصاروخي من قبل الجانبين»، لافتاً إلى أن «قصفاً مدفعياً مكثفاً مصدره قوات النظام في معسكري جورين وميرزا، استهدف قرى زيزون وقسطون والزيارة والعنكاوي بسهل الغاب غربي حماة، وبلدات أخرى بريف إدلب، ما أسفر عن مقتل امرأة وإصابة 3 مدنيين من المزارعين بجروح خطيرة».
وأوضح أن التصعيد العسكري الذي شهدته المناطق في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي الغربي من قبل قوات النظام والميليشيات المساندة خلال الآونة الأخيرة، «حرم المزارعين من جني مواسمهم، حيث مساحات كبيرة من مزارع أشجار التين تقدر بنحو 100 هكتار، لم يتمكن أصحابها جني مواسمها، بسبب ضراوة القصف والغارات الجوية الروسية، فضلاً عن نزوح أكثر من ألفي مدني عن مناطقهم باتجاه المخيمات الحدودية».
إلى ذلك، قالت مصادر معارضة إن «النظام أرسل رتلاً عسكرياً مدعوماً بمئات العناصر وآليات مصفحة ودبابات إلى مشارف ريف حمص الشمالي، للتجهيز لعملية عسكرية مرتقبة تهدف إلى تمشيط كبرى المدن، الرستن وتلبيسة والغنطو، وقرى أخرى محيطة في ريف حمص الشمالي وملاحقة مجموعات لعناصر معارضين، كانوا قد أجروا تسوية مع حكومة النظام خلال السنوات الماضية، فيما لا تزال تمارس نشاطاً مناهضاً ضد قوات النظام في المنطقة، وتتمثل بعمليات اغتيال لعناصر وضباط في صفوف الأخير».
يأتي ذلك بعد فشل اللجان الأهلية في ريف حمص، خلال الأسبوع الحالي، في التوصل إلى حل سلمي مع لجان النظام الأمنية والعسكرية في إمكانية تسليم عناصر.
في محافظة حلب، بدأ عناصر من «ميليشيا لواء الرسول الأعظم المدعوم من إيران بالتمرد على القادة بحجة تدهور ظروفهم المعيشية وعدم رفع رواتبهم، ما دفع البعض إلى التمرد والقيام بسرقات أملاك الدولة العامة من كابلات ومعدات أخرى، وسرقة ذخائر، فيما يحاول البعض الانشقاق عن الفصيل والالتحاق بميليشيات ذات نفوذ ومردود مادي أكبر»، حسب مصادر معارضة، وقالت إن «معظم عناصر هذه الميليشيات من أبناء مدينة حلب». وفي سياق آخر، حذّرت الجهات الطبية والصحية في شمال غربي سوريا من انهيار القطاع الصحي أمام استمرار تسجيل الإصابات بفيروس كورونا بوتيرة عالية قد تفوق قدرة المراكز والمشافي. وقال محمد حمادي، وهو مسؤول في المكتب الإعلامي بالدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء»، إن «موجة ارتفاع جديدة خطيرة بأعداد الإصابات بفيروس كورونا تشهدها معظم المناطق في شمال غربي سوريا، إذ سجلت الجهات الطبية 1401 حالة جديدة مصابة بالفيروس، خلال اليومين الماضيين، فيما عملت فرق الدفاع المدني على نقل أكثر من 50 مصاباً إلى مراكز الحجر والمشافي الخاصة بفيروس كورونا يوم أمس، في الوقت الذي عملت فيه على نقل ودفن 5 وفيات نتيجة الإصابة بالفيروس وسط إجراءات احترازية مشددة».
من جهته، قال أمجد الحسن، وهو عضو في فريق «منسقو الاستجابة في سوريا» إن «الإصابات ضمن القطاع الصحي العامل في شمال غربي سوريا بلغت 217 مصاباً، بينما وصل عدد الإصابات ضمن المدن والبلدات ومخيمات النازحين إلى 1440 مصاباً، بينهم نساء وكبار بالسن، وأصحاب أمراض مزمنة».
وأوضح أنه تم تصنيف المناطق ذات الخطورة (العالية جداً والعالية والمتوسطة) حول عدد الإصابات بفيروس كورونا في شمال غربي سوريا على النحو التالي: منطقة حارم 5235 مصاباً أما منطقة إدلب 2240 مصاباً ومنطقة عفرين 2096 مصاباً، وتعتبر هذه المناطق ذات الخطورة العالية جداً، بينما المناطق ذات الخطورة العالية هي منطقة أريحا 1143 مصاباً ومنطقة جرابلس 624 مصاباً، أما المناطق ذات الخطورة المتوسطة هي منطقة أعزاز 470 ومنطقة جسر الشغور 384 ومنطقة الباب 366 ومنطقة جبل سمعان 255. وتعتبر هذه الإحصائيات من حيث التصنيف والتوزع الجغرافي تطوراً خطيراً في انتشار فيروس كورونا، في الوقت الذي بدأ يشهد فيه القطاع الطبي والصحي في شمال غربي سوريا، عجزاً في احتواء الأزمة وارتفاع وتيرة أعداد المصابين بالفيروس، نظراً لعدم كفاية التجهيزات الطبية في مراكز العزل والحجر الصحي والمشافي العامة والخاصة على حد سواء، الأمر الذي قد يهدد بكارثة إنسانية غير مسبوقة على صعيد فيروس كورونا وانهيار القطاع الصحي في مواجهة انتشار الفيروس واحتوائه.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.