البرلمان يختبر الأسبوع المقبل قدرته على مواجهة «الوكالات الحصرية»

اقتراح قانون للمرة الثالثة خلال 20 عاماً على جدول جلسة اللجان المشتركة

TT

البرلمان يختبر الأسبوع المقبل قدرته على مواجهة «الوكالات الحصرية»

تناقش اللجان المشتركة في البرلمان اللبناني، يوم الأربعاء المقبل، اقتراح قانون تقدمت به كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري لإلغاء الوكالات الحصرية وكسر الاحتكار في لبنان، وهو اقتراح يتم التقدم له للمرة الثالثة خلال 20 عاماً، وحالت الخلافات السياسية في السابق دون إقراره لتطبيق نظام «الأسواق المفتوحة».
ومنذ العام 2002، وهو تاريخ تقديم مشروع قانون أمام البرلمان اللبناني أعدته حكومة الرئيس الراحل رفيق الحريري، تمت مواجهة ذلك المشروع، ويتوقع ألا يسلك اقتراح القانون الحالي بسلاسة، وهو ما أشار إليه الرئيس نبيه بري يوم الثلاثاء الماضي حين أعلن عن الاقتراح الذي تقدمت به كتلته، وبات في عهدة اللجان المشتركة لدراسته، بالقول إنه على علم مسبق «بأن ما أطرحه سوف يُخرج أفاعي الاحتكار من جحورها».
ويعود قانون الوكالات الحصرية إلى العام 1967. وتحتكر مئات المؤسسات استيراد وتوزيع آلاف السلع، بينها 2335 سلعة وثقتها عقود الوكالات الحصرية بين العامين 2005 و2018، بحسب ما تُظهر بيانات وزارة الاقتصاد والتجارة، وتعطي فيها الشركات الأجنبية حق «التوزيع الحصري» لشركات لبنانية لمدة محددة قابلة للتجديد برضا الطرفين. وتتنوع السلع من المشتقات النفطية والغاز ومواد البناء والأدوية والآليات والسيارات، إلى المنتجات الغذائية والمواد الزراعية والمنتجات البتروكيميائية.
وأعلن بري أن كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها تقدمت سابقاً باقتراح قانون لإنهاء الاحتكار في مجال استيراد السلع على اختلافها، بما فيها الدواء والغذاء والمشتقات النفطية، داعياً إلى وجوب العودة اليوم «إلى مقاربة تشريعية تخلّص اللبنانيين من أي قانون جائر يمس بكرامتهم أو يقتلهم، كما هو حاصل اليوم».
وقال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم إن الاقتراح «سيكون على جدول أعمال جلسة اللجان المشتركة يوم الأربعاء المقبل بغرض دراسته»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «يهدف إلى كسر كل الاحتكارات في كل المواد والسلع وفتح باب المنافسة وإنهاء الوكالات الحصرية وحماية الاحتكارات في هذا الظرف». وقال: «الوقت مناسب الآن لولوج هذا الأمر، لأن مصلحة اللبنانيين تقتضي ذلك»، لافتاً إلى أن الأزمة المعيشية والاقتصادية القائمة «تظهر أن الاحتكارات كانت إحدى الأسباب التي زادت من حدة الأزمة»، مؤكداً «أننا نقارب الموضوع من كل الزوايا القانونية التي تحفظ الجودة والنوعية وإمكانية وصول السلع بسعر أقل إلى المستهلك نتيجة إتاحة التنافس بين التجار والمستوردين وتطبيق نظام السوق المفتوحة» المعمول به في دول أوروبية كثيرة.
وليست المرة الأولى التي يتلقى بها البرلمان اقتراحاً لإلغاء القانون الصادر في العام 1967. وبموازاة المساعي لانضمام لبنان إلى الشراكة الأوروبية والدخول إلى منظمة التجارة العالمية، أقرّ مجلس الوزراء برئاسة الرئيس رفيق الحريري في فبراير (شباط) 2002 مشروعات قوانين لتعديله. وأقرّ قانون إلغاء الحماية عن الوكالات الحصرية في مجلس النواب في العام 2004. قبل أن يردّ رئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود القانون إلى مجلس النواب. وأودع البرلمان أيضاً مشروع قانون في العام 2007 يهدف إلى تنظيم المنافسة، لكنه لم يُقرّ حتى الآن.
ولا يتوقع هاشم عراقيل سياسية شبيهة بما كانت عليه في العام 2002، بالنظر إلى أن الظروف تغيرت، وهو باب من أبواب الإصلاح، وينطلق من مصلحة اللبنانيين في هذه الظروف، مشيراً إلى أنه «من المفترض أن تكون مصلحة اللبنانيين أكبر من كل الأغراض السياسية، ويجب أن نفتح باب المنافسة».
وإذ لفت إلى «أننا لم نناقش الأمر مع أحد من القوى السياسية حتى الآن»، أكد أن «النقاش سيكون موضوعياً وعلمياً لطرح وجهة نظرنا وإقناع الآخرين»، معرباً عن قناعته بأن تفهم أغراض المقترح وأحداثه سيؤكد أن المصلحة ستعود على اللبنانيين، وليس على فريق واحد، وهي مصلحة عامة ستكون مادة للنقاش في اللجان المشتركة في مجلس النواب.
ويخضع نصف السوق المحلية للشركات الاحتكارية، ويهيمن ثلثها على 40 في المائة من الحصة السوقية. وأظهرت دراسة، أعدها الخبير الاقتصادي اللبناني توفيق غسبار في العام 2003، وتغطي 7402 مؤسسة، أن 7 شركات كبرى تسيطر على 60 في المائة من الاقتصاد اللبناني، وتتسم ثلثا الأسواق اللبنانية بطابع احتكاري. واتضح أن الشركات التي تملك أكبر نسبة مبيعات هي شركات استيراد المحروقات والصناعات المرتبطة بها والغاز المنزلي، كما تسيطر 5 شركات على الحصة الكبرى من سوق الأدوية. أما الإسمنت فتحتكره 3 شركات محلية، ويمنع القانون استيراده من الخارج.
وتضاعفت أرقام الوكالات الحصرية منذ العام 2003، تاريخ إجراء الدراسة، حتى الآن. وقدّر البنك الدولي في العام 2007 الريع الناتج من الاحتكارات في لبنان بأكثر من 16 في المائة من الناتج المحلي، وهو أكثر من مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلّي.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.