باسم مغنية لـ «الشرق الأوسط»: أتحدى نفسي ولا أجر مشاكل الكواليس إلى المشهد

يتشوق لشخصية «عمر» في «للموت 2»

باسم مغنية في «هروب»
باسم مغنية في «هروب»
TT

باسم مغنية لـ «الشرق الأوسط»: أتحدى نفسي ولا أجر مشاكل الكواليس إلى المشهد

باسم مغنية في «هروب»
باسم مغنية في «هروب»

تسرع باسم مغنية بزف وجود جزء ثان من مسلسل «للموت»، مع تحديد الموعد: رمضان 2022. وخلط الأوراق، وتسبب في خضة. لم يكن القرار قد حسم. كتب في نهاية الجزء الأول: «إلى اللقاء قريباً»، وتردد أن ثماني حلقات ستشكل جزءاً ثانياً يعرض قبل موسم الصوم. طالب «شاهد» باستكمال النجاح، فقد أسعدت الأصداء المنصة. «استبقت إعلان وجود جزء ثان بعفوية»، يقول لـ«الشرق الأوسط». ربما لأنه تشرب شخصية «عمر» حد استعجال إعادة ضخ الدماء في تفاصيلها وتناقضاتها. وأراد استعجال الوقت، فيحصد حرارة الإعجاب بأدائه. نلتقيه، هو المنهمك في تصوير مسلسل «هروب» مع شجون الهاجري. يؤلمه رحيل الأب، ويستعيد ذكراه بجمال الوفاء وحسرة الفراق. من نجوم لبنان الصريحين، ينتقد النفاق ويصوب على المنافقين.
نجح «تانغو» في رمضان 2018، فطرح نقاش هل نستعد لجزء ثان، خصوصاً أن نهايته مفتوحة؟ كان القرار بالتجديد. تجمع الأكثرية على ابتكار أفكار جديدة وشخصيات أخرى، لكن المنصة تجد النجاح مبرراً للأجزاء. تكتب نادين جابر الجزء الثاني من «للموت» بعد انسحابها من الجزء الثاني من مسلسل «عشرين عشرين». ماذا ينتظرنا يا باسم؟ «قرأت الحلقات الثلاث الأولى، فذهلت. ستشاهدون وتصدمون». انتهى الجزء الأول و«عمر» في السجن، مشحوناً بالغدر والطعنة. سيعود لينتقم. الأحداث موجودة، «والشطارة في ربطها وتجميعها»، وهنا، برأي مغنية، تتميز جابر.
يتذكر «تانغو» بنصه العادي والفكرة شبه الكليشيه: «زوجتي تخونني مع أعز أصدقائي. المعالجة صنعت المسلسل. في (للموت)، زوايا ذكية. أعد الناس بالمفاجأة من الحلقة الأولى. استمتعت وأنا أقرأ». متى التصوير؟ «هذا الشهر. سنكون من أوائل المنطلقين نحو الموسم الرمضاني».
تتفاوت النجاحات، ويبقى «عمر» الدور الأغنى. يوافق، «فالكركتير يختلف باختلاف الأشخاص. مع الحبيبة هو شخصية، ومع الصديق شخصية أخرى، ومع الخصم والحليف وفتاة السهر. كم استمتعت! وأيضاً كم تعبت!». يخبرنا أنه كان شاقاً أداء دور متعاطي المخدرات، بعينين حمراوين وحركة جسد متقلبة. «شخصية غنية تخرج مني الكثير».
يفضل الدور الجديد، ومنذ عشر سنوات وهو يتجنب التكرار: «إن لم أجد من أتحداه فأتحدى نفسي». كان ذلك الشاب المستضعف في «الشقيقتان»، يذهب إلى الجامعة بدراجته الهوائية. على نقيضه، أطل بشخصية «رامح» في «ثورة الفلاحين»: رجل مريض بجنون العظمة. الأدوار كثيرة، من «ربيع» في «كل الحب كل الغرام»، إلى «أسود»... وشريط الرحلة. نكهة النجاح ليست واحدة. هناك طعم ألذ من طعم: «أرفض الفشل في العمل».
يتفادى باسم مغنية صورة الممثل اللبناني الوسيم في قصص الحب الساذجة. يحن لأدوار رومانسية ولشخصيات يملأها صراع القلب. لكن «عمر» يحرك أعماقه: «لم أشبع منه بعد. أشعر برغبة في استعادة التجربة. أصبحت الشخصية مكتملة في داخلي، تمثل من دون استئذان».
يبشر بـ«دور مختلف» قد يؤديه، لا يزال على الورق: «سأكون مجنوناً». يرفع القبعة للمنتج جمال سنان صاحب شركة «إيغل فيلمز» لقراره التصوير في بيروت برغم كتل النار. أنجز نحو 25 في المائة من «هروب»، المنتظر عرضه عبر «شاهد». أبطاله لبنانيون، مصريون وخليجيون، يؤدي فيه شخصية «المحقق هشام». يكثر المتهمون، بينهم الهاجري، وتتعدد الفرضيات. «المحقق ذكي، وصوله إلى الهدف متعة». هو دور المحقق الثاني له بعد مسلسل «سر». يصفه بـ«الجميل جداً»، من دون تضخيم حجم غنى الشخصية. يفضل عدم تقييم النفس: «قد أراني الأهم والناس ترى العكس. أقدم كل ما أملك ولا أستخف بأي عمل. الأهم، أنني لا أجر المشاكل خلف الكواليس معي إلى المشهد. الناس لا يعلمون بما يجري ولا ذنب لهم بالمناكفات. أمقت التذرع، ولا أقول مثلاً إن الإخفاق في هذه اللقطة سببه ضعف ممثل آخر أو الخلاف معه. أحاول التعويض وأرفض الحجج».
الدور هو الممثل وكيفية صبه في القالب. لم تكتب مشاهد كثيرة لـ«رامح» في «ثورة الفلاحين» حتى الحلقة ثلاثين، حين يتسلم الحكم ويتكثف ظهوره. مع ذلك، علم وأثر. «هذا إنجاز»، يقول مغنية. «الاجتهاد يصنع الفارق».
يجد صاحب الملامح «البريئة» صعوبة في إقناع الناس بالشر. يتحدث عن جهد يصبه على وجهه لتصل الشخصية كما هي. وعن صعوبة العفوية خصوصاً في المشهد العادي. يثق بالممثل اللبناني، وبالنسبة إليه، «لا تنقصه سوى فرصة إيمان المنتجين والمنصات به». الفن ليس جنسيات؛ وفي الخليج ومصر ولبنان وسوريا، «ثمة أسماء عملاقة». لم يعلم عن شجون الهاجري شيئاً. شاهد مقاطع لها عبر «يوتيوب» وحين جمعهما المسلسل، لمح أمامه «عبقرية».
باسمان في فيديو انتشر عبر «السوشيال ميديا»: باسم ياخور وباسم مغنية، فماذا يطبخ؟ يكشف مغنية لـ«الشرق الأوسط» بأن عملاً تاريخياً ضخماً قد يجمعهما لم يحسم أمره بعد: «نعمل بصمت». ويكشف أيضاً عن مشاركته في مسلسل «ليالي الشمال»: «نخبوي سياسي يتناول هجرة السوريين إلى أوروبا. انتهى تصويره، ويجمع نجوماً من لبنان ومصر وسوريا والسويد». بالتوفيق.
بذكر الهجرة، يرفض التسويق لها، والحملات المنظمة لمغادرة لبنان. يخشى أن يحبط من لا يزال يتمسك بالأمل. «من أراد الهجرة، فليهاجر من دون ضجة». لنكن واقعيين، لبنان يخنق الإنسان. يجيب: «صحيح، وقد أبحث عن عيش مؤقت في الخليج أو مصر. لدي عائلة. المرء حر بخياراته، بشرط عدم التشويه».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».