ميقاتي على موقفه... و{يعطي فرصة} لوساطة اللواء إبراهيم

TT

ميقاتي على موقفه... و{يعطي فرصة} لوساطة اللواء إبراهيم

ينأى رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي عن التعليق على ما يروَّج له من أن الحكومة ستُشكَّل في نهاية هذا الأسبوع، وتنقل عنه مصادر مقربة منه أنه يترقَّب ما ستؤول إليه وساطة المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، لدى رئيس الجمهورية ميشال عون، وفريقه السياسي، لإخراج عملية تشكيلها من التأزم الذي يحاصرها، ليحدد موقفه بناء على ذلك.
وتؤكد المصادر أن ميقاتي يترك لوساطة اللواء إبراهيم أن تأخذ مداها الزمني الذي من غير الجائز أن يتجاوز الأيام المعدودة التي حددها لنفسه، والتي لن تقتصر على اختبار النيات فحسب، وإنما على استعداد عون وفريقه السياسي لرفع شروطهما التي ما زالت تعيق تشكيل الحكومة.
وتلفت إلى أن ميقاتي ليس في وارد الموافقة على تشكيل الحكومة بأي ثمن يراد منه إرضاء السياسيين، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن حكومة كهذه لن تكون قادرة على إنقاذ لبنان ووقف انهياره، لأنها تفتقد إلى المواصفات التي تتيح لها أن تستعيد ثقة اللبنانيين بدولتهم، ومن خلالهم ثقة المجتمع الدولي الذي لن يقدِّم المساعدة للانتقال إلى التعافي المالي إذا شُكِّلت الحكومة على غرار الحكومات السابقة.
وترى المصادر نفسها أن ميقاتي، وإن كان يعطي فرصة لوساطة اللواء إبراهيم لتعطيل الأفخاخ التي تؤخر ولادة الحكومة، فإن مهلة تنقُّله بين عون وميقاتي لن تكون قابلة للتمديد التلقائي، من دون أن تلوح في الأفق بوادر الانفراج بخلق المناخ المواتي لإنضاج الظروف التي تدفع باتجاه تشكيل الحكومة، وهذا يقع على عاتق رئيس الجمهورية الذي يبدِّل رأيه من حين لآخر، وينقلب على موقفه تارة بإعادة توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف، وتارة أخرى باستبدال أسماء وزراء كان قد طرحهم، وبادر لاحقاً إلى الانقلاب عليهم.
وفي هذا السياق، تقول مصادر مواكبة لوساطة اللواء إبراهيم إن ميقاتي لا يُدرج اعتذاره عن تشكيل الحكومة على جدول أعماله، في حال أن إبراهيم اصطدم بحائط مسدود، ولم يتمكن من إقناع عون بالتخلي عن شروطه، وإزالة العقبات التي تعيق تأليفها. وتؤكد أنه لم يتردد في الموافقة على تحرك إبراهيم لإبطال الذرائع التي يتذرع بها عون لتعطيل تشكيلها، بتحريض من فريقه السياسي الخاضع لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.
وتضيف لـ«الشرق الأوسط» أن ميقاتي يتطلع، من خلال ترحيبه بوساطة إبراهيم، إلى تمرير رسالة إلى المجتمع الدولي، ومن خلاله للأطراف الضامنة لإخراج لبنان من أزماته، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا، مفادها أنه لم يترك باباً إلا وطرقه لإقناع عون بالتخلي عن شروطه التي تؤخر ولادة الحكومة.
وتستغرب المصادر نفسها ما أخذ يشيعه بعض المقربين من الفريق السياسي المحسوب على عون من أن ميقاتي هو من يؤخر تشكيلها لأنه يريد تقطيع الوقت لتفادي الإحراج أمام المجتمع الدولي، على خلفية استقدام «حزب الله» لبواخر المازوت من إيران، في حال تزامن وصولها مع وجوده على رأس الحكومة، إضافة إلى أنه يتجنب إقحام حكومته في رفع الدعم، تاركاً لحكومة تصريف الأعمال اتخاذ القرار في هذا الخصوص.
وتكشف المصادر نفسها عن أن البواخر الإيرانية المحملة بالمحروقات لن ترسو في مرفأ بيروت، وإنما في مرفأ بانياس السوري، وهذا ما تأكد من خلال المراسلات «السرية» التي جرى تبادلها بين قيادة «حزب الله» وأطراف محلية، وتقول إن ميقاتي كان أول من أُعلم بهذه المعلومات، فيما يلوذ عون بالصمت، ويرفض التعليق عليها.
وترى أن عون بدخول رئيس مجلس النواب نبيه بري على خط المواجهة، وانضمام آخرين إليه من طوائف متعددة، حشر نفسه بـ«تطييف» معركة تشكيل الحكومة، خصوصاً أن بري -بحسب المصادر- عندما تحدث عن ضرورة تشكيل الحكومة قبل نهاية هذا الأسبوع، توخى من كلامه حشر رئيس الجمهورية، محملاً إياه مسؤولية إعاقة تشكيلها بإصراره على الثلث المعطل، فيما يتموضع رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي»، وليد جنبلاط، في موقع المراقب لما يدور، في ضوء التشاؤم الذي عكسه بري خلال استقباله له، محملاً عون مسؤولية هدر الوقت وإضاعة الفرص.
وقرر جنبلاط كذلك -كما تقول المصادر- الانقطاع عن تواصله مع باريس، بعد أن كان قد بادر إلى طرح تسوية لتسريع تشكيل الحكومة لأن البلد بات في حاجة إلى حكومة بأي ثمن لرفع المعاناة عن اللبنانيين.
لذلك ليس هناك من يعترض على تريث ميقاتي في إطلاق جرعة من التفاؤل، ما لم تصبح طريقه إلى بعبدا سالكة للإعلان عن تشكيل الحكومة، وهذا ما يدفعه لمراقبة إذا كانت وساطة اللواء إبراهيم قد أدت أغراضها، بإسقاط الشروط التي تؤخر ولادتها، وإلا سيكون له موقف آخر.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن ميقاتي -بحسب المصادر المواكبة- لن يقول الكلمة الفصل إلا بعد أن يتأكد من أن الدخان الأبيض سيتصاعد من الغرفة التي تجمعه بعون تحضيراً لإصدار مراسيم تشكيل الحكومة، شرط أن تحدث صدمة إيجابية، ولو محدودة لدى المجتمع الدولي، لأن اللبنانيين يتمهلون في إصدار الأحكام عليها، وينتظرون أفعالها لعلهم يمنحونها فترة من السماح.
وعليه، فإن ميقاتي -كما تقول المصادر- يؤكد باستمرار أن العبرة تبقى في التنفيذ، وهو يشارك بري في قوله: «لا تقول فول قبل أن يصير في المكيول»، ولا يأخذ بتسريبة تفاؤلية من هنا أو هناك لن يكون لها من مفاعيل إيجابية باتجاه إخراج التشكيلة الوزارية من المراوحة القاتلة.
أما إذا انتهت وساطة إبراهيم إلى النقطة التي انطلق منها، فإن ميقاتي -بحسب المصادر المواكبة- لن يعتذر، وإنما سيبقى ثابتاً على مواقفه، يخوض المواجهة مع عون بأسلحة سياسية ليست تقليدية، من دون أن يعني ذلك أنه في طريقه إلى الاعتكاف لتنظيم «هروبه» إلى الأمام، بدلاً من إصراره على مواصلة حشر من يعطل تشكيلها، مدعوماً من الأطراف الضامنة لإنقاذ لبنان، بعد أن قدم كل ما عليه من دون أن يبادله عون بالمثل.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.