جملة تسهيلات إسرائيلية «اقتصادية» للسلطة

تل أبيب تجاهلت مطالب سياسية وأمنية

متظاهرات في رام الله يطالبن بالإفراج عن الأسيرة أنهار الديك التي توشك على الولادة في سجون إسرائيل (أ.ف.ب)
متظاهرات في رام الله يطالبن بالإفراج عن الأسيرة أنهار الديك التي توشك على الولادة في سجون إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

جملة تسهيلات إسرائيلية «اقتصادية» للسلطة

متظاهرات في رام الله يطالبن بالإفراج عن الأسيرة أنهار الديك التي توشك على الولادة في سجون إسرائيل (أ.ف.ب)
متظاهرات في رام الله يطالبن بالإفراج عن الأسيرة أنهار الديك التي توشك على الولادة في سجون إسرائيل (أ.ف.ب)

منحت إسرائيل السلطة الفلسطينية تسهيلات اقتصادية فورية، بعد لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس بوزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس، لكنها تجاهلت مطالب فلسطينية سياسية أو أمنية أخرى.
وأعلن رئيس هيئة الشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ، أمس، أن خدمة G4 ستتوفر قريباً في فلسطين، مضيفاً: «إن إطلاق الخدمة سيشكل نقلة نوعية في عالم الاتصال والتواصل وارتقاء في مستوى الخدمات». وجاء الإعلان عن هذه الخدمة بعد موافقة الحكومة الإسرائيلية على منح 5 آلاف فلسطيني جمع شمل، والاتفاق بين دولة فلسطين ودولة قطر على المنحة لقطاع غزة، إضافة إلى حصول السلطة على قرض إسرائيلي بقيمة 500 مليون شيكل إسرائيلي، والسماح بدخول 15 ألف عامل آخر إلى إسرائيل، وبناء وحدات سكنية في منطقة «ج»، وكذلك تحويل الشركات الفلسطينية التي تعمل مع إسرائيل إلى نظام محوسبة رقمي بطريقة تضمن عائدات ضريبية للسلطة تصل إلى 10 ملايين شيكل سنوياً.
وتهدف التسهيلات التي أقرتها إسرائيل للفلسطينيين إلى تعزيز وتقوية السلطة الفلسطينية، بعد طلب أميركي ملحّ بهذا الشأن، لكن ذلك لا يشكل أي أفق سياسي، ولم يشمل الاستجابة لطلبات فلسطينية أخرى. وذكرت قناة «كان» العبرية أن الرئيس الفلسطيني طلب من غانتس إعادة تسليم جثامين العشرات من جثث الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل، كما طلب منه وقف اقتحام المناطق الفلسطينية المصنفة «أ»، والعمل على وقف عنف المستوطنين بالضفة. ووعد غانتس بدراسة الطلبات. وتقتحم إسرائيل مناطق السلطة بشكل يومي وتقتل وتعتقل فلسطينيين، بشكل يمس هيبة السلطة ويضر بها ويفقدها كثيراً من شعبيتها، كما تحتجز إسرائيل جثامين نحو 80 فلسطينياً، شارك بعضهم في عمليات قتل وإصابة إسرائيليين خلال السنوات الأخيرة.
طلبات أخرى تقدم به عباس، وهي جزء من طلبات أخرى مررتها السلطة أيضاً للأميركيين، وشملت إعادة فتح مؤسسات في القدس وإعادة ترتيب الوضع في المسجد الأقصى، وإطلاق سراح دفعة من الأسرى الفلسطينيين ووقف توسيع المستوطنات وعمليات الهدم، ووقف عمليات توغل الجيش الإسرائيلي في المدن الفلسطينية، وتسليم قوات الأمن الفلسطينية أسلحة إضافية، وإعادة أفراد الشرطة والموظفين وضباط الجمارك إلى معبر اللنبي الإسرائيلي، وتشغيل معبر البضائع في جسر دامية.
وشملت المطالب، كذلك، الدفع بمطار دولي في الضفة الغربية، ومنطقة حرة قرب أريحا، وتخصيص أراضٍ في المناطق «ج»، (منطقة تخضع للسيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية)، لإقامة مصانع ومحطة توليد كهرباء ومشروعات سياحية، ونقل صلاحيات التخطيط والترخيص إلى السلطة الفلسطينية وتعزيز نشاطها في المناطق «ب»، ويشمل ذلك مدّ أنابيب وقود لموانئ إسرائيل والأردن ومدّ سكة حديد للقطارات داخل الضفة الغربية. كما طلبت السلطة تعديل اتفاقية باريس الاقتصادية، بحيث يتم تحرير البضائع المتجهة إلى الضفة الغربية من الجمارك وألا تُجبى الجمارك من قبل إسرائيل.
واستجابت إسرائيل للطلبات الاقتصادية التي لا تتداخل مع الوضع السياسي أو الأمني. ولم تخلُ ردود الفعل من انتقادات لمضمون اللقاء، واعتبر المحلل السياسي هاني المصري أنه لقاء «يكرس تخفيض سقف السلطة إلى مستوى أمني اقتصادي، بهدف الحفاظ على بقائها في الضفة وغزة، من خلال تحسين شروط الحياة تحت الاحتلال والحصار والضم الزاحف على الأرض والحقوق والمقدسات». وفي حين قالت مصادر إسرائيلية، إن الرئيس عباس كان راضياً نسبياً عن اللقاء ويريد رؤية النتائج على الأرض، لم تكن الفصائل الفلسطينية كذلك. وقال أحمد المدلل، القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، إن النتائج تمثل استخفافاً بتضحيات الفلسطينيين، مضيفاً: «كل من يعتقد أن هناك جسور ثقة بيننا وبين الاحتلال الغاصب فهو واهن». وأردف: «الخيار الاقتصادي فاشل ومرفوض وطنياً».
وحذّرت الجبهة الديمقراطية من «أن تكون القضايا الاقتصادية والأمنية التي يتم بحثها هي السقف السياسي الذي ترسمه دولة الاحتلال للعلاقة مع شعبنا والسلطة الفلسطينية، بما يجعل من الحل الاقتصادي بديلاً للحل الوطني، وتحويل الحالة الراهنة إلى حل دائم لا يتجاوز سقف الإدارة الذاتية تحت سطوة الاحتلال ووفقاً لشروطه». ووصف الملتقى الوطني الديمقراطي نتائج لقاء عباس وغانتس بأنه «هبوط حاد لسقف السلطة». ورفضت «حماس» اللقاء بشدة، وقالت إنه طعنة في ظهر الفلسطينيين كلهم.
لكن حركة فتح استهجنت الهجوم على القيادة الفلسطينية من قبل بعض الأطراف السياسية الفلسطينية. واستغربت «توقيت هذا الهجوم، في الوقت الذي تغرق به هذه الأطراف بالفشل والمراهقة السياسية».
وصرّح عضو المجلس الثوري لحركة فتح والناطق الإعلامي باسم الحركة، إياد نصر، أنه «يجب التمييز بين من يعمل بصمت من أجل حل المشكلات التي تؤرق بال المواطن الفلسطيني، وبين من يبيعه الوهم والفشل رغبة منه بالمتاجرة بهمومه ومشكلاته». وأضاف: «كان من الأجدى بهذه الأطراف أن تساند القيادة لحل هذه المشكلات؛ خصوصاً المشكلات المالية التي اصطنعها الاحتلال، ومشكلات جمع الشمل وتطوير شبكات الاتصال الخلوية، ومشكلة المنحة القطرية».



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.