الأمم المتحدة لخفض تمويل قطاعات خدمية في اليمن

TT

الأمم المتحدة لخفض تمويل قطاعات خدمية في اليمن

أعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أن عدداً من الوكالات الأممية في اليمن ستبدأ خفض برامجها اعتباراً من أول سبتمبر (أيلول) بسبب النقص الحاد في التمويل، خاصة في قطاعات الصحة والمياه، وقال إن هذه الخطوة كارثية لملايين الأشخاص، لا سيما الذين يعيشون في المناطق النائية والمحرومة من الخدمات في أرجاء البلاد.
وذكر منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، ديفيد جريسلي، في بيان - تحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه - أنه «اعتباراً من سبتمبر 2021، قد تعود بعض الوكالات إلى برامج التخفيض، بما في ذلك المياه والصحة وقطاعات أخرى؛ بسبب نقص التمويل. وعدّها بالخطوة الكارثية لملايين الأشخاص». حيث لا تزال القطاعات الحيوية تعاني نقصاً حاداً في التمويل.
وما تلقته مجموعة الصحة حتى الآن لا يتجاوز 11 في المائة من الأموال التي تحتاج إليها هذا العام، بينما تلقت مجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة 8 في المائة فقط من الأموال المطلوبة. وقال جريسلي، إنه من الضروري أن يقدم المانحون التمويل الكافي والمتوازن عبر جميع القطاعات لتمكين وكالات المعونة من تجنب الأسوأ.
وشدد المسؤول الأممي على أهمية أن تتلقى الفئات الضعيفة المساعدة المنقذة للحياة، لا سيما الأشخاص الذين يعيشون في المناطق النائية والمناطق المحرومة من الخدمات. «بالإضافة إلى ذلك، توفر المرافق الصحية ومحطات المياه خدمات منقذة للحياة لملايين الأشخاص، ومن الضروري أن تظل عاملة».
ويعمل صندوق اليمن الإنساني على تمكين شركاء المساعدة من الاستجابة لاحتياجات الفئات الضعيفة وتوسيع نطاق خدمات الرعاية الصحية ذات الأولوية والمساعدات المائية الحيوية لملايين الأشخاص المحتاجين. وخصص صندوق رعاية الأسرة في يوليو (تموز)، مبلغ 50 مليون دولار أميركي لتحسين الظروف المعيشية، والحصول على المساعدة والحماية للأشخاص ذوي الإعاقة، والأقليات مثل المهمشين، والأسر التي تعولها سيدات، والأطفال الضعفاء، وغيرهم من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وتبع ذلك مبلغ إضافي قدره 5.44 مليون دولار قدمه الصندوق في أغسطس (آب) لتوفير دعم الوقود لضمان استمرار المرافق الصحية ومحطات المياه الحيوية في تقديم الخدمات المنقذة للحياة لملايين الأشخاص في جميع أنحاء اليمن.
ومن المعلوم أن مبلغ الـ50 مليون دولار، المقدم بموجب التخصيص القياسي الأول لصندوق الإسكان العام في عام 2021، سيستهدف المناطق ذات الاحتياجات العالية، على غرار مديرية السوادية في محافظة البيضاء، ومديرية عبس في محافظة حجة، ومديريتي بيت الفقيه وحيس في محافظة الحديدة ومديرية الحزم بمحافظة الجوف، وعدد من المديريات بمحافظات مارب وأبين والضالع. وسيوفر هذا التمويل المساعدة الطارئة المنقذة للحياة والحماية للنازحين داخلياً واللاجئين والمهاجرين والمجتمعات المضيفة الأكثر عرضة للخطر بسبب الاشتباكات الأخيرة وحالات النزوح.
ووفق بيان مكتب الشؤون الإنسانية، سيتم تخصيص نحو 25 في المائة من هذا التمويل للتدخلات القائمة على النقد؛ ما يسمح للعائلات النازحة بدفع الإيجار، وتجنب مخاطر الإخلاء، والاستثمار في تحسين سبل عيشهم أو تغطية احتياجاتهم الأساسية على النحو الذي يرونه مناسباً. وبشكل عام، سيستفيد 3.2 مليون شخص محتاج من 61 مشروعاً مدعوماً من أول تخصيص معياري. وسيذهب ما يقرب من 46 مليون دولار (92 في المائة من المخصصات) إلى المنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية، وكذلك جمعيات الهلال الأحمر، بينما سيذهب 4 ملايين دولار (8 في المائة) لوكالات الأمم المتحدة. في حين سيصل التمويل المخصص للمنظمات غير الحكومية الوطنية إلى 26 في المائة من المخصصات
وسيوفر مبلغ إضافي قدره 5.44 مليون دولار أميركي كجزء من التخصيص الاحتياطي؛ مما يضمن حصول المرافق الصحية على الوقود حتى شهر ديسمبر (كانون الأول)، وستكون محطات المياه ومرافق معالجة مياه الصرف الصحي قادرة على الوصول إلى الوقود حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني). كما ستتلقى اليونيسف 3.86 مليون دولار لتزويد 2.4 مليون شخص من المستضعفين بإمكانية الحصول على المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي. وستدعم 34 مرفقاً للمياه في جميع أنحاء اليمن بالوقود لضمان الحصول على مياه نظيفة ومحمولة ومعالجة مياه الصرف الصحي بشكل مناسب. هذا الدعم ضروري للحماية من عودة ظهور الكوليرا.
وبموجب ذلك، ستتلقى منظمة الصحة العالمية 1.58 مليون دولار لتوفير الوقود لـ206 منشآت صحية في جميع أنحاء اليمن لتلبية احتياجات الرعاية الصحية الحرجة لخمسة ملايين شخص. وستمكّن الأموال هذه المرافق من أن تظل مفتوحة وتدير الخدمات الحيوية المنقذة للحياة، مثل غرف العمليات ووحدات العناية المركزة. نظراً لأن 51 في المائة فقط من المرافق الصحية في اليمن تعمل بكامل طاقتها، ومن الأهمية أن تظل المرافق الصحية المتبقية مفتوحة، لا سيما في الوقت الذي يضغط فيه فيروس «كوفيد - 19» على نظام الرعاية الصحية اليمني المنهك بالفعل.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.