100 قتيل وجريح في قصف حوثي على قاعدة عسكرية شمال عدن

هادي يعزي أسر الضحايا ويتوعد الجماعة بـ«دفع الثمن»

سيارة إسعاف تنقل جرحى إلى مستشفى بمحافظة لحج اليمنية جراء قصف حوثي على قاعدة العند أمس (أ.ف.ب)
سيارة إسعاف تنقل جرحى إلى مستشفى بمحافظة لحج اليمنية جراء قصف حوثي على قاعدة العند أمس (أ.ف.ب)
TT

100 قتيل وجريح في قصف حوثي على قاعدة عسكرية شمال عدن

سيارة إسعاف تنقل جرحى إلى مستشفى بمحافظة لحج اليمنية جراء قصف حوثي على قاعدة العند أمس (أ.ف.ب)
سيارة إسعاف تنقل جرحى إلى مستشفى بمحافظة لحج اليمنية جراء قصف حوثي على قاعدة العند أمس (أ.ف.ب)

أفادت مصادر يمنية، أمس (الأحد)، بمقتل وجرح أكثر من 100 عسكري جراء هجمات حوثية منسقة يرجح أنها بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة مفخخة استهدفت قاعدة العند العسكرية الواقعة في محافظة لحج (60 كم شمال عدن) في أثناء تدريبات صباحية، وذلك في ثاني هجوم من نوعه يطال القاعدة نفسها خلال عامين.
وتوعد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في أول تعليق له على الهجوم، الميليشيات الحوثية بـ«دفع الثمن»، موجهاً الأجهزة الحكومية بتوفير الرعاية الصحية للجرحى. وقال هادي في تعزية لأسر الضحايا بثتها وكالة «سبأ» الرسمية: «إن ميليشيا الحوثي الإرهابية ستدفع الثمن غالياً، وستحاسب على كل جريمة ترتكبها بحق اليمنيين، وإن معركة الشعب اليمني ضد بقايا الإمامة والمشروع الفارسي في اليمن مستمرة، وستكلل بالنصر عما قريب».
وذكرت الوكالة أن الرئيس هادي وجه «وزارتي الدفاع والصحة بتوفير الرعاية الصحية الكاملة لجرحى العملية الإرهابية الغادرة». ونقلت عنه قوله: «إن تضحيات الشعب لن تذهب سدى، وإن محاولة الميليشيا الكهنوتية جر اليمن إلى الماضي البغيض ستفشل، وسيطوي الشعب صفحتها، ويقيم دولته الاتحادية».
ودعا هادي المكونات اليمنية في بلاده إلى «التكاتف والتلاحم» في مواجهة الميليشيا التي وصفها بـ«الإرهابية»، وقال: «من يتخيل أنه سيكون بمنأى عن مشروع الموت الذي تقوده ميليشيا الحوثي -بدعم إيراني- فهو واهم، وعلينا جميعاً في الصف الجمهوري أن نعي ذلك جيداً، وأن نوجه سهامنا نحو هذا العدو».
وشدد الرئيس اليمني على مزيد من «اليقظة والاستعداد القتالي لمواجهة أي تحركات معادية من قبل ميليشيا الحوثي، والالتزام بالأوامر والخطط العسكرية، بما يحقق النصر، ويخفف من الفاتورة الإنسانية»، وفق تعبيره.
وتشير دعوة الرئيس اليمني إلى «التكاتف»، في مناسبة الهجوم الحوثي الجديد، إلى تطلعه -كما يبدو- لإنهاء الخلاف مع المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في الحكومة الحالية، وصولاً إلى تنفيذ الشق العسكري والأمني من «اتفاق الرياض».
وفي سياق القصف الحوثي نفسه، قال متحدثون عسكريون يمنيون إن حصيلة القتلى حتى عصر أمس بلغت نحو 44 قتيلاً، في حين بلغت أعداد الجرحى نحو 60 آخرين، جلهم من الجنود المستجدين الذين كانوا يؤدون تدريباتهم الصباحية في القاعدة العسكرية التي تمتد طولياً في محافظة لحج إلى أكثر من 20 كيلومتراً، وتقع على بعد 60 كيلومتراً من مدينة عدن.
ووفق مصادر طبية، نقل الجرحى إلى مستشفيات عدة في مدينة الحوطة مركز محافظة لحج، وإلى مستشفيات أخرى في مدينة عدن. وقال نائب مدير مكتب الصحة بمحافظة لحج، عبد الحكيم ناجي، في تصريحات رسمية، إن عدد القتلى ارتفع إلى 24 جندياً في مستشفى ابن خلدون فقط، وإن 18 من الحالات الحرجة تم نقلها إلى مشافي العاصمة المؤقتة عدن.
ومن جهته، توعد محافظ لحج قائد اللواء 17 مشاة، اللواء الركن أحمد تُركي، الميليشيات الحوثية بالرد، في تصريحات له في أثناء تفقده للجرحى في مستشفى ابن خلدون، حيث قال: «الرد على الجريمة سيكون في جبهات القتال، وليس باتباع أساليب الخيانة والغدر والخداع المجردة من الإنسانية التي تنتهجها ميليشيا الحوثي».
إلى ذلك، أشار المتحدثون العسكريون اليمنيون إلى أن القصف تم بثلاثة صواريخ باليستية وطائرات مسيرة مفخخة، وأن الهجمات وفق ما أكده شهود انطلقت من منطقة الحوبان في محافظة تعز المجاورة التي لا تزال مديريات عدة فيها تخضع للجماعة الانقلابية.
وفي حين لم تتبنَّ الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران المسؤولية عن الهجوم، يرى مراقبون أنها دأبت على ذلك في سياق سعيها لبث الشكوك في أوساط القوات الموالية للحكومة الشرعية، والأخرى الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي، على غرار هجمات سابقة كانت قد استهدفت فيها معسكرات في مدينة عدن، إلى جانب القصف الذي طال مطار عدن في أثناء وصول الحكومة الجديدة أواخر العام الماضي.
وسبق للميليشيات الحوثية أن هاجمت قاعدة العند أوائل عام 2019 بطائرة مفخخة في أثناء احتفال حضره كبار قادة الجيش اليمني، وهو الهجوم الذي أسفر حينها عن مقتل وجرح نحو 30 عسكرياً، بينهم نائب رئيس الأركان صالح الزنداني.
ويقول مراقبون يمنيون إن الانقلابيين الحوثيين يبعثون من خلال هجماتهم المنسقة برسائل تشي بعدم رغبتهم في إحلال السلام، خاصة مع استمرار الجماعة في رفض مقترحات الأمم المتحدة والوسطاء الدوليين لوقف النار في عموم البلاد، تمهيداً للعودة إلى مفاوضات تقود إلى حل نهائي للصراع.
وتكثف الميليشيات الحوثية من هجماتها منذ فبراير (شباط) الماضي باتجاه مدينة مأرب من أكثر من اتجاه، أملاً في السيطرة على المحافظة النفطية، كما تقوم بحشد قواتها وتعزيزها باتجاه محافظات شبوة ولحج وأبين في الجنوب.
وفي أحدث التصريحات لرئيس الحكومة اليمنية، معين عبد الملك، اتهم الميليشيات الحوثية بالاستمرار في التصعيد العسكري، ودعا إلى تكاتف دولي تجاه ما يجري في بلاده لدعم الشرعية، والتحالف الداعم لها، بقيادة السعودية، لاستكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً.
وجدد رئيس الوزراء اليمني التأكيد على تعامل الحكومة الإيجابي مع الجهود والتحركات الأممية والدولية لإحلال السلام، وحرصها على توفر الشروط الموضوعية لهذا السلام، بموجب مرجعيات الحل الثلاثة المتوافق عليها محلياً، والمؤيدة دولياً، مشيراً إلى خطورة المشروع الإيراني، عبر وكلائه من ميليشيا الحوثي، على أمن واستقرار اليمن والمنطقة والعالم والملاحة الدولية.
وكانت تقارير يمنية قد أفادت بأن الميليشيات الحوثية استغلت سيطرتها على موانئ الحديدة (غرب) لتهريب معدات إيرانية عسكرية، إضافة إلى استقدام خبراء لإطلاق الصواريخ والطيران المسير وتجهيز الزوارق المفخخة لتهديد الملاحة في جنوب البحر الأحمر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.