أميركا تنهي أطول حروبها وواحدة من أكبر عمليات الإجلاء في تاريخها

بايدن يستقبل نعوش القتلى في أفغانستان ويعطي «الضوء الأخضر» لضربات إضافية

جنود بريطانيون لدى وصولهم إلى قاعدة في أكسفوردشاير ببريطانيا أمس بعد إجلائهم من أفغانستان (رويترز)
جنود بريطانيون لدى وصولهم إلى قاعدة في أكسفوردشاير ببريطانيا أمس بعد إجلائهم من أفغانستان (رويترز)
TT

أميركا تنهي أطول حروبها وواحدة من أكبر عمليات الإجلاء في تاريخها

جنود بريطانيون لدى وصولهم إلى قاعدة في أكسفوردشاير ببريطانيا أمس بعد إجلائهم من أفغانستان (رويترز)
جنود بريطانيون لدى وصولهم إلى قاعدة في أكسفوردشاير ببريطانيا أمس بعد إجلائهم من أفغانستان (رويترز)

تنهي الولايات المتحدة أطول حروبها وإحدى كبرى عمليات الإجلاء في تاريخها، مع إتمام انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان بحلول منتصف ليل 31 أغسطس (آب) وقبل 10 أيام فحسب من الذكرى السنوية العشرين لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية. وأعطى الرئيس الأميركي جو بايدن «الضوء الأخضر» لتنفيذ مزيد من الضربات ضد تنظيم «داعش - خراسان» الذي تبنى مسؤولية الهجوم الدامي الذي أدى إلى مقتل 13 من مشاة البحرية الأميركيين، المارينز، وعشرات من الأفغان، الخميس الماضي، على مدخل مطار حميد كرزاي الدولي في كابل.

ضربة استباقية
وبعد ساعات قليلة من كشف 3 من المسؤولين الأميركيين أن الجيش لا يزال يطارد المتورطين بالهجوم في كابل، بعد قتل اثنين من التنظيم الإرهابي وجرح آخر، في هجوم نفذته طائرة أميركية من دون طيار، استهدف «مخطط» الهجوم ضد القوات الأميركية، أعلن مسؤولون في وزارة الدفاع البنتاغون أنه جرى بالفعل تنفيذ ضربة عسكرية يعتقد أنها استباقية ضد تهديد «موثوق به». وأظهر شريط فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي دخاناً يتصاعد من مبنى في كابل وأشخاصاً يحاولون إخماده بالمياه. وقال مسؤول أفغاني، طلب عدم نشر اسمه، إن الانفجار نتج عن صاروخ أصاب منزلاً. ولم يتضح على الفور ما إذا كان المنزل الذي أصيب هو هدف الضربة الأميركية.
غير أن وسائل الإعلام الأميركية أفادت أن طائرة أميركية مسيرة استهدفت انتحارياً في مركبة مفخخة، ما أدى إلى وقوع انفجارين.
وكانت السفارة الأميركية في العاصمة الأفغانية أكدت قبيل ذلك أن هناك «تهديداً محدداً وموثوقاً» لمنطقة المطار، طالبة من الأميركيين الابتعاد «فوراً» عن المنطقة.
وصباح أمس، استقل طلاب الجامعة الأميركية في أفغانستان وعائلاتهم حافلات متجهة إلى المطار، فيما قد يكون اليوم الأخير لإجلاء المدنيين.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان إن الولايات المتحدة لديها القدرة على إجلاء نحو 300 مواطن أميركي كانوا لا يزالون في أفغانستان حتى أمس ويريدون المغادرة قبل الموعد النهائي. وأضاف أن الخطة الحالية للإدارة لا تتمثل في «وجود مستمر للسفارة» بعد الانسحاب النهائي للقوات. وعلى رغم «ترجيح» وقوع مزيد من الهجمات، قال سوليفان إن الولايات المتحدة أظهرت أنها قادرة على «قمع التهديد الإرهابي (...) على الأرض (...) وسنفعل ذلك في أفغانستان». وأكد أن خطر وقوع هجوم جديد «كبير للغاية».

بايدن يستقبل الجثامين
وتوجه الرئيس بايدن إلى قاعدة دوفر الجوية في ولاية ديلاوير للانضمام إلى عائلات الجنود الـ13 الذين قتلوا في انفجار الأسبوع الماضي. ولم يعلن البيت الأبيض الرحلة مقدماً، علماً أن هذه هي المرة الأولى التي يشهد فيها إعادة جنود قتلوا أثناء أداء واجبهم منذ توليه الرئاسة. وقال بايدن، في بيان مكتوب، إن «أفراد الخدمة الـ13 الذين فقدناهم كانوا أبطالاً قدموا التضحية القصوى في خدمة أعلى مُثلنا الأميركية، وفي الوقت نفسه إنقاذ أرواح الآخرين». وأضاف: «مكّنت شجاعتهم ونكران الذات أكثر من 117 ألف شخص معرضين للخطر من الوصول إلى بر الأمان حتى الآن».
وأكد مسؤول أن بايدن أعطى وزارة الدفاع البنتاغون «الضوء الأخضر» لضرب أي أهداف تابعة لـ«داعش - خراسان» في أفغانستان من دون السعي إلى الحصول على موافقة مسبقة من البيت الأبيض. وقال إن «توجيهات الرئيس هي أن تفعلوا ذلك فقط»، مضيفاً أنه بناء على ذلك «إذا وجدنا مزيداً منهم، سنضربهم». وكان بايدن أفاد في بيان أن الضربة ضد الإرهابيين «ليست الأخيرة. سنواصل تعقب أي شخص متورط في هذا الهجوم الشائن ونجعله يدفع الثمن». وأكد أن «الوضع على الأرض لا يزال خطيراً للغاية، ولا يزال التهديد بشن هجمات إرهابية على المطار مرتفعاً»، محذراً من أن هجوماً آخر على المواقع الأميركية «مرجح للغاية في غضون الساعات الـ24 إلى الـ36 المقبلة».
ولاحقاً أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تحذيراً للمواطنين الأميركيين لمغادرة محيط مطار كابل، مشيرة إلى «تهديد محدد موثوق به».
وأكد الميجر جنرال ويليام تايلور أن الجيش واثق من أنه سيتمكن من العثور على متعاونين إضافيين. وقال: «نحن نفتش»، مضيفاً أن «عندما نعثر على واحد، يصيرون قذرين، وهذا ما يتيح لنا العثور على آخرين». وقال أيضاً: «من دون تحديد أي خطط مستقبلية، سأقول إننا سنستمر في امتلاك القدرة على الدفاع عن أنفسنا والاستفادة من القدرة في الأفق لإجراء عمليات مكافحة الإرهاب بحسب الحاجة».
وفي معرض مناقشة المخاوف من أن «طالبان» ستغلق البلاد، توقع وزير الخارجية أنطوني بلينكن أن تواصل «طالبان» السماح للأشخاص بمغادرة أفغانستان بعد 31 أغسطس. وقال: «أوضحت 114 دولة أنها تتوقع أن تسمح (طالبان) بحرية السفر بعد 31 أغسطس. لذلك، هذا توقع واضح في كل أنحاء العالم، عبر المجتمع الدولي بأسره». وأضاف أن الولايات المتحدة «تتأكد من أن لدينا كل الأدوات والوسائل اللازمة لتسهيل السفر لأولئك الذين يسعون إلى مغادرة أفغانستان بعد 31 أغسطس».
وتطرق إلى مسألة ما إذا كان هناك أي أمل في أن بعض حلفاء الولايات المتحدة الذين لا يزالون داخل أفغانستان - وخاصة أولئك الذين ساعدوا الولايات المتحدة خلال 20 عاماً حيث كانت القوات الأميركية في البلاد - ستكون لديهم فرصة لمغادرة البلاد إذا لم يتمكنوا من الوصول إلى المطار في كابل مع انتهاء عمليات الإجلاء الدولية. وقال: «كنا نخطط بنشاط كبير، لما سيكون ضرورياً للحفاظ على عمل المطار، سواء لجعله يعمل بشكل صحيح، فوراً بعد الـ31 أو إذا لزم الأمر اتخاذ الخطوات المطلوبة لإعادة فتحه في الوقت المناسب، والعمل مع دول المنطقة المهتمة جداً بالمساعدة». واعتبر أن «لدى (طالبان) مصلحة قوية في وجود مطار يعمل، والشعب الأفغاني لديه مصلحة قوية في وظائف المطار، والمجتمع الدولي بأسره لديه هذه المصلحة».

لا وجود دبلوماسياً
واستبعد بلينكن أن يكون للولايات المتحدة أي «وجود دبلوماسي على الأرض» في أفغانستان في الأول من سبتمبر. لكنه تعهد بأن تواصل إدارة بايدن مساعدة أولئك الذين يريدون الخروج من هذه البلاد. وقال إنه «فيما يتعلق بوجود دبلوماسي على الأرض في الأول من سبتمبر، من غير المحتمل أن يحدث هذا. لكن ما سيحدث هو أن التزامنا بمواصلة مساعدة الأشخاص على مغادرة أفغانستان الذين يريدون المغادرة والذين لم يغادروا بحلول الأول من سبتمبر، سيستمر». وأكد أنه «ليس هناك موعد نهائي لهذا الجهد. ولدينا طرق وآليات للمساعدة في تسهيل المغادرة المستمرة للأشخاص من أفغانستان إذا اختاروا المغادرة».
وأفاد الناطق باسم البنتاغون جون كيربي أن الانسحاب من المطار بدأ، لكنه أضاف أنه لا يمكن مناقشة عدد الأفراد المعنيين. وأشار تايلور إلى أن المعدات يجري نقلها أيضاً كما كان مخطط لها في الأصل.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.