«النواب الليبي» لحسم مصير حكومة الوحدة في غياب الدبيبة

قائد ميليشيات يعترف بسيطرة تركيا على الغرب

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مستقبلاً رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة في عمان أمس (أ.ف.ب)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مستقبلاً رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة في عمان أمس (أ.ف.ب)
TT

«النواب الليبي» لحسم مصير حكومة الوحدة في غياب الدبيبة

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مستقبلاً رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة في عمان أمس (أ.ف.ب)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مستقبلاً رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة في عمان أمس (أ.ف.ب)

من المتوقع أن يحسم مجلس النواب الليبي اليوم مصير حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في جلسة سيغيب الدبيبة عنها، بسبب زيارته التي بدأها أمس إلى الأردن، فيما اعترف قائد ميليشيات موالية للسلطة الانتقالية بسيطرة تركيا عسكرياً على الغرب الليبي.
وقال مكتب الدبيبة إنه بحث خلال زيارته إلى الأردن، برفقة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، مع الملك عبد الله الثاني، عدداً من الملفات التي تهدف إلى تعزيز العلاقات بين البلدين.
من جهته، قال عبد الله بليحق، الناطق باسم مجلس النواب، إن الجلسة المقررة لمحاسبة الحكومة ستعقد اليوم في موعدها المعلن عنه سلفاً، في مقر المجلس في مدينة طبرق، موضحاً أن البند المطروح حتى الآن على هذه الجلسة هو مساءلة رئيس الحكومة، وأن مناقشة الميزانية المقترحة للدولة عن العام الجاري التي قدمتها الحكومة، متوقفة على ما أنجزته اللجنة المالية التي شكلها المجلس بهذا الخصوص ومدى جاهزيتها لطرحه.
ولفت بليحق، في بيان له أمس، إلى عدم الحاجة لتوافر نصاب من الحاضرين، بحكم أن الجلسة السابقة كانت معلقة، والنصاب سيكون وفق المواضيع المطروحة في حينها.
وفي إطار المماحكات القائمة بين الدبيبة والسلطات في شرق ليبيا، منعت الأخيرة نائبه حسين القطراني من عقد مؤتمر صحافي في مدينة بنغازي لتدشين مشروع «عودة الحياة» للتنمية الذي أعلن عنه الدبيبة مؤخراً.
وقالت مصادر غير رسمية إن قوة عسكرية تدخلت لمنع إقامة المؤتمر في أحد فنادق المدينة الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني.
والتزمت حكومة الدبيبة الصمت حيال هذه التطورات، رغم أنها خصصت، عبر منصاتها الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، بثاً مباشراً لمرحلة تحضيره، لكن مصادر حكومية قالت في المقابل إن القطراني طلب تأجيل انطلاق المؤتمر الذي كان يفترض أن يتضمن إعلان خطة مشروعات التنمية في المنطقة الشرقية، ضمن خطة أطلقتها الحكومة.
بدوره، اجتمع المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، مساء أول من أمس، في مكتبه في الرجمة، مع رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيتش والوفد المرافق له.
ولم يفصح حفتر عن فحوى المحادثات، لكنه قال لاحقاً، في بيان وزعه مكتبه، إن كوبيتش اجتمع أيضاً عقب اللقاء مع وفد الجيش إلى اللجنة العسكرية 5+5 لمناقشة آخر الأوضاع والمستجدات على الساحة الليبية.
وقبل هذا الاجتماع، بحث الفريق أول عبد الرازق الناظوري، رئيس الأركان العامة للجيش، مع أعضاء اللجنة وضع الخطط لتطوير عملها والاستعداد لجميع المستجدات.
بدوره، اعترف العميد صلاح بادي، قائد ميليشيات ما يعرف باسم «لواء الصمود» المحسوب على السلطة الانتقالية في ليبيا، بسيطرة تركيا حالياً على غرب البلاد. وقال في تصريحات مساء أول من أمس: «كنا نسيطر على المحاور ونحن من نسيرها، واليوم نحن منزوعو الإرادة ولا نتحكم بشيء».
وتابع أن «تركيا أصبحت تسيطر على كل شيء. حتى على السياسة الخارجية، وأنا ممنوع حاليا من السفر».
وزعم بادي، المطلوب دولياً بتهمة ارتكاب جرائم حرب، أن ما حدث في حرب طرابلس عام 2019 هو اتفاق روسي تركي بأن يهزم حفتر عسكرياً ويبقى سياسياً»، زاعماً أن وفداً مصرياً ينقل الرسالة إلى مدينة مصراتة.
واعتبر بادي أن «الانتخابات في هذا الوقت غير ناجحة»، لافتاً إلى أن «الوضع في ليبيا لا يسمح بإجراء انتخابات نزيهة مع تواجد المرتزقة في البلاد».
وقال بادي إنه يطالب بسحب كل المرتزقة والقوى الأجنبية، واصفاً ما يحدث في ليبيا بأنه «ارتهان للخارج»، وطالب بفتح تحقيق في كل ما حدث منذ عام 2011، مؤكداً أنه سيكون أول من يمتثل له ومستعد للمحاسبة.
من جهة أخرى، دخلت النقابة العامة للنفط على خط الأزمة المتعلقة بإقالة وزير النفط محمد عون مصطفى صنع الله من منصبه كرئيس لمؤسسة النفط الحكومية، وتسمية جاد الله العوكلي خلفاً له.
واتهم بيان للنقابة صنع الله بالمسؤولية عما وصل إليه قطاع النفط من تخبط إداري وعبث، بتجاهله للقوانين واللوائح والقرارات الخاصة بتنظيم علاقات العمل، واعتبر أن هذا التعنت في الاستمرار بالتشبث بالمنصب والادعاء بأنه مدعوم من جهات خارجية، ألقى بظلاله على عمليات الإنتاج والتصدير وأدى إلى ضياع حقوق عمال النفط، وتدني مستوى الخدمات في المواقع النفطية.



مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
TT

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)

عقب «موافقة مبدئية»، يواصل مجلس النواب المصري (البرلمان)، مناقشة مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، الذي قدَّمته الحكومة، بهدف «توسيع مظلة الدعم النقدي» للفئات الفقيرة.

وأقرَّ «النواب»، مبدئياً مشروع القانون، الأحد الماضي، في حين واصل أعضاؤه مناقشة نصوصه، على مدار يومَي الاثنين والثلاثاء. وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، مايا مرسي، إن «القانون يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، ويستهدف مأسسة منظومة الدعم النقدي، بتحويل المنظومة من مجرد برنامج ومبادرات مثل (تكافل وكرامة) إلى حق ينظمه القانون»، وفق بيان لوزارة التضامن.

وأقرَّت الحكومة المصرية عام 2015، برنامجاً للحماية الاجتماعية باسم «تكافل وكرامة» لتقديم دعم نقدي بشكل شهري للفئات الأكثر فقراً. ويصل عدد المستفيدين منه 21 مليوناً، جرى تخصيص 41 مليار جنيه مصري لهم، في موازنة العام المالي، وفق وزارة التضامن المصرية (الدولار يوازي 49.6 جنيه مصري).

ووفق البيان، عدَّدت وزيرة التضامن، أهداف التشريع الجديد، ومنها «استدامة دعم الفئات الأكثر احتياجاً، وحوكمة الدعم، والتحقق من المستفيدين سنوياً»، إلى جانب «ضمان أن يكون الدعم مقدماً من موازنة الدولة، وليس من خلال قروض ومنح مؤقتة».

وأشارت إلى أن «التشريع الجديد، يلتزم بمعايير حقوق الإنسان، بتوفير الحماية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي لكل شخص بالمجتمع».

ومن المواد التي أقرَّها مجلس النواب، الثلاثاء، أن «لكل مواطن تحت خط الفقر القومي، ولا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي، الحق في التقدم للحصول على دعم نقدي»، كما أقرَّ نصّاً بشأن «درجة الفقر للأفراد والأسر بناء على خريطة الفقر والمؤشرات الدالة عليه»، على أن تحدد اللائحة التنفيذية للقانون درجات الفقر، والإجراءات المتبعة لمَن يستحق الدعم النقدي.

ووفق تقرير للبنك الدولي، في مايو (أيار) الماضي، ارتفع معدل الفقر في مصر، من 29.7 في المائة في العام المالي 2019 - 2020، إلى 32.5 في المائة عام 2022.

ويمثل مشروع القانون، «استحقاقاً دستورياً»، وفق وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي بمصر، المستشار محمود فوزي، الذي أشار إلى أن «التشريع يستهدف مدَّ مظلة الضمان الاجتماعي، واستكمال الاستحقاقات الدستورية المتعلقة بشبكة الأمان الاجتماعي، والتوسع في مفهوم الفئات الأولى بالرعاية والحماية، باستحداث وضم وشمول فئات جديدة، لم تكن مستفيدة»، وفق إفادة لوزارة الشؤون النيابية.

وكانت الحكومة المصرية، أحالت التشريع الجديد، إلى البرلمان، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

وحسب تقرير لجنة التضامن بالبرلمان المصري، فإن القانون يستهدف «حماية الأسر الأفقر، والأقل دخلاً»، إلى جانب «كفالة حقوق ذوي الإعاقة، وكبار السن، والأيتام»، بجانب «إلزام الأسر المستفيدة من الدعم، بالاستثمار في صحة الأطفال، وانتظامهم في التعليم»، ولا يتوقف القانون عند تقديم الدعم، ولكنه يهدف إلى «التمكين الاقتصادي لهذه الفئات، للخروج تدريجياً من الفقر».

بدوره، يرى عضو البرلمان المصري ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أيمن محسب، أن «التشريع الجديد سيسهم في تحسين شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع مظلته، لتشمل جميع الفئات الأولى بالدعم، وكفالة حقوقهم»، مشيراً إلى أن «القانون يتسق مع خطوات الإصلاح الاجتماعي التي تسعى لها الحكومة المصرية حالياً».

وينصُّ مشروع القانون على نوعين من المساعدات النقدية: الأول، يشمل دعماً نقدياً مشروطاً (تكافل)، ويُقدَّم للأسر الفقيرة، بما فيها الأسر التي لديها أبناء، أما الدعم الثاني فهو غير مشروط (كرامة)، ويُقدَّم للأفراد الفقراء من ذوي الإعاقة والمرضى وقدامى الفنانين والرياضيين والأدباء، وأسند القانون، لرئيس الوزراء، قرار تحديد قيمة الدعم النقدي، على أن تتم مراجعة القيمة كل 3 سنوات.

وقال محسب لـ«الشرق الأوسط»، إن «التشريع الجديد، يمهِّد الطريق أمام الحكومة المصرية، للتحول إلى نظام الدعم النقدي بدلاً من العيني». وأعاد ذلك إلى أن «القانون ينص على حوكمة برامج الدعم المُقدَّمة للحماية الاجتماعية، ويعتمد على قواعد بيانات دقيقة يتم تحديثها بشكل دوري، وسيتم ربطها بالمتغيرات الاقتصادية مثل معدلات التضخم»، عادّاً أن تلك الإجراءات، «من بين خطوات تطبيق الدعم النقدي».

وتتزامن مناقشات التشريع الجديد، مع مناقشات أخرى أعلنتها الحكومة المصرية، داخل «الحوار الوطني» (الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين)، مع خبراء ومتخصصين، لبحث التحول من نظام الدعم العيني إلى نظام الدعم النقدي للفئات الأولى بالرعاية.

وتتطلع الحكومة المصرية لبدء تطبيق منظومة الدعم النقدي، مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده قد تبدأ في التحول من دعم السلع الأولية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة، للفئات الأولى بالرعاية»، وربط البدء في التطبيق «بالتوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في الحوار الوطني».

وتُطبِّق الحكومة المصرية منظومةً لدعم السلع الضرورية منذ عقود طويلة، بهدف خفض نفقات المعيشة للفئات الأولى بالرعاية، ويحصل المواطن على السلع المدعمة من خلال منظومة البطاقات التموينية، لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لمنظومة الدعم على الموازنة العامة، في ظل التوسع في عدد السلع المدعمة خلال السنوات الماضية.

من جهته، ينظر مدير «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية»، عبد المنعم السيد، إلى مشروع القانون بوصفه «منظماً لسياسات الحماية الاجتماعية في مصر»، مشيراً إلى أن «القانون يختلف في نصوصه عن تشريعات مماثلة في دول أخرى، وفق الأولويات الاقتصادية والاجتماعية في مصر».

ويرى السيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن التشريع «يحقق مرونة أمام الحكومة المصرية في تقديم الدعم النقدي خلال الأزمات والكوارث الطبيعية والأوبئة، كما حدث في جائحة (كورونا)»، مضيفاً أنه «يشمل تحت مظلته، فئات تتضرر بشكل مفاجئ مثل العاملين في القطاعات غير الرسمية، والذين يفقدون وظائفهم».