ضباط يرغمون الحوثيين على التراجع عن قرار تسريحهم

TT

ضباط يرغمون الحوثيين على التراجع عن قرار تسريحهم

أفادت مصادر أمنية في صنعاء بأن المئات من ضباط وجنود الأمن أرغموا الميليشيات الحوثية على التراجع عن قرار كانت اتخذته الميليشيات يقضي بتسريحهم من وظائفهم، على خلفية الشك في ولائهم، واتهامهم بالانتماء إلى حزب «المؤتمر الشعبي».
يأتي ذلك بعد قرار حوثي حوثي قضى قبل أيام بتسريح نحو 3 آلاف ضابط يعملون بجهازي الأمن السياسي والقومي (المخابرات) ومديري إدارات ورؤساء أقسام أمنية وإحلال عناصر موالين للجماعة تم إعدادهم لإحكام القبضة على جميع مفاصل الأجهزة الأمنية الخاضعة للميليشيات.
وتحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، عن تلقي رئيس مجلس حكم الانقلاب، مهدي المشاط، قبل أيام رسالة احتجاج مرفقة بتوقيعات 1500 ضابط أمني توعدوا فيها بعدم الصمت إزاء قرار تسريحهم التعسفي، مهددين فيها باستقطاب المئات من الجنود والضباط الآخرين لتنفيذ اعتصامات تشمل جميع المدن الخاضعة للميليشيات.
وأشارت المصادر إلى أن الضباط توعدوا بأنهم سيكررون تجربة مئات الضباط الجنوبيين الذين ثاروا في عام 2007 ضد عمليات الإقصاء والتهميش التي مورست حينها بحقهم في سبيل انتزاع حقوقهم. المصادر ذاتها أفادت بأن القيادي الحوثي المشاط رضخ لمطالب الضباط الأمنيين بعد اتصالات ومشاورات عدة أجراها مع زعيم الانقلابيين وقيادات ميليشاوية أخرى.
وكشفت المصادر عن توجيهات أصدرها رئيس مجلس الانقلاب الحوثي إلى القيادي في الجماعة المدعو رشيد أبو لحوم المعين في منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير المالية بحكومة الانقلابيين، تحضه على تجميد قرارات الإحالة إلى التقاعد المتعلقة بالأمنيين بالوقت الحالي وإيجاد صيغة تمكنهم من إلغائها بشكل نهائي.
وكانت مصادر يمنية مطلعة كشفت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، عن شن الجماعة حليف إيران في اليمن، أواخر يوليو (تموز) الماضي حملات ملاحقة واعتقال طالت المئات من منتسبي الأجهزة الأمنية في العاصمة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، بالتزامن مع إصدارها قراراً بإحالة نحو 3 آلاف جندي وضابط من منتسبي الأمن النظاميين، إلى التقاعد القسري، دون وجود أي مسوغات قانونية، وذلك في سياق استكمالها تصفية مَن لا يكنّون الولاء والطاعة لزعيمها، عبد الملك الحوثي.
وتحدثت المصادر عن مواصلة الميليشيات في صنعاء ومدن أخرى شن حملات استهداف ممنهجة أسفر بعضها عن اعتقال مئات الأمنيين غير المؤدلجين طائفياً بحجة إخضاعهم بالقوة لتلقي دورات تصفها الجماعة بـ«التنويرية».
وأرجعت المصادر أسباب قيام الجماعة بارتكاب تلك «المجزرة الوظيفية» إلى رفض هؤلاء الجنود والضباط حضور دورات التعبئة الفكرية، وعدم انصياعهم لأوامر الجماعة في الإدارات والأقسام الأمنية التي يعملون بها.
وذكرت أن الميليشيات أحالت ضباطاً وجنوداً من جهازي الأمن السياسي والقومي (المخابرات) وآخرين من مصلحة الأحوال المدنية وممن يعملون في الجوازات وأقسام وإدارات الأمن في صنعاء ومدن أخرى للتقاعد الإجباري، رغم أن غالبيتهم لم تتجاوز فترة عملهم السن القانونية للإحالة للتقاعد.
وتأتي تلك الحملة من التعسفات المتكررة بحق الموظفين الأمنيين طبقاً للمصادر، في سياق ما تمارسه الجماعة منذ انقلابها من أعمال عدائية وانتقامية بحق الآلاف من منتسبي ذلك القطاع، شمل بعضها جرائم الإقصاء والفصل الوظيفي والملاحقة والاختطاف والإجبار بالقوة على حضور وتلقي دورات طائفية.
وعمدت الميليشيات خلال فترات ماضية، وفي سياق استكمال مخطط حوثنة ما تبقى من القطاع الأمني، إلى تخريج عشرات الدفع الأمنية من أكاديميات ومعاهد شرطة في صنعاء ومدن يمنية أخرى تحت سيطرتها، وتشير المعلومات إلى أن أغلب الخريجين من تلك الكليات والمعاهد هم ممن ينتمون إلى مناطق معينة بمحافظة عمران ومن صعدة (المعقل الرئيسي للميليشيات)، طبقاً لمصادر تحدثت في وقت سابق أيضاً عن تخرج أربع دفعات أمنية تضم مئات العناصر المشبعة بالفكر الحوثي، على مدى شهرين ماضيين في صنعاء وريفها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.