«الفريسكا» تركب موجة التغيير على الشواطئ المصرية وينافسها السوشي

تسالي المُصطافين تتبدل بحسب «ترند» المؤثرين على التواصل الاجتماعي

TT

«الفريسكا» تركب موجة التغيير على الشواطئ المصرية وينافسها السوشي

اعتاد كثير من المصطافين المرتادين للشواطئ المصرية على تسلية أوقاتهم بتناول حلوى «الفريسكا» التي يجوب بها رجل حاملاً صندوقاً زجاجياً. ومن لا يعرف «الفريسكا» فإنها حلوى قريبة إلى البسكويت، مكونة من طبقتين بينهما طبقة من الفول السوداني المُحلى أو من المكسرات، وبعض صانعي «الفريسكا» يتفننون في إضافة رشة من جوز الهند أو السمسم. ولأن مدينة الإسكندرية كانت عبر التاريخ حضناً لجنسيات عدة مثل اليونانيين والإيطاليين، يقول المؤرخون إن هذه الحلوى تعد امتزاجاً ثقافياً بين المصريين وشعوب أخرى يجمعهم «المتوسط».
هذا الصندوق الزجاجي، الذي يجوب الشاطئ، لا يقتصر على «الفريسكا» فحسب، فالبائعون على مر السنوات كانت لديهم محاولات إلى التطوير والتجريب، إذ ظهرت حلوى أخرى بسيطة يميل لها الأطفال، وهي التفاح الأحمر المُغطى بالعسل والمثبت على عصا خشبية.
وإذا رغبِت في طبق «حادق» فلن تجد أمامك سوى «أم الخلول» وهي نوع من فواكه البحر القريبة إلى المحار، لها شهرة خاصة على شاطئ الإسكندرية، تضاهي «الفريسكا»، وبدلاً من الصندوق الزجاجي يحمل بائع «أم الخلول» ما يطلق عليه «المِشنة» المصنوعة من الخوص وبداخلها كميات من «المحار الشعبي» الذي يتناوله زوار الإسكندرية نيئاً مضافاً إليها بعض من عصير الليمون، ويمكنك شراؤها وإعدادها في المنزل مع فصوص الثوم ورشة الكزبرة الخضراء. وبين نسمات الهواء المحمل باليود، باتت الأكلات البسيطة التي تُقدم دون لفائف أو أطباق جزء من ثقافة المصريين على مر السنين.
ومع تبدل الأذواق وتعدد المذاقات، ظهر تنوع غذائي عصري يناسب المُصيّفين من طبقة اجتماعية واقتصادية مختلفة، لا سيما مع ظهور «الساحل الشمالي». فهناك لا مكان لباعة جائلين إلا بشروط، أما خيارات الطعام والتسلية فهي أكثر تنوعاً مما تتخيل لتُرضي كل ما تشتهيه نفسك. شواطئ «الساحل الجديد» تقدم كل ما لذ وطاب، بداية من شطائر البرغر والهوت دوغ وصولاً إلى أطباق السوشي، بالطبع ليس من خلال باعة جائلين، فهناك عربات جذابة تقدم خدمة التوصيل إلى حيث مكان المصيف تحت «الشمسية»، فهناك الرفاهية هي الأساس.
ويقول مطور الوصفات المصري محمد البحيري، لـ«الشرق الأوسط»: «لا جدال حول أن مأكولات الشاطئ تغيرت بتغير ثقافة المُصيف الذي أصبح يريد المزيد من الرفاهية، الآن أصبح جزء من عمل المطاعم الشهيرة هو تلبية احتياجات زوار الشواطئ من خلال إقامة «أكشاك» تُقدم كل ما لذ وطاب، حتى إنه أصبح بإمكانك تناول وجبة كاملة مع التمتع بنسمات البحر، كذلك، محال البقالة الشهيرة أصبحت تُخصص جزءاً من خدماتها لتجهيز علبة تحوي تشكيلة من الأجبان والشطائر وربما السلطات والمُسليات يمكن للمُصيف أن يحملها إلى الشاطئ».
أما عن الأكلات البحرية التقليدية التي ارتبط بها المصريون يقول البحيري: «ما زالت الفريسكا هي الحلوى الأساسية على الشاطئ، ولكن لم تعد تُباع بالطريقة التي اعتدنا عليها في السابق، فقد أصبحت مُغلفة، صحيح أنك ربما تشعر بغضاضة تغيير الكلاسيكيات، ولكنها انعكاس مقبول للتطور».
ويتحدث عن ثقافة الأكل في شواطئ الرفاهية، قائلاً: «يعود ذلك إلى عدة أسباب، أهمها أن هذه الحلوى باتت جزءاً من تاريخ وثقافة الطعام المصري، كما أن نكهتها اللذيذة أبت أن يكون لها منافس، كذلك، ثمة قيمة غذائية لـ(الفريسكا) ساهمت في ترسيخها على قمة أكلات الشاطئ، فهي حلوى صحية ومغذية، تمد الجسم بالطاقة فضلاً عن القيمة الغذائية للمكسرات والسمسم الغنية بالدهون والبروتين والمعادن الطبيعية مع عسل النحل الطبيعي، (الفريسكا) ما زالت معاصرة وما زالت تسالي الشاطئ الأول». وعن التطور الذي لحق بأكلات الشاطئ يقول مطور الوصفات: «ما يحدث أمر يستحق التشجيع والإعجاب، الأكل مثل أي ثقافة بحاجة إلى تطوير، بل ربما أكثر لأنه يمس الحياة اليومية للأفراد، والمصيف هو الفرصة الحقيقية للترفيه والرفاهية، لافتاً إلى أن القائمين على الأنشطة الغذائية استغلوا هذه الرغبة بذكاء وساهموا في تطور مفهوم وأسلوب أطباق الشاطئ».
كما أي تطور له وجهان، وهو ما يؤكد عليه «البحيري»، ويقول: «صحيح أن ما يحدث يستحق التوقف والتشجيع، لكن الأمر لا يخلو من بعض الممارسات الغذائية التي ربما تعزز السلوكيات الغذائية الخاطئة، مثل إضافة صلصة الجبنة على جميع أكلات الشاطئ، ربما تبدو شهية للبعض لكن المبالغة لها أضرار صحية تظهر لاحقاً».
وفي خضم الحديث ظهرت «أم الخلول» مجدداً وكأنها فاكهة البحر التي لن تختفي في أي رحلة شاطئية، لا سيما إذا كانت على شاطئ البحر المتوسط، خصوصاً في ظل تطور عملية البيع، فأصبحت تُباع في أطباق أنيقة مع صلصة الليمون والكمون، أما من يسير وراء «الترند» يتناولها بصلصة الجبنة.
ويعلق البحيري على ارتباط التطور الغذائي بصراعات مواقع التواصل الاجتماعي ودورها الأصيل في ذلك، ويقول: إن مواقع التواصل الاجتماعي هي من يقف وراء «الترند»، حتى فيما يخص الطعام تنتقل الأفكار والعادات كالعدوى وتتحول إلى موضة، قد يكون «الترند» إيجابياً أو سلبياً في الحقيقة، لكن «المؤثرين» ينقلون الواقع بنظرتهم المرتبطة بأهداف نفعية لأن المنشورات وصناعة «الترند» غدت مهنة.


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات «عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.