بايدن يتهم الصين بإخفاء «معلومات حيوية» عن منشأ «كورونا»

تقرير استخباراتي لم يحسم الجدل... وبكين ترفض «التلاعب السياسي»
تقرير استخباراتي لم يحسم الجدل... وبكين ترفض «التلاعب السياسي»
TT

بايدن يتهم الصين بإخفاء «معلومات حيوية» عن منشأ «كورونا»

تقرير استخباراتي لم يحسم الجدل... وبكين ترفض «التلاعب السياسي»
تقرير استخباراتي لم يحسم الجدل... وبكين ترفض «التلاعب السياسي»

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أن الصين تعيق جهود المحققين الدوليين وتخفي «معلومات حيوية» تتعلق بمنشأ فيروس «كورونا»، الذي تسبب حتى الآن بوفاة أكثر من 4.5 مليون شخص وبشل الاقتصاد العالمي على نطاق واسع. جاء ذلك في تصريحات لبايدن، بعد نشر وكالات الاستخبارات الأميركية تقريراً عن نتائج تحقيقات، كان أمر بإجرائها لمعرفة منشأ وأصول الفيروس.
وقال بايدن إن «هناك معلومات مهمة حول منشأ هذا الوباء موجودة في جمهورية الصين الشعبية، ولكن منذ البداية، عمل المسؤولون الحكوميون في الصين على منع المحققين الدوليين وأعضاء مجتمع الصحة العامة العالمي من الوصول إليها». وأضاف: «حتى يومنا هذا، تستمر الصين برفض الدعوات للشفافية وتقوم بحجب المعلومات، رغم أن الخسائر الناجمة عن هذا الوباء مستمرة بالارتفاع».
في المقابل، اتهمت السفارة الصينية في واشنطن أجهزة الاستخبارات الأميركية بـ«تلاعب سياسي». وقالت السفارة في بيان إن «تقرير أجهزة الاستخبارات الأميركية يكشف أن الولايات المتحدة عازمة على اتباع المسار الخاطئ المتمثل بالتلاعب السياسي»، معتبرة أن «تقرير أجهزة الاستخبارات يستند إلى فرضية أن الصين مذنبة، وهذا فقط لجعل الصين كبش فداء».
وتم تقديم نسخة سرية من التقرير الاستخباراتي إلى الرئيس الأميركي الثلاثاء الماضي. كما تم إبلاغ لجنتي القيادة والرقابة بالكونغرس بالتقرير. ويكشف التقرير غير السري الذي حجبت بعض المعلومات الحساسة منه، أن «كوفيد - 19» ظهر على الأرجح لدى أشخاص تعرضوا له على نطاق ضيق في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، في حين حدثت أول الإصابات العنقودية بالفيروس في إقليم ووهان الصيني بعد شهر.
وتوصلت أربع وكالات من بين أجهزة الاستخبارات ومجلس الاستخبارات الوطني، إلى تقييم بثقة منخفضة أن الفيروس انتشر على الأرجح بشكل طبيعي من حيوان لإنسان. في حين أكدت وكالة واحدة بثقة متوسطة أنه ظهر على الأرجح نتيجة حادث بأحد المختبرات.
وقال التقرير إن كل أجهزة الاستخبارات اتفقت على أن فيروس «كورونا» المستجد الذي يعرف باسم «سارس - كوف - 2» لم يتم تطويره كسلاح بيولوجي، وأن المسؤولين الصينيين لم تكن لديهم معرفة سابقة بالفيروس قبل ظهوره بين السكان.
كما اتفقت أجهزة الاستخبارات، بمستوى منخفض من الثقة، أنه من غير المرجح أيضاً أن يكون الفيروس قد تم تعديله جينياً. وكان بايدن قد طلب في شهر مايو (أيار) الماضي من وكالات الاستخبارات الأميركية التحقيق في منشأ الفيروس التاجي في غضون 90 يوماً. وجاء طلبه عقب صدور تقرير عن منظمة الصحة العالمية، أشار إلى عدم تعاون السلطات الصينية مع محققيها للوصول إلى وثائق حساسة قد تساعد على كشف منشأ الفيروس، علما بأن تقريرها الأول الذي صدر في بدايات العام كان قد استبعد فرضية تسربه من مختبر ووهان، المدينة التي ظهر فيها الوباء.
ويواصل العديد من الباحثين ومسؤولي المخابرات والعديد من المشرعين الجمهوريين في الكونغرس الأميركي، الاعتقاد بأن علماء معهد ووهان لعلم الفيروسات ربما قاموا بتعديل الفيروس وراثيا داخل المختبر، باستخدام نوع مثير للجدل من الأبحاث يُعرف باسم «البحث المكتسب من الوظيفة»، الذي قد يكون أصاب الباحثين الذين نشروه في مجتمعاتهم من دون قصد. ولا يزال العديد من العلماء يعتقدون أن السيناريو الأكثر ترجيحا هو أن الفيروس انتقل من الحيوانات إلى البشر بشكل طبيعي. ولكن رغم اختبار آلاف الحيوانات، عجز الباحثون عن تحديد الوسيط الذي نقل الفيروس إلى الإنسان.
من جهته، وجد عالم فيروسات أميركي في يونيو (حزيران) الماضي، أن 13 تسلسلاً جينياً لمصابين بكوفيد - 19 خلال الأيام الأولى للوباء بووهان الصينية، حذفت نتائجه من قاعدة بيانات في الإنترنت بشكل غامض. وقال جيسي بلوم، العالم المتخصص في التطور الفيروسي في مركز «فريد هاتشينسون» لأبحاث السرطان، إنه تمكن من استعادة نسخ من البيانات المحذوفة، متهماً الصين بمحاولة إخفاء التسلسلات الجينية، في إشارة إلى احتمال حذف السلطات الصينية لهذه البيانات للتستر على أصل الوباء، بحسب قوله.
وفي تقرير صدر يوم الاثنين الماضي عن النائب الجمهوري مايكل ماكول، بالنيابة عن مشرعين جمهوريين في مجلس النواب الأميركي يتمسكون بنظرية أن الفيروس تسرب من المختبر، قال إن «الأدلة تشير إلى أن فيروس كورونا أطلق عن طريق الخطأ» من مختبر ووهان عام 2019.
وفي مايو الماضي، انتقد 18 عالماً متخصصاً تقرير منظمة الصحة العالمية الخاص بأصول الوباء كونه فشل في إعطاء «اعتبار متوازن» لنظرية تسرب الفيروس من مختبر معهد ووهان لعلم الفيروسات، وهي النظرية التي استبعدها الفريق الدولي المكلف بحث منشأ الوباء في تقريره الأول الذي صدر بداية العام. وكان الفريق المكون من علماء من منظمة الصحة العالمية ونظرائهم الصينيين زاروا ووهان في يناير (كانون الثاني) الماضي لبحث أصول الوباء، قد خلص إلى أن فيروس كورونا المستجد انتقل للإنسان عبر حيوان وسيط. غير أن تقريراً ثانياً صدر عن مسؤولين في منظمة الصحة العالمية بعد ثلاثة أشهر، أعاد التشكيك بنتائج التقرير الأول، عندما أشار إلى عدم قدرة محققي المنظمة على الوصول إلى البيانات الضرورية بسبب عدم تعاون السلطات الصينية.



الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».