مهرجان «مذاق».. تزاوج بين فني الرسم والطعام

الأول من نوعه في السعودية والخليج العربي

مهرجان «مذاق».. تزاوج بين فني الرسم والطعام
TT

مهرجان «مذاق».. تزاوج بين فني الرسم والطعام

مهرجان «مذاق».. تزاوج بين فني الرسم والطعام

تناغم نسيم الربيع المغلف بالبرودة الهادئة مع تفاعل الفنانين في عدة مجالات سواء تشكيلية أو في مجال فن تحضير الطعام الخفيف والمتنوع لينتج عنه مهرجان شبابي من نوع خاص تقوم عليه فتيات طموحات من المنطقة الشرقية حمل هذا المهرجان اسم «مذاق».
وبحسب القائمين على هذا المهرجان الذي أقيم لمدة يومين في حديقة الأمير سعود بن نايف وسط أهم المواقع الحيوية والتجارية الواقعة بين مدينتي الخبر والظهران فإن هذا المهرجان هو الأول من نوعه، وهو كذلك فريد حيث لم يسبق أن أقيم مهرجان بهذا الشكل على مستوى المملكة أو حتى على مستوى الخليج العربي.
وتقول الشابة نورة المسؤولة عن تنظيم المهرجان وهي شابة طموحة دائما تسعى لأن تقدم شيئا لمجتمعها من خلال الجمع ما بين الترفيه والتعلم أن هذا المهرجان يعتبر مزيجا منسجما ما بين الفن والطعام، حيث يمتزج ذلك سويا ليعزف سيمفونية رائعة لأصحاب الذوق الرفيع والراقي.
وتضيف نورة لـ«الشرق الأوسط»: «ما يميز هذا المهرجان أنه أقيم في ساحة ربيعية تحيط بها كل عوامل الجمال، حيث تحيط بالحديقة أكبر المجمعات التجارية بالمنطقة الشرقية، والأبراج الجميلة إضافة إلى أرقى الأحياء بالمنطقة وهذا ما جعل هذا المهرجان يلقى نجاحا فاق التصورات».
وبينت أنها حينما بدأت فكرة تنظيم هذا المهرجان وتحركت على الجانب الرسمي من أجل الحصول على الموافقات من الجهات الحكومية المختصة لكون المهرجان سيقام في حديقة عامة كانت تملك في مخيلتها أفكارا كثيرة أصرت على تطبيقها، كما أن موقع الحديقة قد يسبب نوعا من التزاحم على اعتبار أنها في موقع تجاري وسكني فريد من نوعه تطلب تعاونا أمنيا رسميا لإكمال الصورة الجميلة والرائعة لنجاح هذه المناسبة، حيث كان الجميع في الموعد، وعلى مدى يومين كان الجميع منبهرا مما رآه في هذا المهرجان، حيث شكل ذلك تحفيزا كبيرا لهم كمنظمين لمواصلة الجهود لتنظيم المزيد من المهرجانات الفريدة من نوعها، حيث إن الشباب السعودي سواء كان من الذكور أو الإناث لديه الكثير من الأفكار والمواهب يمكن أن ينجزها على أرض الواقع.
وفي كل مواقع الحديقة تتزاحم (الأكشاك) الصغيرة التي تم تشييدها بطرق بسيطة تسهل نقلها من موقع لآخر التي تحوي على أدوات فنية فريدة من نوعها، حيث يتنافس الجميع على تقديم المنتج الخاص به وخصوصا الفتيات، حيث إن المنتجات المعروضة حوت الكثير من أصناف الأكلات السريعة المحضرة وفق ذوق رفيع وأخذت على عاتقها توفير الجانب الصحي، كما أن هناك منتجات يدوية خاصة وثمينة، في وقت تنافس فنانون تشكيليون على عرض لوحاتهم الجميلة، أما الخطاطون فكان لهم دور في إنعاش هذا المهرجان من خلال تقديم أنواع كثيرة من الخطوط العربية التي تحكي عن عراقة هذه اللغة وتعزز مكانتها بين لغات العالم، خصوصا أن هذا المهرجان كان مفتوحا وتوافد عليه زائرون من عدة جنسيات مقيمة في المملكة وتحديدا في المنطقة الشرقية. وبالعودة إلى نورة التي تعمل مع مجموعة من الفتيات وبمساهمة بعض الشباب وجميعهم من المتطوعين كخلية النحل، حيث يجوبون كل أرجاء موقع المهرجان ويقدمون كل الخدمات اللازمة، ويأخذون بالاعتبار كل الملاحظات سواء كانت صغيرة أو كبيرة، مما جعل من هذا المهرجان واحدا من أفضل المهرجانات الربيعية في الشرقية رغم ضعف الإمكانيات.
تقول نورة عن هذا المهرجان من حيث الفكرة: «يعتبر هذا المهرجان هو مزيج بين عدة أفكار حيث إن هناك من يفضل أن يوجد في مهرجان أكلات خاصة لتذوق الأشهى منها، وهناك من يفضل أن يوجد في مهرجان فنون تشكيلة أو خط عربي أو تسوق أو غير ذلك من المهرجانات الشعبية، وكان دمج هذه الأفكار أمرا صعبا وكان هناك تخوف بصراحة من فشل هذه التجربة، ولكن في الأيام الأخيرة التي سبقت انطلاق المهرجان، تعززت الثقة والتفاؤل بالنجاح، خصوصا مع تأكيد أعداد متزايدة من المهتمين في هذه المجالات كافة وجودهم وحضورهم بل ومشاركتهم الفاعلة».
وترى أن السعودية تستحق أن تكون الأولى دائما والرائدة على مستوى الخليج العربي على الأقل من حيث تنوع المهرجانات خصوصا في ظل وفرة الإمكانيات البشرية والفكرية، والتعاون الكبير من الجهات الحكومية المختصة وكذلك التفاعل الإيجابي غالبا من القطاع الخاص، في وقت تنظم بعض الدول الخليجية مثل الكويت مهرجانات شعبية قد تكون بسيطة من حيث الأفكار وحتى التفاعل من بعض الجهات فيها ولكنها تلقى نجاحات مشهودة نتيجة الشوق من قبل أبناء الخليج عموما للعودة إلى ماضيهم ودمجه بالحاضر الجميل.
وعن الكيفية التي وصلت من خلالها لأكبر شريحة من المشاركين قالت نورة: «كانت وسائل التواصل الاجتماعي هي المنفذ الرئيسي بالنسبة لي وللقائمين على هذا المهرجان للوصول إلى أكبر عدد من شرائح المجتمع وخصوصا الشباب منهم، وهذا الأمر وفر الكثير من العناء، خصوصا أن الجميع كما ذكرت متشوق لمثل هذه المهرجانات».
وضمت ساحة «مذاق» كل من الرسامين والمصورين والمصممين والحرفيين والطهاة وأصحاب المشاريع المتفردة بمواهب متميزة تتعلق بالفنون والطعام. بالإضافة إلى مشاركة جمعيات ونواد محلية تهدف لتوعية المجتمع في مجالات مختلفة ومنها نادي المكفوفين، حيث يشارك بأعمال فنية وحرفية. وهذا ما جعل تكرار تجربة هذا النوع الفريد من المهرجانات مطلبا واسعا من المشاركين أو حتى الزائرين الذين اعتبر بعضهم أن فترة اليومين غير كافية لإشباع الرغبة في المتعة واللقاء الجميل، خصوصا في ظل الأجواء الجميلة التي تشهدها المنطقة الشرقية هذه الأيام حيث عودة الغيوم لتغطية السماء وتساقط الأمطار الخفيفة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».