نتنياهو يفوز في الانتخابات.. ويتجه لتشكيل حكومة يمين متطرفة

عودة لـ {الشرق الأوسط}: سنخوض مع اليمين كفاحًا مسؤولاً من مقاعد المعارضة > عشراوي تدعو المجتمع الدولي إلى إنهاء حصانة إسرائيل

بنيامين نتنياهو يحيي مؤيديه داخل مقر حزب الليكود في تل أبيب بعد إعلان فوزه في الانتخابات الإسرائيلية أمس (أ.ب)
بنيامين نتنياهو يحيي مؤيديه داخل مقر حزب الليكود في تل أبيب بعد إعلان فوزه في الانتخابات الإسرائيلية أمس (أ.ب)
TT

نتنياهو يفوز في الانتخابات.. ويتجه لتشكيل حكومة يمين متطرفة

بنيامين نتنياهو يحيي مؤيديه داخل مقر حزب الليكود في تل أبيب بعد إعلان فوزه في الانتخابات الإسرائيلية أمس (أ.ب)
بنيامين نتنياهو يحيي مؤيديه داخل مقر حزب الليكود في تل أبيب بعد إعلان فوزه في الانتخابات الإسرائيلية أمس (أ.ب)

خلافا لجل استطلاعات الرأي ونتائج الانتخابات النموذجية، حقق نتنياهو فوزا ساحقا على منافسه إسحاق هرتسوغ، بحصوله على 30 مقعدا، وبفارق 6 مقاعد عن المعسكر الصهيوني، الذي حصل على 24 مقعدا. أما المفاجأة الثانية والحقيقية فتمثلت في الانتصار الكبير الذي حققته «القائمة المشتركة»، التي تضم الأحزاب العربية الوطنية الأربعة، بحصولها على 14 مقعدا، لتصبح بذلك ثالث أكبر الكتل في الكنيست.
وقد جاءت هذه النتائج بعد فرز 99 في المائة من الأصوات، لكنها ليست نهائية، إذ ما زالت لجنة الانتخابات تفرز وتعد أصوات الجنود في الجيش والشرطة والمخابرات وفي صفوف المرضى والمساجين. وهذه الأصوات يتم فرزها مرتين، لأنها لا تتم في الصناديق العادية.
وبموجب النتائج المذكورة، حصل «يش عتيد» بقيادة يائير لبيد على 11 مقعدا، و«كولانو» بقيادة موشيه كحلون على 10 مقاعد، وحزب المستوطنين «البيت اليهودي» بقيادة نفتالي بنيت على 8 مقاعد، وحزب اليهود الشرقيين المتدينين «شاس» على 7 مقاعد، وحزب اليهود المتدينين الآشكناز «يهدوت هتوراه» على 7 مقاعد، و«يسرائيل بيتينو» بقيادة أفيغدور ليبرمان على 6 مقاعد، وحزب اليسار الصهيوني «ميرتس» على 4 مقاعد.
ومن المتوقع أن تؤدي أصوات الجنود إلى زيادة مقعد لليكود على حساب القائمة المشتركة، لكون العرب لا يخدمون في الجيش، ويمكن أن تتم زيادة مقاعد حزب ميرتس بكرسي واحد على حساب حزب اليمين المتدين.
وقد خرج نتنياهو للاحتفال مع نشيطين حزبه بهذا النصر، معلنا أنه أجرى اتصالات مع كافة رؤساء قوائم اليمين، الذي أسماه «المعسكر القومي» لتشكيل حكومة قوية وثابتة. كما اتفق مع زعيم حزب «البيت اليهودي» على البدء بمفاوضات سريعة لتشكيل هذه الحكومة.
وكتب نتنياهو في صفحته على «فيسبوك» أن النتائج أظهرت انتصارا كبيرا لليكود و«المعسكر القومي»، واستبعد تشكيل حكومة وحدة، لكن مباشرة بعد ذلك خرج عدد من رفاقه في الليكود وحلفائه في اليمين يتحدثون عن ضرورة تغيير تفكيره، وإقامة حكومة وحدة مع المعسكر الصهيوني، إذا كان معنيا بحكومة ثابتة، ذلك أن الحكومة اليمينية الضيقة ستعتمد على 67 مقعدا، وستكون عرضة للابتزاز من الأحزاب الصغيرة.
ومباشرة بعد إعلان النتائج تعهد نتنياهو بأن يبذل كل ما بوسعه لضمان الرفاهية والأمن لجميع مواطني إسرائيل. وفي أول رد فعل له منذ أن أظهرت النتائج شبه النهائية فوزه في الانتخابات، قال نتنياهو: «لقد تحركت بدافع المسؤولية التي ألقاها شعب إسرائيل على عاتقي». وقال للصحافيين خلال زيارته لحائط المبكى في القدس: «أثمن بشكل كبير للغاية القرار الذي اتخذه مواطنو إسرائيل باختياري ورفاقي رغم كل الصعاب».
من جهته، أعلن أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة»، التي تضم 4 أحزاب عربية وطنية في إسرائيل، أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية السيئة بسبب فوز اليمين المتطرف، وما سيجلبه ذلك على شعوب المنطقة بأسرها، بما في ذلك اليهود أنفسهم، شهدت أيضا نقطة ضوء متمثلة في نجاح تجربة وحدة الصف الوطنية لفلسطينيي 48، وفوزها الذي جعلها ثالث أكبر الكتل في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، بعد حزب الليكود (30 مقعدا) و«المعسكر الصهيوني» (24 مقعدا).
وقال عودة، في حديث خاص بـ«الشرق الأوسط»، إن «الفوز الساحق الذي حققه اليمين الإسرائيلي برئاسة نتنياهو في هذه الانتخابات، هو مؤشر ينذر باستمرار تدهور الأوضاع في مختلف المجالات. ومن المؤلم أن نتنياهو استغل ضعف الناس البسطاء، وراح يخيفهم من أخطار وهمية، لكنها ما زالت معششة في عقول غالبية اليهود الإسرائيليين. ونحن نتوقع من أن عودة نتنياهو إلى رئاسة الحكومة بعد هذا الفوز الساحق ستعطيه دعما لمواصلة سياسة الاستيطان وتعزيزها، وسيؤدي ذلك إلى تقويض إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية».
وفي رده على سؤال حول القائمة المشاركة، قال أيمن عودة: «هذا الوضع يستدعي من جماهيرنا العربية وشعبنا الفلسطيني برمته، والقوى اليهودية الديمقراطية، تعزيز النضال الشعبي، وفي مقدمته المزيد من الخطوات والإجراءات التي تساعد على محاصرة نتنياهو دوليا».
واعتبر عودة حصول القائمة المشتركة على 14 مقعدا أفضل رد لمحاولات إبعاد هذه الشريحة الفلسطينية وتغييبها، وقال بهذا الخصوص: «لقد اختارت جماهيرنا العربية أن تكون في موقع التأثير وعدم الانزواء جانبا، فهذه هي المرة الأولى التي يشكل العرب القوة الثالثة في الكنيست بنسبة تصويت مرتفعة، وهذا يدل على النضوج الكبير لفلسطينيي 48».
وبخصوص خطوات قائمته المشتركة في الأيام القادمة، أضاف عودة: «نحن لا نخاف اليمين. بل سنجابهه بطريقة كفاحية واعية ومسؤولة، بحيث لا يعود ممكنا تجاهلنا. سنؤثر كثيرا على جدول أعمال الكنيست عبر الاقتراحات والاستجوابات والقوانين والأدوات البرلمانية، وسنؤثر على مستوى الخطاب والإنجازات العينية. وعندما أقول سنساهم بقوة وبجدول أعمال الكنيست، أقصد التعاون مع كل عضو كنيست من أي حزب كان، في سبيل صد القوانين السيئة، وسن قوانين جديدة إيجابية. ولكن ما لا يقل أهمية عن ذلك، هو أن قائمتنا ستعزز شرعية الوجود العربي في وطننا، الذي لا وطن لنا سواه، والعمل على التقدم في حقوقنا الاجتماعية والاقتصادية».
من جهتها، وصفت حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، فوز نتنياهو في الانتخابات بأنه «نتيجة طبيعية» لسياساته الخاصة بـ«توليد الخوف والعدوانية وعدم الثقة»، وحذرت من أنه «عبر القضاء على فرص السلام وإنكار دولة فلسطينية، ومقاومة وانتهاك القانون الدولي بشكل متعمد، وتحدي إرادة المجتمع الدولي عبر تصعيد الأنشطة الاستيطانية وسرقة الأراضي، فإن نتنياهو مسؤول عن الزج بالمنطقة ككل لمزيد من التطرف والعنف». كما دعت عشراوي المجتمع الدولي إلى «إنهاء حصانة إسرائيل».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم