«ديوان المحاسبة» يكشف فضائح «تبديد المال العام» في ليبيا

تشمل فتح اعتمادات بنكية مخالفة للقانون... وصرف رواتب لموظفين يوجدون خارج البلاد

خالد شكشك خلال استعراض تقرير 2020 (الديوان)
خالد شكشك خلال استعراض تقرير 2020 (الديوان)
TT

«ديوان المحاسبة» يكشف فضائح «تبديد المال العام» في ليبيا

خالد شكشك خلال استعراض تقرير 2020 (الديوان)
خالد شكشك خلال استعراض تقرير 2020 (الديوان)

كشف أحدث تقرير أصدره ديوان عام المحاسبة في ليبيا، عن ارتكاب جملة من المخالفات المالية والإدارية في غالبية أجهزة الدولة، فضلاً عن تسجيل خسائر بلغت 10 مليارات دولار بسبب وقف إنتاج وتصدر النفط طوال 14 شهراً، بسبب الحرب على العاصمة طرابلس.
ورصد التقرير، الذي يتناول تعاملات مؤسسات الدولة خلال العام الماضي، فتح اعتمادات بنكية مخالفة للقانون، وإنفاق مليارات الدنانير على بعض المتطلبات والتجهيزات في وزارة الدفاع بغرب ليبيا، دون تحديد قيمتها لصالح الجهة المستفيدة. بالإضافة إلى إسراف وزارة الداخلية بحكومة «الوفاق» السابقة في شراء سيارات بأسعار مرتفعة دون خطط واضحة، ومنح بعضها لأشخاص خارج الوزارة.
وفيما يتعلق ببند المرتبات، قال التقرير، إنه تم تسييل مبالغ لبعض الجهات تفوق المخصص لها، بما يزيد على 199 مليون دينار ليبي؛ الأمر الذي ترتب عليه سحب أموال من حسابات حكومة غير محددة الأغراض، بشكل مخالف للقانون، وتم طمس هذا التجاوز بموجب قرار المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق».
كما لفت التقرير أيضاً إلى أن وزارة الدفاع تلقت أثناء فترة رئاسة صلاح الدين النمروش، ملياري و246 مليون دينار نظير المرتبات والمزايا والتموين والملابس للعام الماضي، وقال، إنها أنفقت نحو 120 مليون دينار كعُهد مالية بالمخالفة للقانون المالي، ودون تحديد أوجه إنفاقها. كما تبين صرف 40 مليون دينار نقداً كعُهد مالية، تبين بعد المراجعة أنها صُرفت لشراء أسلحة وذخائر من داخل البلاد، وإلى جانب ذلك، صرفت الوزارة 8 ملايين دينار لرئاسة الأركان، تحت بند «مراسم دفن»، دون أن توجد مستندات تؤيد ذلك.
في سياق ذلك، تحدث التقرير عن صرف رواتب لموظفين، رغم إيفادهم للدراسة في الخارج، كما تم اكتشاف اسم موظف تابع لجامعة سبها في بيانات الموفدين للدراسة بالخارج، رغم أنه أحد أعضاء هيئة التدريس بكلية العلوم بتراغن (جنوب)، ولا يزال يؤدي عمله بالجامعة. مشيراً إلى عدم تقيـد المصــرف المركزي بسقف المبالغ الكبيرة المستثمرة في شكل ودائع، وضرب مثلاً بوديعته في المصرف المركزي التركي، وبنك «تي سي زراعات» تركيا، التي بلغت نحو ملياري يورو، «دون النظر للظروف الجيوسياسية غير المستقرة، وارتفاع نسبة المخاطر القانونية والسياسية، مع ضعف الليرة التركية».
وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى أن شركة «جنكيز» التركية حجزت على أرصدة «مصرف ليبيا المركزي» لدى «البنك العربي التركي» وبنك «تي سي زراعات» بمبلغ يقدر بـ404 ملايين ليرة، وذلك بمقتضى حكم صدر من محكمة التحكيم في باريس مقابل ديونها على الدولة الليبية.
إلى جانب ذلك، تطرق التقرير إلى رصد حجم إنفاق وزارة الداخلية خلال العام الماضي، وقال، إنها أفرطت في شراء سيارات بأسعار مرتفعة، ودون خطط واضحة، موضحاً أن بعضها مُنح لأشخاص من خارج الوزارة. كما أن بعض السيارات لم تقيد في سجل الوزارة، بحيث أصبح من الصعب متابعتها، لافتاً إلى أن الوزارة تعاقدت بالمخالفة للقانون مع شركة استشارات بريطانية بقيمة 29 مليون دولار. وقال الديوان في مقدمة التقرير، إن «عام 2020 لم يكن أفضل حالاً من الأعوام السابقة، حيث ما زالت ليبيا حبيسة المرحلة الانتقالية، في ظل ظروف استثنائية حرجة من انقسام واقتتال، وازدواج السلطات التشريعية والتنفيذية، وتغييب سلطات المساءلة مستمرة. بالإضافة إلى تفشي وباء (كوفيد – 19)، وما تعرضت له حقول النفط من إقفال قسري؛ مما زاد الوضع سواء وصعوبة».
وأوضح التقرير، الذي جاء في 18 فصلاً، أنه اقتصر على نتائج فحص وتقييم مؤسسات الدولة، وأنشطتها المختلفة خلال فترة حكومة «الوفاق الوطني»، وفقاً للاتفاق السياسي، وبالتالي فهو لا يشمل تصرفات الحكومة المؤقتة، التي تعمل بالمنطقة الشرقية وتتخذ من مدينة البيضاء مقراً لها، مؤكداً أنه أعد التقرير وفقاً للقانون والمعايير الرقابية بهدف «تعزيز الشفافية والمساءلة، وحسن إدارة المال العام».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.