الغموض ما زال مسيطراً قبل شهر من الانتخابات الألمانية

خليفة ميركل المحتمل يدعو إلى تغييرات في السياسة الأوروبية

صورة أرشيفية لميركل... وبيّنت استطلاعات للرأي أنه لو ترشحت ميركل لولاية خامسة فستكون لدى المستشارة التي ما زالت شعبيتها في أوجها كل الفرص لإعادة انتخابها (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لميركل... وبيّنت استطلاعات للرأي أنه لو ترشحت ميركل لولاية خامسة فستكون لدى المستشارة التي ما زالت شعبيتها في أوجها كل الفرص لإعادة انتخابها (أ.ف.ب)
TT

الغموض ما زال مسيطراً قبل شهر من الانتخابات الألمانية

صورة أرشيفية لميركل... وبيّنت استطلاعات للرأي أنه لو ترشحت ميركل لولاية خامسة فستكون لدى المستشارة التي ما زالت شعبيتها في أوجها كل الفرص لإعادة انتخابها (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لميركل... وبيّنت استطلاعات للرأي أنه لو ترشحت ميركل لولاية خامسة فستكون لدى المستشارة التي ما زالت شعبيتها في أوجها كل الفرص لإعادة انتخابها (أ.ف.ب)

بيّنت استطلاعات للرأي عدم وجود حزب ألماني واحد بارز بشكل واضح قادر على تشكيل حكومة بنفسه بعد الانتخابات التشريعية المقررة الشهر المقبل. ويجد مرشح حزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي»، أرمين لاشيت، صعوبة كبيرة في فرض نفسه في المشهد السياسي الجديد بألمانيا. ففي سابقة منذ عام 2006، تخطى «الاشتراكيون الديمقراطيون» لاشيت والمحافظين في استطلاع للرأي نشر الثلاثاء. ومع حصولهم على 22 في المائة من نوايا الأصوات، سجّل المحافظون أسوأ نتيجة لهم منذ عام 1984، بعدما حصلوا على 33 في المائة من الأصوات في انتخابات عام 2017. ومهما كانت نتيجة الانتخابات، فإن أكبر اقتصاد في أوروبا يستعد لأشهر مضطربة من المفاوضات المعقدة لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة. ويبدو أن أياً من المرشحين لخلافة المستشارة التي تتولى السلطة منذ 16 عاماً، لم يتمكن من إقناع 62 مليون ألماني سيدلون بأصواتهم في 26 سبتمبر (أيلول) المقبل.
ولهذا يعتقد العديد من المراقبين أن ألمانيا المعروفة باستقرارها، تتجه نحو مستقبل غير مؤكد بتاتاً، قبل شهر واحد من الانتخابات، التي ستطوي صفحة عهد أنجيلا ميركل، وقد يفوز فيها «الاشتراكيون الديمقراطيون». كما بينت استطلاعات للرأي أنه لو ترشحت ميركل لولاية خامسة عن 67 عاماً، فستكون لدى المستشارة؛ التي ما زالت شعبيتها في أوجها، كل الفرص لإعادة انتخابها. لكنها قررت أن تسلم الشعلة، دون الإعداد لخلافتها مكتفية بتقديم دعمها بالحدّ الأدنى لمعسكرها المحافظ. ورأى منافس لاشيت؛ البافاري ماركوس سودر، كما جاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، أن المحافظين الذين يمسكون بزمام السلطة منذ 16 عاماً يواجهون «أصعب انتخابات منذ عام 1998»، عندما هزم الديمقراطي الاشتراكي غيرهارد شرودر المحافظَ هلموت كول. كذلك؛ لاحظ العديد من المحللين أن لاشيت ارتكب أيضاً خطأً تكتيكياً بتوجيه معظم هجماته النارية إلى مرشحة «حزب الخضر» أنالينا بيربوك. وانتخب لاشيت (60 عاماً) على رأس «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» في يناير (كانون الثاني) الماضي. وواجه هذا الوسطي الذي لا يحظى بشعبية صعوبات جمة في فرض نفسه في مواجهة منافسه سودر لقيادة قائمة «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» و«الاتحاد الاجتماعي الديمقراطي». وكان بإمكان زعيم ولاية شمال الراين - ويستفاليا تحسين موقعه خلال الصيف من خلال الوقوف بجانب ضحايا الفيضانات المميتة التي ضربت غرب ألمانيا ومنطقته خصوصاً. لكن؛ بخلاف الديمقراطي الاشتراكي غيرهارد شرودر الذي تمكن من الفوز بالمستشارية في عام 2002 بعد إظهار تعاطفه مع ضحايا فيضانات صيفية، تراجعت شعبية لاشيت أكثر. فهو ظهر في صور يضحك خلال خطاب ألقاه الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير عقب الفيضانات التي اجتاحت جزءاً من ألمانيا في يوليو (تموز) الماضي دعم فيه عائلات الضحايا والمتضررين. كما تعرض لاشيت لانتقادات خلال زيارات ميدانية لمتضررين من الكارثة كانوا يشتكون من بطء المساعدات العامة، وبادره أحدم بالقول: «ستدفع الثمن في الانتخابات».
وفي الأشهر الأخيرة، استفاد لاشيت من تراجع التأييد لـ«حزب الخضر» الذي تضرّرت حملته الانتخابية بعدما بدأها بزخم، بسبب هفوات ارتكبتها زعيمته أنالينا بيربوك (40 عاماً) التي كانت المرشحة الأبرز لخلافة ميركل. فقد تلاشت الجاذبية القوية التي تمتعت بها في البداية إلى حد كبير بعد اتهامات بالسرقة الأدبية، على غرار لاشيت، وتضخيم سيرتها الذاتية. كذلك؛ ارتكبت الرئيسة المشاركة لـ«حزب الخضر» خطأً ثانياً يتمثل في عدم إعلامها «مجلس النواب (البوندستاغ)» بمكافآت معفاة من الضرائب دفعها لها حزبها. أما وزير المال أولاف شولتز، زعيم «الاشتراكيين الديمقراطيين» المحنك البالغ 60 عاماً، فقام حتى الآن بمسار خال من الأخطاء. واستفاد شولتز من الوباء بخروجه عن النهج الألماني الصارم بشأن الميزانية وتخصيص مئات المليارات من اليوروات لدعم الاقتصاد. وهو في طريقه إلى النجاح مع «خطة بسيطة»، بحسب صحيفة «دير شبيغل» الأسبوعية التي كتبت أنه قد يجري انتخابه لأنه الشخص «الأكثر شبهاً بالمستشارة». ولو أن الناخبين يصوتون بشكل مباشر للمستشار، لكان شولتز؛ الذي أعطى الحزب اتجاهه الوسطي، حصل على 41 في المائة من الأصوات، متقدماً بفارق كبير على لاشيت (16 في المائة) وبيربوك (12 في المائة)، وفقاً لاستطلاع للرأي أجرته المحطة العامة «إيه آر دي». لكن أعضاء «البوندستاغ» هم الذين ينتخبون رئيس الحكومة بعد الاقتراع، في نهاية مفاوضات ائتلاف يبدو أنها ستكون معقدة. وسبق أن استمرت المفاوضات التي أعقبت انتخابات عام 2017 أشهراً عدة قبل التوصل إلى اتفاق.
وفي سياق متصل؛ دعا لاشيت، إلى إجراء تغييرات في السياسة الخارجية الأوروبية في ظل الأزمة الحالية في أفغانستان. وخلال افتتاح «أكاديمية السياسة الدولية» بولاية شمال الراين ويستفاليا، قال لاشيت؛ الذي يترأس حكومة هذه الولاية، مساء الأربعاء: «نحن بحاجة إلى أوروبا الأكثر قدرة على التصرف والأكثر اتحاداً والأكثر تصميماً في السياسة الخارجية». وأضاف زعيم «الحزب المسيحي الديمقراطي» أنه ينبغي ألا يستمر الوضع «على ما هو عليه، وينبغي لنا ألا نكتفي برد الفعل على الأزمات؛ بل يجب علينا أيضاً أن نتصرف بشكل استشرافي».
ورأى لاشيت أنه «على الاتحاد الأوروبي أن تكون لديه الثقة بقدرته على تأمين مطار مثل مطار كابل من خلال تضافر كل هيئاته وقواه». وأعرب لاشيت عن شعوره بخيبة الأمل حيال انسحاب الأميركيين من كابل «بمثل هذه السرعة». وستعمل الأكاديمية الجديدة على تجميع الطاقات العلمية من كل أنحاء العالم من أجل وضع حلول لمشكلات التعاون الدولي مستقبلاً.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.