مع تدهور شعبية الرئيس الأميركي جو بايدن على خلفية تعاطيه مع ملف أفغانستان والتوتر الحالي في صفوف الإدارة الأميركية، حاول الديمقراطيون رمي طوق نجاة لبايدن لإخراجه من تخبطات سياسته الخارجية، فأقروا مسودة لميزانية ضخمة تشمل أبرز البنود في أجندته الداخلية. وبعد عملية شد حبال طويلة بين فصائل الحزب الديمقراطي، تمكن مجلس النواب من تخطي العقبات وإقرار مسودة ميزانية بلغت قيمتها 3.5 ترليون دولار، في نصر كبير لهم وللبيت الأبيض. وبمجرد تمرير مجلس النواب للمسودة، سارع الرئيس الأميركي الذي أجّل خطابه المقرر حول أفغانستان مرتين خلال النهار إلى عقد مؤتمره وافتتاحه بالترحيب بإقرار المسودة، فرجّح البعض أنه أرجأ الحديث بانتظار هذه الانفراجة الداخلية ليتحدث عنها ويشتت الانتباه ولو قليلاً عن ملف الانسحاب من أفغانستان. وبدأ بايدن خطابه بالتغني بأهمية التصويت المذكور، فوصفه بالخطوة الكبيرة تجاه تمرير مقترحاته وتأمين «استثمار تاريخي سيحوّل أميركا ويخفف من الضرائب على العائلات العاملة ويجهز الاقتصاد الأميركي لنمو طويل الأمد». وأمضى الرئيس الأميركي فترة لا بأس بها من خطابه وهو يتحدث عن إنجازاته الداخلية؛ أملاً منه أن يستقطب دعم الناخب الأميركي مجدداً في ظل تدهور شعبيته لتصل إلى 47 في المائة، وهي الأدنى منذ وصوله للرئاسة. وفي حين ترجح استطلاعات الرأي المختلفة أن يكون سبب التدهور هذا متعلقاً بأفغانستان جزئياً، إلا أنه غالباً ما يفضل الناخب الأميركي ملفات السياسة الداخلية للحكم على أداء الرئيس. لهذا السبب يسعى الديمقراطيون جاهدين لتحقيق إنجازات ملموسة في الكونغرس في ملفات الميزانية والبنى التحتية وغيرها لتخطي محنة أفغانستان في محاولة منهم للحفاظ على الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب في الانتخابات التشريعية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وقد تخطوا خلافاتهم الداخلية في مجلس النواب، حيث اتفقوا على إقرار مسودة الميزانية التي طرحها بايدن، والتصويت على مشروع البنى التحتية الضخم في نهاية شهر سبتمبر (أيلول) المقبل. وحظي مشروع مسودة الميزانية بدعم كل الديمقراطيين فحصد 220 صوتاً في حين عارضه كل الجمهوريين الـ212. بالمقابل، يسعى الجمهوريون إلى توحيد استراتيجيتهم المنتقدة لبايدن في أفغانستان ومشروع الميزانية؛ أملاً منهم بانتزاع الأغلبية من الديمقراطيين في الانتخابات التشريعية.
فالميزانية وضعت أطراً لتنفيذ أجندة الحزب الديمقراطي والبيت الأبيض خاصة فيما يتعلق بالقضايا المثيرة للجدل بين الحزبين. كإصلاحات في ملف الهجرة، واستراتيجية التصدي للتغيير المناخي، إضافة إلى قضايا داخلية كرعاية الأطفال والتعليم وإجازات الأمومة وغيرها. لهذا عارضها الجمهوريون بشدة، ولم تحصل على أي صوت جمهوري في المجلسين على خلاف مشروع البنى التحتية. وفسر زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل سبب المعارضة، فقال «هذه الموجة المتهورة من رفع الضرائب والمصاريف الهائلة ستوجه ضربة ساحقة للعاملين والعائلات ذات الدخل المتوسط». ولا تزال الطريق طويلة أمام إقرار الميزانية بشكل نهائي، فلا تزال لجان الكونغرس في مرحلة كتابة نصها النهائي قبل التصويت عليه في المجلسين.
«طوق نجاة» نجاة لبايدن بـ{مسودة الميزانية»
«طوق نجاة» نجاة لبايدن بـ{مسودة الميزانية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة