«التفكير الناقد» أبرز ضيوف المناهج السعودية مع الدراسة

صياغات جديدة لأكثر من 90 منهجاً

TT

«التفكير الناقد» أبرز ضيوف المناهج السعودية مع الدراسة

تعود المدارس السعودية لاستقبال طلابها بعد عام ونصف من غيابهم بسبب جائحة كورونا، وما فرضته من تقاليد حياتية منعت الطلاب من الوصول إلى مقاعدهم، والاكتفاء بتلقي دروسهم عن بعد، بتجربة شكلت نقلة نوعية في آلية التعليم وستكون نواة لبناء مرحلة تتزامن فيها الطريقة التقليدية والمبتكرة في خلق عملية تعليمية منتظمة.
وأعلن حمد آل الشيخ وزير التعليم السعودي عن توزيع 71 مليون كتاب استعداداً للعام الدراسي الجديد، وقال في مؤتمر صحافي لتوضيح تفاصيل وآلية ما سماه «الموسم الاستثنائي»، إنّ الوزارة أسست 34 منهجاً جديداً من أبرزها مادة التفكير الناقد وصياغات جديدة لقرابة 90 كتاباً قائماً.
يمثل تضمين مادة التفكير الناقد في المنهج الدراسي السعودي، وجهين لعملة هدف واحد، فهو من جهة يخفف من الأثر السلبي لآلية التعليم التلقيني التي كانت مدار الشكوى من أسلوب الحشو الفاقد للفاعلية، ومن جهة يثبط من تسرّب الأفكار المشبوهة التي كانت تضخّها دعايات الجماعات الآيديولوجية وتؤسس عليها مشاريع الخراب.
وقالت داليا تونسي، التي شاركت في صياغة المسودات الأولى لمنهج الفلسفة والتفكير الناقد لوزارة التعليم السعودية، إنّه بالنظر إلى مخرجات منتدى الاقتصاد العالمي «دافوس» عن مقترحات التعليم المناسب لسوق العمل، هناك 10 مهارات يتطلب توفيرها لتجهيز جيل مستعد لمستقبل الأعمال، تركز معظمها على العمل الجماعي والتفكير الناقد والاستراتيجي. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «جاءت معظم تلك المهارات لتأسيس فضيلة الشك، وهو ليس شكاً وجودياً بل منهجيا، يؤسس لدى الطفل أدوات للتمحيص والغربلة وخوض حوار مع نفسه عمّا يراه أو يسمعه بأي شكل من الأشكال».
وتابعت داليا تونسي قائلة، إنّ التفكير الناقد لا يجب أن يكون بمنأى عن العملية التعليمية ككل، بل جزء من أدوات تصاحب الطالب طوال مشواره التعلّيمي، وجزء تأسيسي في عملية تفكير الطالب وخوض حوارات لتدريبه على معالجة ثغرات موجودة قصداً في المناهج العلمية والتجريبية.
وعن دور المجتمع لرفد هذه العملية التدريبية قالت داليا تونسي: «لا مجال للتراجع، فالمجتمع جبهة أخرى، يتلقى طفل اليوم من الإنترنت ما يخطر وما لا يخطر ببالنا، أضحى العالم مفتوحاً، وحركة المعارف غير مسبوقة، وانعكس ذلك على أسئلة الأطفال واستفهاماتهم التي بدت متقدمة على قدرتنا لتوقعها».
وكانت المناهج التعليمية للمدارس السعودية في القلب من هذا النقاش المسهب، منذ تسربت إليها أفكار الجماعات المتشددة، وترجمت في إصدارات كانت توزع مجاناً وتغزو المكتبات المدرسية وتكوّن العمود الفقري لأنشطة لا صفية تستهدف ذهنية الطلاب وتبني استجاباتهم على أساس آيديولوجيات الجماعات المشبوهة.
وترى الباحثة نجاح العتيبي أنّ منهج التفكير النقدي من أهم التطورات التي أدخلتها الوزارة على نظام التعليم، إذ إنّ له تأثيراً على المدى الطويل على الأجيال القادمة، فالتفكير النقدي سيعزز اكتساب المتعلمين مرونة وموضوعية في رؤية الأمور وحل المشكلات، بجانب الانفتاح العقلي والاستقلالية في اتخاذ القرار. عندما يكون الشخص ناقداً، فسيؤدي ذلك إلى تطور بعض السمات الشخصية كالتسامح ونبذ الأحكام المسبقة. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت الوزارة بخطوات جادة لاستئصال مشكلة المنهج الخفي، من خلال سياسات متعددة الاتجاهات، مثل تطوير محتوى المناهج، وكذلك محاولة تطوير مهارات المعلمين».
أستاذ الفلسفة في جامعة طيبة حسن الشريف أشار إلى أنّ تعليم التفكير الناقد بعيداً عن الفلسفة هو بالضبط كمحاولة تعليم لغة ما من خلال فقط تعلم قواعدها اللغوية، وهو أمر يصعب تحقيقه. وأضاف في حديثه مع «الشرق الأوسط» موضحاً: أنّ «تعليم الفلسفة يوفر السياق الأمثل لتعزيز الاستعدادات الذهنية اللازمة للتفكير الناقد مثل الشك المعرفي والانفتاح الفكري والفضول المعرفي والتواضع المعرفي... إلخ. من دون تلك الاستعدادات تتضاءل فعالية مهارات التفكير الناقد. كذلك فإنّ صقل مهارات التفكير الناقد تحتاج إلى تدريب طويل المدى حتى تصبح ممارسة تلك المهارات عادات ذهنية، وهو الأمر الذي يستلزم ألّا يقتصر تعليم تلك المهارات على صف أو صفين دراسيين خلال مراحل التعليم العام كاملة».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.