المغرب يدشن مركز تلقيح يتسع لـ5 آلاف شخص يومياً

تأجيل العام الدراسي إلى 10 سبتمبر بسبب الجائحة

TT

المغرب يدشن مركز تلقيح يتسع لـ5 آلاف شخص يومياً

افتتح وزير الصحة المغربي خالد آيت الطالب، أول من أمس (الاثنين)، في مدينة سلا المجاورة للرباط، مركزاً جديداً للتلقيح بإمكانه استقبال وتلقيح ما بين 4000 و5000 شخص يومياً، وذلك في سياق جهود المغرب لمضاعفة عدد الملقحين لمواجهة تفشي «كوفيد - 19».
وجرى اختيار ساحة «باب المريسة» في سلا لإنشاء المركز، وهو عبارة عن خيمة كبيرة مجهزة، ومزودة بمعدات تقنية رقمية متطورة.
ويوفر الموقع الجغرافي لمركز التلقيح الجدي قرب قنطرة مولاي الحسن الرابطة بين مدينتي سلا والرباط، إمكانيات التنقل للمواطنين لأنه يقع قرب محطات الحافلات والترام التي تربط المدينتين. وقال وزير الصحة، خلال افتتاح المركز، إن هذا المركز سيمكّن من الاستفادة من خدمات التلقيح، ويسهّل ولوج كل المواطنين لهذه الخدمات.
وأوضح الوزير آيت الطالب أن المركز الجديد «حديث ومتطور وتكنولوجي»، ما سيمكّن المواطنين من الاستفادة من عملية التلقيح «بسلاسة»، فهو يستوعب ما بين 4000 و5000 مستفيد يومياً، ما سيمكّن من «تسريع وتيرة التلقيح» التي انطلقت في يناير (كانون الثاني) الماضي لتصل إلى هدفها المحدد، وهي «المناعة الجماعية، وذلك في أقرب وقت».
وأشار إلى أن عملية التلقيح في المركز تتم في أسرع وقت وبأريحية، لأن المسلك واضح وتكنولوجي، بحيث إن المواطن يمكنه معرفة ملفه الطبي، ويقدم له خدمات أولية طبية قبل عملية التلقيح، ويوفر إمكانيات الراحة من أجل حسن سير عملية التلقيح.
ويأتي افتتاح المركز الجديد في وقت تستعد فيه السلطات الصحية المغربية، لحملة تلقيح تلاميذ المدارس المتراوحة أعمارهم ما بين 12 و17 سنة، وذلك قبيل موعد الدخول المدرسي.
وأعلنت الحكومة المغربية مساء أول من أمس، إثر اجتماعها الأسبوعي، عن تمديد حالة الطوارئ الصحية إلى 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، كما قررت تأجيل موعد الدخول المدرسي من 3 سبتمبر (أيلول) إلى 10 منه، وذلك في سياق الاستعدادات لضمان ولوج آمن للتلاميذ إلى المدارس.
وجاء في بيان لمجلس الحكومة أن سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية الناطق الرسمي باسم الحكومة، قدم إفادة بخصوص الدخول التربوي 2022 – 2021، حيث أكد أن هذا الدخول يأتي في سياق يتميز باستمرارِ جائحة «كوفيد - 19» وبصعوبة التنبؤ بالوضعية المستقبلية لعدة اعتبارات منها المنحى التصاعدي لعدد الإصابات المسجلة في الآونة الأخيرة، وبروز وانتشار متحورات جديدة لهذا الفيروس أشد عدوى وتصيب مختلف الشرائح، وتباين في الحالة الوبائية بين مختلف المناطق والأقاليم والجهات.
وأعلنت الحكومة إثر ذلك أنه تقرر انطلاق الدراسة بشكل فعلي يوم الجمعة 10 سبتمبر عوض يوم الجمعة 3 سبتمبر، وذلك «حرصاً منها على توفير ظروف آمنة تراعي سلامة المتعلمات والمتعلمين كافة»، وفق شروط ومعايير الإجراءات الوقاية الصحية المقررة من طرف السلطات المختصة وكذا تأمين الحق في التعلم لمختلف الأسلاك والمستويات الدراسية.
وبخصوص تطور الحالة الوبائية في المغرب، أفادت وزارة الصحة مساء أول من أمس، بتسجيل 2969 حالة جديدة، ليصل عدد الحالات النشطة إلى 71 ألفاً و387 حالة، فيما جرى تسجيل 97 حالة وفاة، ليصل مجموع الوفيات منذ ظهور الوباء في بداية مارس (آذار) 2020 إلى 11 ألفاً و889.
وبخصوص عملية التلقيح، وصل عدد الملقحين بالجرعة الثانية إلى 13 مليوناً و191 شخصاً، وبالجرعة الأولى إلى 17 مليوناً و489 ألف شخص.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.