{نورد ستريم 2}: من الخلاف إلى التسوية

من المقرر أن تكتمل الأعمال الإنشائية لمشروع نورد ستريم2 بنهاية أغسطس الجاري (رويترز)
من المقرر أن تكتمل الأعمال الإنشائية لمشروع نورد ستريم2 بنهاية أغسطس الجاري (رويترز)
TT

{نورد ستريم 2}: من الخلاف إلى التسوية

من المقرر أن تكتمل الأعمال الإنشائية لمشروع نورد ستريم2 بنهاية أغسطس الجاري (رويترز)
من المقرر أن تكتمل الأعمال الإنشائية لمشروع نورد ستريم2 بنهاية أغسطس الجاري (رويترز)

كان خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 في صلب معركة جيوسياسية واقتصادية قبل أن يصبح موضع تسوية بين برلين وواشنطن.
فقد شكل على مدى سنوات، موضوع خلاف بين الولايات المتحدة وألمانيا، أبرز مروج للمشروع، لكن أيضا بين الأوروبيين أنفسهم وكذلك بين روسيا وأوكرانيا.
وأخيرا، أتاح تغير مفاجئ في موقف واشنطن التوصل إلى تسوية ألمانية - أميركية لمحاولة إنهاء هذا الخلاف رغم أنه بالنسبة لكييف، يبقى «سلاحا جيوسياسيا خطيرا في أيدي الكرملين».
سيربط نورد ستريم 2 روسيا بألمانيا عبر أنبوب بطول 1230 كلم تحت بحر البلطيق بقدرة 55 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، على المسار نفسه لخط نورد ستريم 1 الذي بدأ تشغيله في 2012.
مسار الأنبوب الذي يتجاوز أوكرانيا سيزيد احتمالات إيصال الغاز الروسي إلى أوروبا في وقت يتراجع فيه الإنتاج داخل الاتحاد الأوروبي.
والمشروع الذي تديره شركة غازبروم الروسية العملاقة وتقدر قيمته بأكثر من 10 مليارات يورو (11.7 مليار دولار) تموله بشكل مشترك خمس مجموعات أوروبية في قطاع الطاقة (أو إم في، أنجي، وينترشال ديا، يونيبر وشل).
تعد ألمانيا هي المروج الرئيسي لخط الأنابيب داخل الاتحاد الأوروبي، وتعتقد أنه سيساعدها في تحقيق انتقال الطاقة الذي التزمت به، مع جعل أراضيها مركزا للغاز الأوروبي في الوقت نفسه. بينما تخشى أوكرانيا أن تخسر العائدات التي كانت تحصل عليها من نقل الغاز الروسي عبر أراضيها، وأن تصبح في موقف أضعف أمام موسكو.
كانت الولايات المتحدة تعارض منذ البداية تسوية من شأنها أن تضعف أوكرانيا اقتصاديا واستراتيجيا وتزيد من اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي وتثني الأوروبيين عن شراء الغاز الصخري الذي يأمل الأميركيون في بيعه. في وقت أصبح الأوروبيون منقسمين. وتشعر بولندا أو دول البلطيق بالقلق من رؤية الاتحاد الأوروبي ينصاع للطموحات الروسية.
حتى في ألمانيا فإن نورد ستريم لا يحظى بالإجماع: فحزب الخضر الذي يريد المشاركة في الحكومة أو الوصول إلى المستشارية في ختام انتخابات 26 سبتمبر (أيلول) يعارضه بشدة.
وأدى تعاقب النزاعات الدبلوماسية مع موسكو، من قضية نافالني إلى الاشتباه في هجمات إلكترونية، إلى زيادة الدعوات لإعادة النظر في المشروع حتى من داخل حزب أنجيلا ميركل المحافظ، لكن من دون نتيجة. واعتبر تقرير صادر عن معهد الأبحاث الاقتصادية الألماني «دي آي دبليو» في 2018 أن خط أنابيب الغاز يستند إلى توقعات «تبالغ في تقدير الطلب على الغاز الطبيعي في ألمانيا وأوروبا».
وجهت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ضربات قوية للأعمال عبر التصويت في 2019 على قانون يفرض عقوبات على الشركات المشاركة في البناء. وانسحبت شركات عدة، بسبب هذه الضغوط، من المشروع وخصوصا من جانب شركات التأمين التي تغطي الموقع.
بدأ المشروع في أبريل (نيسان) 2018. وتم وقف الأعمال في ديسمبر (كانون الأول) 2019 حين لم يكن هناك سوى 150 كلم من الأنبوب لوضعه في المياه الألمانية والدنماركية. لكن استؤنفت الأعمال بعد سنة من ذلك وبات أنبوب الغاز شبه مكتمل الآن. تتولى الأعمال شركة نورد ستريم 2 إيه جي التي مقرها في سويسرا. وأعلن رئيسها التنفيذي الألماني ماتياس وارنيغ في الآونة الأخيرة أن أعمال البناء يرتقب أن تكون منجزة في نهاية أغسطس (آب) الجاري.
واستهل الديمقراطي جو بايدن رئاسته بموقف معارض لخط نورد ستريم 2 على خطى أسلافه. لكن بشكل غير متوقع، أعلنت الإدارة الأميركية نهاية مايو (أيار) أنها عدلت عن معاقبة نورد ستريم 2 إيه جي المكلفة استغلال أنبوب الغاز، رافعة عقبة أساسية أمام تشغيله.
وبعد عدة أسابيع من المفاوضات المكثفة، أعلنت الولايات المتحدة الشهر الماضي عن اتفاق مع الحكومة الألمانية لإنهاء نزاعهما.
وبين البنود الرئيسية: فرض عقوبات محتملة على موسكو في حالة حدوث انزلاق، والتزام من واشنطن وبرلين بالمطالبة معاً بتمديد الإجراءات التي تضمن مرور الغاز الروسي عبر أوكرانيا لمدة عشر سنوات. وبذلك تخلى بايدن عن عرقلة المشروع، معتبرا أن الوقت قد فات وأن من الأفضل الرهان على التحالف مع ألمانيا حيث إن واشنطن ترغب في ضمان التعاون معها في ملفات أخرى لا سيما في مواجهة الصين.



بنك إنجلترا يحذر من تأثير زيادة الحواجز التجارية على النمو العالمي

بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)
بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)
TT

بنك إنجلترا يحذر من تأثير زيادة الحواجز التجارية على النمو العالمي

بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)
بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)

حذر بنك إنجلترا يوم الجمعة من أن زيادة الحواجز التجارية قد تؤثر سلباً على النمو العالمي وتزيد من حالة عدم اليقين بشأن التضخم، مما قد يتسبب في تقلبات في الأسواق المالية.

وقال بنك إنجلترا، دون الإشارة بشكل خاص إلى فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، إن النظام المالي قد يتأثر أيضاً بالاضطرابات في تدفقات رأس المال عبر الحدود وانخفاض القدرة على تنويع المخاطر، وفق «رويترز».

وأضاف أن «انخفاض التعاون الدولي في مجال السياسات قد يعوق تقدم السلطات في تحسين مرونة النظام المالي وقدرته على امتصاص الصدمات المستقبلية».

وفي حين أظهرت الأسر والشركات والبنوك في المملكة المتحدة أنها في حالة جيدة، فإن القطاع المالي في البلاد يواجه مخاطر «ذات أهمية خاصة» نظراً لانفتاح الاقتصاد البريطاني.

ومن بين التهديدات الأخرى ارتفاع مستويات الدين العام في العديد من الاقتصادات في مختلف أنحاء العالم. وقال التقرير إن «حالة عدم اليقين والمخاطر التي تهدد التوقعات قد زادت».

وأضاف بنك إنجلترا أنه لا يزال يعتقد أن التقييمات والعوائد في الأسواق المالية «عرضة لتصحيح حاد» بسبب المخاطر التي تهدد النمو والتضخم وعدم اليقين بشأن أسعار الفائدة. وحذر من أن مثل هذا التصحيح قد يتفاقم بسبب نقاط الضعف المستمرة في التمويل القائم على السوق وقد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للأسر والشركات في المملكة المتحدة.

وأشار إلى أن أحدث اختبارات المرونة التي أجراها على البنوك البريطانية أظهرت أنها تتمتع برأس مال جيد وسيولة وفيرة. لكن المؤسسات المالية غير المصرفية، مثل صناديق التحوط، لا تزال عرضة لصدمات مالية مفاجئة، وأنه ليس بإمكان جميع هذه المؤسسات الوصول إلى التمويل الضروري في أوقات الأزمات. وأوضح أن القطاع المتنامي للمؤسسات المالية غير المصرفية قد عزز من مرونته، إلا أن اعتماده على التمويل البنكي في أوقات الأزمات قد يؤدي إلى «مخاطر أكبر على الاستقرار المالي».

وعلى خلاف اختبارات الضغط التقليدية التي تركز على كيفية تأثر ميزانيات البنوك والمؤسسات المالية الأخرى خلال الأزمات، استعرض اختبار بنك إنجلترا الشامل كيف يمكن لتصرفات شبكة كاملة من المؤسسات المالية، بما في ذلك البنوك وصناديق التحوط وشركات التأمين والمقاصة المركزية، أن تُفاقم الصدمات الاقتصادية.

وتصور السيناريو الافتراضي حالة من «تفاقم التوترات الجيوسياسية» التي تؤدي إلى صدمة سوقية مفاجئة وشديدة. وقد يصبح هذا السيناريو أكثر احتمالاً بعد فوز ترمب، حيث هدد مراراً بفرض رسوم جمركية على الواردات الأجنبية، مما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات التجارية والسياسية مع دول مثل الصين.

وقد أظهرت نتائج اختبار بنك إنجلترا المخاطر المستمرة في قطاع المؤسسات المالية غير المصرفية، حيث تتوقع العديد من هذه المؤسسات أن تتمكن من الاعتماد على تمويل «الريبو» من البنوك، وهو أمر قد يكون غير متاح في حالات الأزمات.

كما أشار إلى أن سوق سندات الشركات بالجنيه الاسترليني ستواجه ضغطاً كبيراً، حيث ستضطر الصناديق التي تحاول جمع السيولة إلى بيع السندات في سوق متهالك، مما يؤدي إلى «قفزة نحو عدم السيولة» مع قلة المشترين.

ورغم أن هذا الاختبار الشامل كان يهدف بشكل أساسي إلى توعية المؤسسات المالية بالمخاطر المحتملة بدلاً من اتخاذ إجراءات سياسية مباشرة، أكد بنك إنجلترا أن استنتاجاته تدعم الجهود الدولية لفهم وتنظيم القطاع غير المصرفي المتنامي. ويشمل ذلك المراجعات المتزايدة من قبل المنظمين في مختلف أنحاء العالم للقطاع الذي يمثل الآن حوالي نصف النظام المالي العالمي، بعد عدة حوادث تطلبت دعماً لهذه المؤسسات في السنوات الأخيرة.

وفي المستقبل، يخطط البنك المركزي لإجراء اختبارات مرونة كاملة للبنوك كل عامين اعتباراً من عام 2025، وذلك لتقليل العبء الإداري على المقرضين والسماح للبنك بالتركيز على المخاطر المالية المحتملة الأخرى. وسيتم إجراء اختبارات معيارية أقل تفصيلاً حسب الحاجة بين تلك السنوات.

واحتفظ بنك إنجلترا بمتطلب رأس المال المعاكس للتقلبات الدورية (CcyB)، أو متطلب رأس المال «للأيام الممطرة» للبنوك التي يمكن السحب منها في الأوقات العصيبة، عند مستوى محايد بنسبة 2 في المائة.