«مشاريع» الدبيبة تثير تساؤلات في ليبيا حول تمسكه بالبقاء في السلطة

سياسيون قالوا إنها لا تعدّ أولوية... ومجرد «ترويج لخوضه الانتخابات»

عبد الحميد الدبيبة (إ.ب.أ)
عبد الحميد الدبيبة (إ.ب.أ)
TT

«مشاريع» الدبيبة تثير تساؤلات في ليبيا حول تمسكه بالبقاء في السلطة

عبد الحميد الدبيبة (إ.ب.أ)
عبد الحميد الدبيبة (إ.ب.أ)

في ظل تزايد منسوب الاحتقان في ليبيا، انقسم كثير من السياسيين في شرق وغرب البلاد حول القرارات التي يتخذها رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، عبد الحميد الدبيبة، بين من يرى أنه يسعى للترويج لنفسه لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، ومن ثم البقاء في السلطة، وبين من يدافع عن قراراته ويقول إن الرجل، الذي جاء من خلفية اقتصادية، يريد ترك بصمة من خلال إقامة المشاريع، أو إطلاق مبادرة اجتماعية.
ووقّعت حكومة الدبيبة اتفاقيات ومذكرات تفاهم عدة مع دول عدة، تتعلق بتنفيذ مشاريع في البنية التحتية، وبناء المساكن وتأهيل المطارات، إلى جانب قراره الأخير بتحمل تكاليف تزويج 50 ألف شاب.
واتخذ عضو مجلس النواب، جبريل أوحيدة، موقفاً معارضاً من رئيس الحكومة، واتهمه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأنه «هو من يعرقل إقرار الميزانية، التي سبق أن تقدم بها لمجلس النواب»، معتبراً أن الدبيبة «لا يهتم بتعديل الملاحظات التي أبداها المجلس على مشروع الميزانية».
وكان الدبيبة قد تعهد مجدداً نهاية الأسبوع الماضي بإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدها، المقرر نهاية العام الحالي، والتصدي لمن وصفهم بـ«الفاشلين».
لكن أوحيدة قال، إن قرار الدبيبة الأخير بـ«تخصيص مليار دينار لمنحة لدعم الزواج الشباب، وتخصيص مليار و700 مليون دينار، كقروض سكنية لمواجهة عزوف الشباب عن الزواج، وتوفير فرص عمل لهم، وتقليل نسب البطالة»، هو مجرد «دعاية لكسب دعم شريحة الشباب».
في المقابل، استبعد عضو مجلس النواب الليبي، زياد دغيم، ما يتردد عن اتجاه الدبيبة إلى تسويق نفسه كمرشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وقال لـ«الشرق الأوسط»، «بعيداً عن الخوض في النوايا، فإن الدبيبة لا يمكنه الترشح وفقاً للشروط الأممية، كما أن ما يشاع عن احتمال تحول حكومته إلى حكومة تصريف أعمال حال عدم إجراء الانتخابات أمر مستبعد».
مبرزاً أن عدم إجراء الانتخابات «سينتج منه تعديل خريطة الطريق، وسيتبع ذلك تشكيل حكومة ائتلافية جديدة، تتولى قيادة البلاد لحين الوصول لموعد جديد للانتخابات».
واعتبر دغيم، أن «إقدام الدبيبة على بعض المشروعات، التي يرى البعض أنها لا تشكل أولوية، مثل تزويج الشباب، وسن قوانين في مجال التقنية وإعادة الإعمار وغيرها، يمكن تفسيرها بأنه يريد ترك بصمة توضع في سجله كرئيس وزراء، أسس مشاريع كبرى حتى ولو يكملها».
من جهته، رأى عضو «المؤتمر الوطني» السابق، عبد المنعم اليسير، أن الدبيبة أتى إلى الساحة السياسية عبر منظومة «تتقدمها شخصيات محسوبة على تيار الإسلام السياسي، وهدف هؤلاء الإبقاء على المشهد الراهن كما هو، مع العمل على زيادة أواصر الشراكة بين الدولة الليبية وتركيا».
وقال اليسير بهذا الخصوص «هم يدفعون للطاولة ما يتوفر بين أيديهم من أوراق اللعب، فإذا تيسر لهم عرقلة إجراء الانتخابات فهذا جيد، وإذا تعذر التنفيذ جراء تزايد الضغط الدولي، والتشديد على إجراء الانتخابات في موعدها، فقد يحاولون التلاعب على شروط خريطة الطريق، وقد نجد الدبيبة يعلن خوضه الانتخابات الرئاسية».
يذكر أن تركيا أبرمت مع حكومة «الوحدة الوطنية» خمس اتفاقات في مجالات مختلفة، وذلك على هامش زيارة الدبيبة للعاصمة التركية منتصف شهر أبريل (نيسان) الماضي.
من جهته، فنّد المحلل السياسي فرج فركاش، الاتهامات الموجهة للدبيبة، لكنه أقر بأنه «يفتقر للخبرة السياسية، وهناك تقصير واضح من حكومته في قطاع الخدمات، وخاصة الكهرباء والصحة».
وقال فركاش لـ«الشرق الأوسط»، «الرجل لا يسعى للترشح بسبب وجود شروط أممية تحول دون ذلك، كما أنه أعلن بصراحة تأييده للانتخابات»، متابعاً «هو فقط يحاول وضع بصمته، وإن كان ذلك بطريقة شعبوية، كما أنه يحاول تحسين حياة المواطن، رغم العراقيل التي وضعت أمام حكومته من البداية، وفي مقدمتها عدم تمكنها من بسط السيطرة على كامل التراب الليبي، فضلاً عن تصيد خصومه لأي خطأ ومحاولة إفشاله». موضحاً أن هؤلاء الخصوم «يتصدرون الآن المطالبة بإجراء الانتخابات الرئاسية، ويروجون معلومات مغلوطة بأنه ستنتهي بعد تاريخ 24 ديسمبر (كانون الأول) مباشرة أعمال الحكومة والمجلس الرئاسي، وأننا سندخل في فراغ سياسي وحرب، وغير ذلك من أخبار التهويل»، لافتاً إلى أن خريطة الطريق «تنص على أن مدة المرحلة التمهيدية هي 18 شهر، بدءاً من 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، وقد وضعت هذه المدة تحسباً لأي طارئ».
كما أكد فركاش «على أن عقد الانتخابات يعتمد أولاً على توافق مجلسي النواب والأعلى للدولة، وليس على الحكومة». مشيراً في هذا السياق إلى أن «تزايد الشكوك في إمكانية عقدها لا يصب كما يتوقع البعض في صالح بقاء حكومة الدبيبة، لأنه في حال وجود إجماع على عدم قيامها بواجبها في التمهيد لإجرائها فإنه يمكن العودة لملتقى الحوار السياسي، الذي قد يتجه لتكليف حكومة بديلة، وهو خيار سيجهض أيضاً أي تهديد بإمكانية وجود حكومة موازية من الشرق الليبي».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.