تتبع الأحزاب الشيعية سياسة الضغط على رجل الدين مقتدى الصدر لإعادته إلى السباق الانتخابي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل دون شروط مسبقة. ووصل الضغط إلى أقصاه الأسبوع الماضي، حين أوصلت فعاليات شيعية متنافسة رسائل متواترة، عبر وساطات، تفيد بأنها لا تمانع خوض الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة في غياب الصدر.
وتحاول تلك الفعاليات مناورة الصدر باستخدام ورقة «التخويف» بأنه سيخسر نفوذه في الحكومة والبرلمان، بدءاً من العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وأطلع مستشار سياسي رفيع «الشرق الأوسط» على مضمون رسالتين وصلتا الصدر مؤخراً عبر «وساطة محايدة»، وهو أن عليه «الاستمرار في المقاطعة حتى النهاية، وإن قرر العودة إلى السباق فليكن ذلك من دون شروط».
لكن الصدر، بحسب مقربين منه، محاصر بفرضيات متعددة متناقضة. ففضلاً عما يرده من خصومه السياسيين في «البيت الشيعي»، فإن هناك تلميحات عن تداعيات أمنية سيكلفها انسحابه عن المشهد، لكن قادة الأحزاب الشيعية دأبوا على استبعاد حدوث مثل هذا السيناريو إلى درجة الاستخفاف به.
ومُررت جميع هذه الرسائل بالتوازي مع نشاط سياسي محموم، حيث اجتمع قادة وممثلو 6 أحزاب شيعية 4 مرات على الأقل في غضون الأسبوع الماضي لبحث الموقف من دعوات تأجيل الانتخابات.
وعلى الرغم من التردد البادي في موقف تيار «النصر»، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، فإن قادة الأحزاب توافقت على «حسم موعد الانتخابات دون تأجيل». وتقول المصادر إن العبادي كان «يرغب في الحوار مع الصدر وإقناعه بالعودة».
والحال أن قادة مخضرمين، مثل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وهادي العامري، يشعرون بالتذمر من «رهن انتخابات آمنة سلسة بوجود الصدر»، وأنهم غير كافين لتشغيل العملية السياسية إلا بمشاركته.
ويمكن اكتشاف الرغبة في إثبات الوجود بالنسبة لهذه الأحزاب بأن تمضي نحو الانتخابات بالتخلص من الصدر، فصانعو الحملات الانتخابية باتوا أكثر شراسة في استغلال الفراغ الذي سيتركه الصدر في مناطق نفوذه. ويقول مدير حملة انتخابية في إحدى مدن الجنوب، كان الصدر ينافس عليها: «هذه فرصتنا الذهبية؛ لِمَ لا نظفر بها؟».
ولكن هذا لا يلغي حالة القلق التي تراود قادة الأحزاب الشيعية من أن غياب الصدر سيقضي تماماً على «توازن الرعب» في المنظومة الشيعية، وما إذا كانوا قادرين على تحمل معارضة الصدر من الشارع. ويقول مصدر مطلع على اجتماعات الأحزاب الشيعية إن ممثلي المالكي «رفضوا مراراً تخوف شركائه من ردود أفعال الصدر على الضغط، وحتى مما قد يسببه غيابه عن الانتخابات».
أما المقربون من الصدر، وعلى الرغم من التزامهم الصمت، فيبدون مرتاحين للغاية لتداول الغرف الحزبية فرضيات عما سيحدث لو استمر التيار الصدري في الاعتكاف السياسي، وبينها «الصدام بين الجمهور» أو إعادة حركة الاحتجاج بزخم من قِبل أتباع الصدر.
ويقول مستشار سياسي عراقي كان أحد منسقي اجتماعات الأحزاب الشيعية إن قادة تلك الفعاليات أرسلوا استفسارات لمكتب المرجعية الدينية في النجف بشأن موعد الانتخابات، مشيراً إلى أنهم حصلوا على جواب واضح: «نؤيد إجراء الاقتراع في تشرين الأول المقبل».
وتتناقض هذه المزاعم مع موقف 3 من رجال الدين في النجف، جميعهم مقربون من مكتب المرجع الديني علي السيستاني، ذلك أنهم أفادوا بـ«عدم وجود موقف محدد بشأن الجدل السياسي الراهن، وأن موعد الانتخابات متروك لرغبة الشعب، وما تتوافق عليه الأطراف المعنية».
وكان المرجع الديني السيستاني قد حذر، في أغسطس (آب) من العام الماضي، من تأخير إجراء الانتخابات، لكنه أشار أيضاً إلى أن إجراءها «دون توفير شروطها، سيقود البلاد إلى وضع يهدد وحدتها، ومستقبل أبنائها».
وبينما يصعد خصوم الصدر الضغط عليه، ويلتزم هو بصمت مناور حتى الآن، يصعب التنبؤ بخطوته المقبلة، وما إذا كان سيعود إلى السباق الشهر المقبل أم أنه سيخرج ورقة جديدة تعيد رسم الخريطة في المنظومة الشيعية.
أحزاب عراقية تحاصر مقاطعة الصدر للانتخابات بالضغط الأقصى
أبرز خصومه خيّروه بين الانسحاب أو العودة بلا شروط
أحزاب عراقية تحاصر مقاطعة الصدر للانتخابات بالضغط الأقصى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة