البيت الأبيض يستعين بالجنرال بترايوس ضد «داعش»

رغم فضائحه وتحقيقات «إف بي آي» معه

ديفيد بترايوس
ديفيد بترايوس
TT

البيت الأبيض يستعين بالجنرال بترايوس ضد «داعش»

ديفيد بترايوس
ديفيد بترايوس

بعد أن أدين في فضيحة أخلاقية وعسكرية، اعترف البيت الأبيض، أمس، بأن الجنرال المتقاعد ديفيد بترايوس، يقدم استشارات له حول مواجهة تنظيم داعش. وكانت فضائح الجنرال قضت على طموحاته السياسية وأفقدته وظيفة مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). وكان قبلها قائد قوات حلف الناتو في أفغانستان، وقبلها قائد القوات الأميركية في العراق.
وقال الناطق باسم البيت الأبيض، جوش إرنست، أمس، إن بترايوس «يقدم مشورة حول (داعش) والعراق»، ورفض الحديث عن مزيد من المعلومات. ورفض أن يؤكد تقارير صحافية بأن بترايوس يفعل ذلك منذ الصيف الماضي. وأمام أسئلة ملحة من صحافيين، قال المتحدث: «خدم الجنرال بترايوس لسنوات في العراق وقاد عددا كبيرا من الجنود الأميركيين هناك. أعتقد أن اعتباره خبيرا في الشأن الأمني العراقي شيء طبيعي، وأن التشاور معه والاستفادة من نصائحه، أيضا، شيء طبيعي».
وفي عام 2013، اضطر بترايوس للاستقالة من منصبه في «سي آي إيه»، بعد اتهامه بتسريب معلومات سرية إلى كاتبة سيرته الذاتية، بولا برادويل، التي كانت تساعده في كتابة كتاب مذكراته.
وفي الأسبوع الماضي، أدين بسبب ذلك، وبسبب كذبه على مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) عندما كان المكتب يحقق معه حول الموضوع.
وكانت شرطة «إف بي آي» بدأت تحقق معه بعد أن تلقت شكوى من امرأة قالت إنها خائفة على حياتها بسبب تهديدات من عشيقة بترايوس. مع معلومات بأن المرأتين تنافستا على حب بترايوس. وخلال تحقيقات «إف بي آي»، ظهرت رسائل بريد إلكترونية بين بترايوس وعشيقته برودويل.
في عام 2007، خلال عمله قائدا للقوات الأميركية في العراق، أشاد به وزير الدفاع الأميركي في ذلك الوقت، روبرت غيتس. كان ذلك بعد قرار الرئيس جورج دبليو بوش بزيادة كبيرة في عدد القوات الأميركية هناك. وأشرف بترايوس على التعاون مع قوات «الصحوة» العراقية السنية، والتي لعبت دورا كبيرا في هزيمة المقاومين للقوات الأميركية، وكانت أغلبيتهم من أنصار أو مؤيدي منظمة «القاعدة» السنية.
من التصريحات التي أدلى بها الجنرال في ذلك الوقت، قوله لإذاعة «بي بي سي» البريطانية: «يحترم العراقيون التزاماتهم نحو الولايات المتحدة. وتوجد أرضية للتفاؤل بشأن التقدم الذي أحرزته الخطة الأمنية.. قل كثيرا عدد حالات القتل الطائفي (بين الشيعة والسنة) في بغداد ومحافظة الأنبار الغربية. الآن، تعود إلى منازلها مئات العائلات التي هجرت قسرًا منازلها على أيدي المسلحين (منظمة القاعدة وحلفائها)».
وفي عام 2010، عندما كان قائدا لقوات الناتو في أفغانستان، قال لوكالة الصحافة الفرنسية، إن قوات الناتو «استعادت زمام المبادرة من حركة طالبان في الكثير من المناطق الأفغانية». وأضاف: «نتوقع معارك ضارية لتحقيق ذلك في مناطق أخرى».
وفي نفس عام 2010، أغمي على بترايوس خلال جلسة استجواب في اللجنة العسكرية في مجلس الشيوخ. في ذلك الوقت، قال السيناتور كارل ليفن (ديمقراطي من ولاية إلينوي)، رئيس اللجنة، إن إغماءة بترايوس: «أثارت الذهول بين الحضور. لكنن يبدو أنه تعافى تماما. ربما لم يشرب كمية كافية من الماء قبل أن يحضر للجلسة».
قبيل ذلك، أصيب الجنرال بسرطان البروستات، لكنه عولج تماما.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.