الجيوش

TT

الجيوش

وقفت طوال عمري ضد «العسكر» ومع الجيش. مع أن يتولى الجيش حماية الوطن والمواطن والدولة، وضد تحوّله إلى حزب أو فريق. اتخذت دائمًا التقدير لجنرال تاريخي مثل شارل ديغول ودوايت آيزنهاور، لأنهما بلغا الرئاسة بالاقتراع وحافظا على الحياة المدنية كاملة. وفي لبنان وقفت كمواطن مع الجنرال فؤاد شهاب إلى اليوم، وضد سلوك «المكتب الثاني» إلى اليوم أيضًا.
سيطرت الجيوش العربية على الأنظمة عبر انقلابات عبثية ومدمِّرة. فعلت ذلك منذ عام 1949 وألغت الحياة المدنية باسم تحرير فلسطين، ولعن «الأسلحة الفاسدة» التي اتهمت بالتسبب في نكبة 1948. لكن النكبة الأولى تحولت إلى نكبات متتالية. ومع ذلك، بقيت الشعوب تعيش في حال الطوارئ في انتظار اليوم الموعود. وظلت الأموال تُصرف على الجيوش الكبرى وتُمنع عن الناس والأطفال والأجيال والتنمية. وأبلغنا أن الجيش العراقي صار رابع قوة عسكرية في العالم، أي بعد أميركا وروسيا والصين. ثم قال لنا الرئيس العبادي إن سلفه كان يدفع رواتب لخمسين ألف جندي لا وجود لهم. وهكذا سقطت الموصل أمام تنظيم عسكري مجهول. وسقط ثلثا العراق وسوريا. ولم نعد نرى في الجو سوى طائرات التحالف، وعلى الأرض سوى الجنرال قاسم سليماني وخلفه «الحشد الشعبي» وليس الجيوش العربية.
فأين الجيوش العربية؟ ليس مسرًّا أبدًا أن يُطرح السؤال. ولا هو مسرٌّ ما نرى في سوريا والعراق. ولا أن نرى الجيش العراقي يدخل مظفرًا إلى الكويت، ثم يخلي الموصل في ساعات، واليوم يتعثر في دخول تكريت أمام قوة انكشارية مجهولة. ولا هو مسرٌّ أن يكون قاسم سليماني قائد جميع الجبهات بحيث أصبح الأمر اعتياديا، وأصبحت صوره في قيادة المعارك من أخبار العرب اليومية.
ما الذي أوصلنا إلى هنا؟ تدخل الجيوش في السياسة أم تدخل السياسة في الجيوش؟ من أغرى الآخر بخلط الزيت بالماء، والسمك باللبن؟ من ألغى الحياة السياسية ونقل الجنرالات من الحدود إلى وسط المدن، فاختلطت البلدان والحياة ودبت فوضى الرؤية والقرار، وكانت النتيجة هزيمة السياسيين والعسكريين معًا، وبلوغنا هذه الحال الفريدة في الأمم؟ جيوش تتقدمها الميليشيات و«حشود شعبية» تسترد المدن من تنظيمات فوضوية ما من أحد يعرف لها عددا أو عتادا.



هيئة رقابية مالية أميركية تسهل على مصارف «وول ستريت» الاحتفاظ بالعملات المشفرة

ترمب يلقي كلمة أثناء حملته الانتخابية في حدث «بتكوين 2024» في ناشفيل (رويترز)
ترمب يلقي كلمة أثناء حملته الانتخابية في حدث «بتكوين 2024» في ناشفيل (رويترز)
TT

هيئة رقابية مالية أميركية تسهل على مصارف «وول ستريت» الاحتفاظ بالعملات المشفرة

ترمب يلقي كلمة أثناء حملته الانتخابية في حدث «بتكوين 2024» في ناشفيل (رويترز)
ترمب يلقي كلمة أثناء حملته الانتخابية في حدث «بتكوين 2024» في ناشفيل (رويترز)

بعد سنوات من الضغط الذي مارسته صناعة العملات الرقمية المشفرة، ألغت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية قاعدة محاسبية وضعتها إدارة بايدن وكانت تجبر المصارف على التعامل مع «البتكوين» وغيرها من العملات الرقمية بأنها التزامات في ميزانياتها العمومية،

وكان هذا التوجيه رادعاً رئيساً لمصارف «وول ستريت» لامتلاك عملة «البتكوين» - وكان هذا التوجيه هو الأحدث في سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترمب الجديدة لتسهيل تعامل الشركات الأميركية والشركات المالية في الولايات المتحدة بالعملات الافتراضية اللامركزية.

قرار هيئة الأوراق المالية

وقد ألغت هيئة الأوراق المالية والبورصات التوجيهات المعروفة باسم «ساب 121» SAB 121، والتي دعت المؤسسات إلى التعامل مع الرموز الرقمية المحتفظ بها للعملاء أنها التزامات في الميزانيات العمومية.

عملات مشفرة من فئة «بتكوين» (رويترز)

وكانت هذه القاعدة المحاسبية التي أقرت عام 2022 أخضعت الأصول الرقمية لمتطلبات رأس المال الصارمة، وهو ما زاد بشكل كبير من المخاطر المالية والتنظيمية لتقديم خدمات حفظ العملات الرقمية، وأدى إلى زيادة التكاليف التشغيلية للمؤسسات المالية وإلى تثبيط المشاركة الأوسع نطاقاً من جانب «وول ستريت» في أسواق العملات الرقمية، وفق شبكة «سي إن بي سي».

يؤكد هذا التحول على التوقعات بأن ترمب سيتخذ نهجاً أكثر ترحيباً تجاه قطاع الأصول الرقمية، متراجعاً عن الموقف الأكثر تشككاً الذي اتخذته هيئة الأوراق المالية والبورصات خلال إدارة جو بايدن، وفق صحيفة «فايننشال تايمز».

«لم يكن الأمر ممتعاً»

وقد أشادت مفوضة هيئة الأوراق المالية والبورصات هيستر بيرس، التي تم تعيينها يوم الثلاثاء لقيادة «فريق عمل جديد للعملات الرقمية» داخل الوكالة بهدف «وضع إطار تنظيمي شامل وواضح للأصول الرقمية». وكتبت على حسابها على منصة «إكس»: «وداعاً وداعاً ساب 121! لم يكن الأمر ممتعاً».

وبدأت المجموعات الرئيسة بالفعل في الاهتمام بشكل أكثر جدية بالأصول والتقنيات المشفرة، حيث دعا رئيس شركة «بلاك روك» لاري فينك من «دافوس» لجنة الأوراق المالية والبورصات إلى «الموافقة بسرعة» على قدرة الشركات على إنشاء رموز مدعومة بالأسهم والسندات.

وفي علامة على استراتيجية ترمب الأكثر دعماً للعملات الرقمية، أصدر ترمب يوم الخميس أمراً تنفيذياً يحدد أولوياته فيما يتعلق بالعملات الرقمية ويدعو المسؤولين على مستوى مجلس الوزراء إلى تقديم تقرير بعد عدة أشهر من الآن مع توصيات بشأن المقترحات التنظيمية والتشريعية.

في حين أن اختيار ترمب لقيادة هيئة الأوراق المالية والبورصات بول أتكينز لا يزال في انتظار تأكيد مجلس الشيوخ الأميركي لتعيينه، إلا أن القائم بأعمال الرئيس، مارك أويدا، وهيستر بيرس قد وضعا الهيئة التنظيمية على مسار أكثر ملاءمة للعملات الرقمية، حيث شكّلا فريق عمل وفكّكا ساب 121.

قال مارك بالمر، وهو محلل أبحاث الأسهم في شركة «ذي بانشمارك»: إن «ساب 121» «أنشأ إطار عمل عقابياً يمنع المصارف الأميركية فعلياً من تقديم خدمات الحفظ الأمين لـ(البتكوين) والعملات الرقمية الأخرى. ستتمكن المصارف التقليدية الآن من تقديم خدمات حفظ العملات الرقمية دون مواجهة عقوبات فعلية».

حتى قبل أن تتخذ هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية إجراءها، كانت المصارف الأميركية الكبرى تترقب بفارغ الصبر القدرة على التودد إلى عملاء العملات الرقمية حيث قام ترمب وحلفاؤه في السلطتين التنفيذية والتشريعية بتمهيد الطريق للأصول الرقمية.

وقال الرئيس التنفيذي في «تشارلز شواب»، ريك ورستر، للمحللين في مكالمة هاتفية هذا الأسبوع: «نريد أن تكون لدينا القدرة على تقديم العملات الرقمية الفورية، وتوقعاتنا هي أنه في مرحلة ما، ستسمح لنا اللوائح المتعلقة بالعملات الرقمية بالقيام بذلك».

وكانت جمعية المصرفيين الأميركيين وجماعات ضغط أخرى دعت في الصناعة العام الماضي بايدن إلى رفض توجيهات هيئة الأوراق المالية والبورصات رسمياً بعد أن أقر مجلس النواب في الكونغرس في مايو (أيار) 2024 إجراءات للقيام بذلك.

وقال كيفن فرومر، رئيس منتدى الخدمات المالية، الذي يمثل أكبر المصارف: «هذه خطوة في الاتجاه الصحيح».