الحوثيون يسرّحون 8 آلاف تربوي ضمن خطة تستهدف موظفي القطاع العام

TT

الحوثيون يسرّحون 8 آلاف تربوي ضمن خطة تستهدف موظفي القطاع العام

مع بداية عام دراسي صعب على الطلبة اليمنيين وأسرهم ومعلميهم أعطى زعيم الانقلابيين الحوثيين عبد الملك الحوثي الضوء الأخضر لمشرفيه لتنفيذ أكبر عملية تسريح قسري للمعلمين في تاريخ البلاد، بحجة تصحيح مسار العملية التعليمية، حيث أقروا فصل ثمانية آلاف معلم وعامل في قطاع التربية وإحلال عناصر من الموالين للجماعة مكانهم، وذلك ضمن خطة واسعة تشمل تسريح عشرات الآلاف من الموظفين في القطاع العام كانت الميليشيات أقرتها قبل شهرين.
ووفق مصادر عاملة في قطاع التعليم في صنعاء تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، فإن ميليشيات الحوثي أقرت فصل خمسة آلاف معلم في العاصمة صنعاء وثلاثة آلاف آخرين في المحافظات المجاورة، في إطار الخطة التي أقرها ما يسمى المكتب التربوي في تنظيم الميليشيات وبهدف إحكام السيطرة على قطاع التعليم.
وبحسب المصادر، فإن عملية الفصل استهدفت المعلمين الذين هاجروا للبحث عن فرصة عمل بعد قطع رواتبهم للعام الخامس على التوالي، وكذلك الذين فروا من مناطق سيطرة الميليشيات إلى مناطق سيطرة الحكومة، رفضاً لتطييف التعليم، أو هرباً من الاعتقال بسبب معارضتهم لسلطة الميليشيات.
وفي حين أوعزت الميليشيات الحوثية إلى عناصرها من الذكور والإناث كخطوة أولى لتغطية العجز القائم في المدارس نتيجة غياب المعلمين المنقطعة رواتبهم أو الذين فروا من القمع، أفادت المصادر بأن الميليشيات أقرت، نهاية الشهر الماضي، في اجتماع ضم مكتبها التربوي ووزارة الخدمة المدنية وتحت إشراف القيادي واسع النفوذ أحمد حامد المعروف باسم «أبو محفوظ» تثبيت هؤلاء العناصر بدلاً عن المعلمين الذين صنّفتهم الجماعة في صفوف أعدائها.
وتقول المصادر إن عملية التسريح التي أقرتها الميليشيات جزء من خطة أوسع لتسريح أكثر من 160 ألف من موظفي القطاع العام بحجة الإحالة إلى التقاعد أو الانقطاع عن العمل.
المصادر بيّنت أن الميليشيات استبقت هذه الخطوة بإسقاط أسماء عشرات الآلاف من الموظفين من قوائم الرواتب الشهرية بحجة الانقطاع، ومعظمهم ممن رفضوا الانقلاب، وأنها أقدمت على إجراء تغييرات كبيرة على بيانات الموظفين من خلال سيطرتها على وزارة الخدمة المدنية ومركز المعلومات فيها.
وبدأت الميليشيات الحوثية - بحسب المصادر - منذ أيام عملية غربلة جديدة لأسماء المعلمين والعاملين في الإدارات التعليمية قبل إقرار قوائم المستحقين للمكافأة الشهرية (تعادل 50 دولاراً)، التي أقرت صرفها من عائدات الجبايات التي فرضتها على الطلبة في المدارس العامة ومن عائدات ما سمّته صندوق دعم المعلم.
وطبقاً لما ذكرته المصادر، فإن المبالغ التي سيتم جمعها شهرياً من كل طلبة المدارس العامة الذين يبلغ عددهم نحو ستة ملايين طالب ستغطي مبلغ المكافأة الشهرية التي أقرت ميليشيات الحوثي صرفها للمعلمين في مناطق سيطرتها، في حين ستذهب بقية الجبايات التي تضمنتها لائحة صندوق دعم المعلمين لصالح الجهاز التربوي للميليشيات الذي يتولى مهمة تغيير المناهج الدراسية وصبغها بصبغة طائفية.
كما يتوقع أن يتم صرف بقية الجبايات كنفقات للإشراف على إقامة المخيمات والمعسكرات للطلبة لتلقينهم الفكر الطائفي، ومن ثم إلحاقهم بمعسكرات التدريب على استخدام السلاح، كما ستصرف لتغطية نفقات المجاميع التي تتولى مراقبة أداء المدارس والمعلمين والتزام المدارس الخاصة بفصل الذكور عن الإناث وإحياء الفعاليات والمناسبات الطائفية، بما فيها الأنشطة والفعاليات الخاصة بحضّ طلبة المراحل الأساسية على القتال.



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.