قرية قريبة من روما تنضم إلى مبادرة لبيع المنازل بسعر يورو واحد

مقابل الالتزام بتجديده في غضون ثلاث سنوات

تتميز قرية ماينزا الإيطالية بموقعها المميز على تلال «ليبيني» البرية جنوب روما وبمنازلها الحجرية العتيقة
تتميز قرية ماينزا الإيطالية بموقعها المميز على تلال «ليبيني» البرية جنوب روما وبمنازلها الحجرية العتيقة
TT

قرية قريبة من روما تنضم إلى مبادرة لبيع المنازل بسعر يورو واحد

تتميز قرية ماينزا الإيطالية بموقعها المميز على تلال «ليبيني» البرية جنوب روما وبمنازلها الحجرية العتيقة
تتميز قرية ماينزا الإيطالية بموقعها المميز على تلال «ليبيني» البرية جنوب روما وبمنازلها الحجرية العتيقة

أصبح أمراً عادياً جداً أن تقرأ في الأخبار عن قرية أوروبية - في الأغلب إيطالية - تعلن عن بيع بيوتها القديمة مقابل يورو واحد فقط. الأسباب وراء العروض المغرية جداً كثيرة، ولكن أهمها أن تلك القرى تعاني من قلة السكان الشباب الذين هجروها للمدن، وما تبقى بها من سكان في مراحل عمرية متقدمة. وبالتالي فالعروض تهدف لجذب السكان للقرى مع شرط أن يرمم المشترون البيوت العتيقة لتصبح صالحة للسكن.
وحسب تقرير لموقع «سي إن إن» فيبدو أن الموضة اقتربت من حدود العاصمة الإيطالية روما، حيث باتت مدينة ماينزا الريفية الشهر الحالي أول مدينة في منطقة «لاتيوم» في روما تعلن عن بيع المنازل مقابل دولار واحد فقط.
وتتميز ماينزا بموقعها المميز على تلال «ليبيني» البرية جنوب العاصمة، حيث عاش الرعاة والقبائل ذات يوم، وتضم عشرات المساكن الحجرية المهجورة. غير أن رئيس البلدية كلاوديو سبيردوتي يرفض التفسير الشائع الذي يرجع العروض المغرية لكبر أعمار السكان ويضيف لشبكة «سي إن إن» الإخبارية: «هذه ليست مدينة تحتضر، إذ لا يزال الناس يسكنون الحي القديم لكنهم بحاجة إلى تجديد، بحاجة إلى أكسجين جديد».
ويرى أنه بهذه المبادرة أطلق «ميثاقاً طموحاً لإعادة إحياء» مسقط رأسه بهدف بث حياة جديدة في أزقتها الهادئة. الهدف، كما يقول، هو إعادة إحياء جميع الممتلكات المتداعية المهجورة من خلال التواصل بين المالكين القدامى والمشترين المحتملين الذين تغريهم الأسعار المتدنية.
وتأمل البلدة أن تبث حياة جديدة في نحو 100 عقار مهمل، أصبح بعضها يشكل خطراً محتملاً على المارة بسبب حالتها المتداعية.
تنتهي طلبات شراء المنازل القليلة الأولى المعروضة للبيع في 28 أغسطس (آب)، لكن العمدة يطمئن الأشخاص الذين قد لا يحالفهم الحظ هذه المرة بأن المزيد من المنازل سيطرح في السوق بالتواصل مع أصحابها الأصليين.
يتعين على أولئك الذين تمكنوا من شراء عقار في «ماينزا» الالتزام بتجديده في غضون ثلاث سنوات، وذلك بضمان وديعة بقيمة 5 آلاف يورو (نحو 5840 دولاراً) ليتم إعادتها بمجرد الانتهاء من الأعمال.
يجب أيضاً تقديم خطة إعادة تصميم تفصيلية للمكان بعد إعادة البناء - سواء كان منزلاً أو مكان إقامة مبيت وإفطار أو متجراً أو مطعماً.
يقول سبيردوتي إن الحصول على الإقامة ليس إلزامياً، لكن العائلات التي لديها أطفال والأزواج الشباب الذين يرغبون في العيش في «ماينزا» بصفة شبه دائمة يجري تشجيعهم على التقديم.
إذا أراد العديد من المتقدمين الحصول على نفس المنزل، فستعطى الأولوية لأولئك الذين يرغبون في الاستقرار وأولئك الذين يخططون للتجديدات بصورة أسرع.
وبحسب سبيردوتي، فإن بلدته على عكس غيرها، لا تعرض منازل بقيمة يورو واحد لوقف تضاؤل أعداد السكان - حتى لو تجاوزوا عددهم بالكاد 3 آلاف نسمة في السنوات العشرين الماضية. لكنه يرى في ذلك خطوة لمنع أصحاب العقارات والمضاربين من الاستيلاء على المنازل القديمة لكسب المال.
استطرد سبيردوتي قائلاً: «غالباً ما تغادر العائلات والشباب المدينة للانتقال إلى منازل أكبر في المدن المجاورة والفيلات في الريف، ولكن هناك دائماً بعض الوافدين الجدد الذين يحلون مكانهم، لذا فهي متوازنة».
اختتم قائلاً إنه مشروع إحياء طويل الأجل يوفر للمشترين المهتمين وقتاً ليأتوا ويروا بأنفسهم ما تقدمه «ماينزا»، بما في ذلك الفرص المغرية الأخرى.
وبحسب رئيس البلدية، فإن «المالك الذي كان يائساً من التخلص من ممتلكاته القديمة، حتى لو كان ذلك يعني التخلي عنها مجاناً، باعها في النهاية مقابل 3 آلاف يورو لشخص جديد حضر إلى المدينة».
ونظراً لأن معظم المساكن القديمة صغيرة، نحو 50 - 70 متراً مربعاً، فإن تجديدها يعد اقتراحاً قليل التكلفة نسبيا.
تعني التخفيضات الضريبية لعمليات إعادة التصميم الصديقة للبيئة والتحديثات المقاومة للزلازل، وفقاً لسبيردوتي، أن التكاليف تبدأ من 100 يورو للمتر المربع. لذلك يجب أن تبدأ تكلفة إعادة منزل متداعٍ إلى الحياة من نحو 5 آلاف يورو.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».