«النفط الليبية» تطالب بإبقائها بعيدة عن «التجاذبات السياسية»

بريطانيا تؤكد رغبتها في فتح باب الاستثمار لصالح البلدين

مصطفى صنع الله مستقبلاً نيكولاس هوبتون سفير بريطانيا المنتهية مهمته (مؤسس النفط الليبية)
مصطفى صنع الله مستقبلاً نيكولاس هوبتون سفير بريطانيا المنتهية مهمته (مؤسس النفط الليبية)
TT

«النفط الليبية» تطالب بإبقائها بعيدة عن «التجاذبات السياسية»

مصطفى صنع الله مستقبلاً نيكولاس هوبتون سفير بريطانيا المنتهية مهمته (مؤسس النفط الليبية)
مصطفى صنع الله مستقبلاً نيكولاس هوبتون سفير بريطانيا المنتهية مهمته (مؤسس النفط الليبية)

تمسكت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا بضرورة إبقائها بعيداً عن التجاذبات السياسية بالبلاد، وعبرت عن آمالها في الوصول إلى مستويات قياسية من الإنتاج قريباً، في وقت رأى فيه نيكولاس هوبتون، سفير بريطانيا لدى ليبيا المنتهية مهمته، أن «تماسك قطاع النفط في ليبيا كان سبباً رئيسياً لإعادة الاستقرار إلى البلاد».
وتحدث مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، عما وصفه بـ«إنجازات رغم التحديات»، وقال في رسالة بعث بها إلى عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الوطنية الليبية، مساء أول من أمس، إن المؤسسة حققت إيرادات بأكثر من ملياري دولار خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة أبلغه أنه عازم «على إحداث نقلة نوعية في صيانة البنية التحتية على نحو يضمن تحقيق أهداف، وطموحات الشعب الليبي».
وفيما دعا صنع الله «الشركات الوطنية والعالمية للمساهمة في إصلاح، وإعادة تأهيل ما دمرته الحروب»، لفت إلى أنه «سيتم الإعلان قريباً عن أكبر ورشة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط لإصلاح البنية التحتية المتهالكة، بدعم من رئيس الحكومة ووزارة المالية، ومصرف ليبيا المركزي».
وقال صنع الله بهذا الخصوص: «نحن نعمل مع دوائر اتخاذ القرار في الدولة على مسار التحديث والتطوير، ونسير بخطى ثابتة نحو خلق تنمية مكانية في مناطق الحقول والموانئ النفطية، وصيانة المعدات والتسهيلات السطحية التي دمرتها الحروب»، مضيفا: «لذا يجب أن تظل المؤسسة الوطنية للنفط بعيدة عن التجاذبات السياسية، وأن تكون عنواناً للمهنية والانضباط والكفاءة والشفافية والنزاهة».
وتنتج ليبيا، العضو في منظمة (أوبك)، نحو 1.3 مليون برميل يومياً، وتستهدف زيادته إلى 1.5 مليون برميل بنهاية العام الجاري، وفقاً لتصريحات محمد عون، وزير النفط والغاز في حكومة «الوحدة الوطنية».
وكان عون قد طالب رئيس الحكومة بإعادة تشكيل مجلس الإدارة الحالي للمؤسسة الوطنية للنفط، على اعتبار أن «التشكيل الحالي يخالف القوانين والتشريعات المنشئة للمؤسسة والمنظمة لأعمالها». كما بحث عون مع محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، سبل دعم قطاع النفط والغاز وفق رؤية الحكومة.
في سياق قريب، أكد سفير بريطانيا (المنتهية مهمته) في ليبيا، نيكولاس هوبتون، خلال زياراته لمقر مؤسسة النفط بالعاصمة طرابلس، على «الرغبة الكبيرة» لبلاده بالاستثمار في ليبيا، من خلال التعاون المشترك بين المؤسسة والشركات العاملة في مجال النفط والطاقة في بريطانيا.
ورأى هوبتون أن «أبرز الأسباب وراء الاستقرار، الذي تشهده ليبيا راهناً، يرجع إلى تماسك قطاع النفط الذي انعكس إيجابياً على عودة الاستقرار في البلاد، كونه الداعم الأول والأخير».
وفي نهاية اللقاء، شدد صنع الله على أن المؤسسة الوطنية للنفط تتطلع إلى تطوير سبل التعاون المشترك مع الشركات البريطانية، العاملة في مجال النفط والطاقة، لتنمية قطاع النفط الليبي، وفتح باب الاستثمار لصالح البلدين، وتحريك عجلة التنمية في ليبيا.
وسبق لصنع الله استعراض دور المؤسسة «كمدير حصري للثروة النفطية في ليبيا»، وذلك خلال «ملتقى رؤى وتطلعات القادة»، الذي نظمته غرفة التعاون الأميركية الدولية عبر الدائرة الإلكترونية منتصف الأسبوع الماضي. وتحدث صنع الله عن الصعوبات، التي عانى منها قطاع النفط والغاز في ليبيا طيلة العشر سنوات الماضية، وما تعرض له من مشاكل أدت إلى تدمير بعض الحقول النفطية، وتوقف شبه تام للإنتاج لأكثر من مرة نتيجة لما مرت به البلاد من حروب وأعمال عنف، وتردٍ للحالة الأمنية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.