لقاء مفاجئ بين عون وميقاتي لاستكمال مشاورات تأليف الحكومة

تلا بيانين هادئين بين رئاسة الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف

لقاء سابق بين الرئيسين عون وميقاتي ضمن مشاورات تشكيل الحكومة (دالاتي ونهرا)
لقاء سابق بين الرئيسين عون وميقاتي ضمن مشاورات تشكيل الحكومة (دالاتي ونهرا)
TT

لقاء مفاجئ بين عون وميقاتي لاستكمال مشاورات تأليف الحكومة

لقاء سابق بين الرئيسين عون وميقاتي ضمن مشاورات تشكيل الحكومة (دالاتي ونهرا)
لقاء سابق بين الرئيسين عون وميقاتي ضمن مشاورات تشكيل الحكومة (دالاتي ونهرا)

عقد لقاء مفاجئ بعد ظهر أمس بين الرئيس اللبناني ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي لاستكمال مشاورات تأليف الحكومة، وذلك بعدما تجنب ميقاتي الدخول في سجال مع رئاسة الجمهورية التي أكدت أن عون «مصمم على الاستمرار في التعاطي بانفتاح وتعاون وإيجابية مع الرئيس المكلف، لتأمين ولادة حكومة يرضى عنها اللبنانيون وتلاقي دعم المجتمع الدولي»، فيما دعا ميقاتي إلى البناء على الإيجابيات وأن تقترن بخطوات عملية.
وأكدت الرئاسة اللبنانية بعد ظهر أمس انعقاد اللقاء مع ميقاتي، مشيرة إلى أن الرئيسين سيستكملان البحث اليوم في الملف الحكومي. وقالت مصادر لبنانية مواكبة للاتصالات إن اللقاء تم «إثر اتصال عون بميقاتي»، لافتة إلى أن اللقاء «لم يكن على جدول أعمالهما»، فيما قالت مصادر معارضة لـ«التيار الوطني الحر» إن تدخلاً خارجياً حصل «مارس الضغوط على عون لأن الأطراف الدولية تعتبر أن العرقلة تقع في شروطه».
وسألت هذه المصادر ما إذا كان اللقاء هو «مناورة للاتفاف على الضغوط الخارجية، أم رغبة جدية لإنقاذ المشاورات بخطوات ملموسة؟» مضيفة أنه «كان واضحاً أن الأجواء التي سبقت الزيارة أوحت بأن الاعتذار يتقدم على التأليف».
واتسم بيان الرئاسة اللبنانية ظهر أمس، ورد ميقاتي عليه، بالتهدئة. وقالت الرئاسة إن الرئيس ميشال عون «التزم طوال اللقاءات التي عقدها مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، النقاط التي تم الاتفاق عليها منذ اللقاء الأول، والتي كان متفقا عليها مع الجميع سابقا كأساس لتشكيل الحكومة، لا سيما المعايير الواجب اعتمادها في توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف والكتل بعدالة ومساواة وفق ما تقتضيه مصلحة لبنان واللبنانيين، وما يفرضه الدستور والميثاق».
وأكدت أنه «لم يرد يوم في حساب الرئيس عون المطالبة بالثلث المعطل، والرئيس المكلف يدرك هذا الأمر من واقع وأوراق المحادثات بينهما، وبالتالي فإن كل ما قيل عن طلب رئيس الجمهورية تسعة أو عشرة وزراء عار من الصحة جملة وتفصيلا ولا أساس له، بل اختلقه البعض للتشويش على الاتصالات القائمة بين الرئيسين عون وميقاتي في سبيل تشكيل الحكومة، وذلك تحقيقا لغايات لدى البعض لمنع ولادتها».
وقالت رئاسة الجمهورية إن عون «لم يقدم للرئيس المكلف أي اسم حزبي لتولي حقيبة وزارية أو أكثر»، لافتة إلى أن «كل الأسماء التي عرضها تتمتع بالخبرة والكفاءة والاختصاص المناسب للوزارات المرشحة لها». ورأت أن «استبدال هذه الأسماء بأسماء أخرى لا مبرر له، ما دام أن المواصفات المتفق عليها متوافرة، إلا أن الرئيس كان إيجابيا ولا يزال وهو يدرك أن من حق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف إعطاء ملاحظات على أي اسم يرد منهما أو من أي من الكتل المشاركة، وصولا إلى الاعتراض عليها، وهو والرئيس المكلف يتعاطيان بانفتاح كامل مع هذا الأمر».
وأشارت إلى أن الرئيس المكلف «واجه مطالب من أفرقاء آخرين كانت تتزايد وتتبدل يوما بعد يوم، ما انعكس تأخيرا في الاتفاق على إصدار التشكيلة الحكومية، لأن أي تعديل في حقيبة كان يستوجب إعادة النظر في حقائب أخرى. وهذا الأمر لا يزال قائما ومتكررا على أمل التمكن من تذليله بتعاون الرئيسين».
وأعربت الرئاسة عن خشيتها من تصريحات وتحليلات «تعمدت تشويه مواقف رئيس الجمهورية»، من أن يكون الهدف «الدفع بالرئيس المكلف إلى الاعتذار، وهو ما لا يريده الرئيس عون، أو التمهيد لذلك، بغية إبقاء البلاد من دون حكومة في هذه الظروف الصعبة والدقيقة التي يجتازها لبنان».
وشددت الرئاسة على أن عون «مصمم على الاستمرار في التعاطي بانفتاح وتعاون وإيجابية مع الرئيس المكلف، لتأمين ولادة حكومة يرضى عنها اللبنانيون وتلاقي دعم المجتمع الدولي، وهو قدم ويقدم لدولة الرئيس ميقاتي كل التسهيلات اللازمة من دون التوقف عند حقيبة أو اسم، ما دام تنازل منذ البدء عن الثلث الضامن وغيره، إدراكا منه لعمل عدة قوى على منع تأليف الحكومة وتصميمها على أخذ البلد باتجاه الفوضى، تحقيقا لغاياتها السياسية».
ولاحقاً، أصدر المكتب الإعلامي لميقاتي بياناً أكد فيه أن الرئيس المكلف «يقدّر لعون مضمون البيان الذي أصدره وتأكيده استمرار التعاون لتشكيل حكومة يرضى عنها اللبنانيون وتلاقي دعم المجتمع الدولي». وأكد أنه «سيستمر في مسعاه لتشكيل الحكومة وفق الأسس المعروفة، كما أنه ليس في صدد الدخول في أي سجال أو نقاش على الإعلام، متمنيا على الجميع إقران الإيجابيات المعلنة بخطوات عملية لتسهيل مهمته وتشكيل الحكومة في أسرع وقت».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.