حمدوك إلى جنوب السودان في محاولة لوقف اشتباكات دامية

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (سونا)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (سونا)
TT

حمدوك إلى جنوب السودان في محاولة لوقف اشتباكات دامية

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (سونا)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (سونا)

يغادر رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، وبصفته رئيس الدورة الحالية للهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيقاد)، إلى جمهورية جنوب السودان، للتوسط بين فرقاء الحركة الشعبية في المعارضة بقيادة النائب الأول لرئيس جنوب السودان رياك مشار، والانشقاقات الدامية التي ضربت الحركة أخيراً، ومناقشة سير اتفاقية السلام المبرمة بين الأطراف في جنوب السودان. وينتظر أن يرافقه عدد من الوزراء والمسؤولين لبحث القضايا الثنائية مع رصفائهم في دولة جنوب السودان.
وقال مصدر بمجلس الوزراء، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن رئيس مجلس الوزراء وبصفته رئيس الدورة الحالية لمجموعة دول «إيقاد» الراعية لاتفاق سلام جنوب السودان، سيغادر اليوم (الخميس) إلى جوبا لبحث الانشقاقات الدامية التي ضربت الحركة الشعبية في المعارضة، جناح النائب الأول لرئيس جمهورية جنوب السودان رياك مشار، ومتابعة تفاصيل تنفيذ اتفاقية السلام التي تم توقيعها برعاية «إيقاد». وأضاف: «ينتظر أن يرافق رئيس الوزراء عدد من الوزراء والمسؤولين، لبحث ملفات ثنائية مع رصفائهم في دولة جنوب السودان، ومن بينهم وزراء الخارجية والمعادن والزراعة».
وشهدت منطقة «المقينص» قرب الحدود الجنوبية للسودان، اشتباكات عنيفة بين قوات منشقة بقيادة رئيس أركان جيش الحركة الشعبية في المعارضة سايمون قارويت والجنرال جونسون أولونج، (انشقا على مشار)، واستخدمت الأسلحة الثقيلة بمواجهة القوات المتبقية الموالية لمشار، ولاحقاً أعلنا تنحيته عن منصبه.
ولاحقاً، وبحسب مصدر مجلس الوزراء، فإن الأوضاع في دولة جنوب السودان بلغت مرحلة خطيرة تستدعي تدخل «إيقاد»، وإن قوات الحركة الشعبية في المعارضة التي كان يقودها مجتمعة رياك مشار، انقسمت إلى ثلاث مجموعات متحاربة، ما يهدد اتفاق السلام الهش الموقع بين حكومة جنوب السودان بقيادة الرئيس سلفاكير ميارديت، وقوات الحركة الشعبية التابعة لنائبه الأول رياك مشار. وكانت الخرطوم، وبصفتها رئيس «إيقاد»، والدولة الأقرب لجنوب السودان، قد أبدت قلقها البالغ من النزاع داخل الحركة الشعبية في المعارضة، وتأثيراته على اتفاقية السلام، ومن تأثير المواجهات المسلحة في المناطق المتاخمة للحدود الجنوبية للسودان (الشمالي) على مواطنيه، ودعا الأطراف كافة لوقف القتال والالتزام باتفاقية السلام.
وبداية هذا الشهر، أجرت وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي، مشاورات مع وزراء خارجية دول مجموعة «إيقاد»، بصفتها رئيس المجلس الوزاري للمجموعة، لاحتواء الأزمة.
ووقتها، أرجعت مصادر «الشرق الأوسط» أسباب القتال وانشقاق رئيس هيئة أركان جيش الحركة الشعبية قارويت، وحليفه المرشح السابق لولاية أعالي النيل جونسون أولونج، إلى أن الأول كان يرفض منذ البداية قبول مشار لمنصب النائب الأول قبل إتمام عملية إعادة دمج قوات الحركة الشعبية في جيش جنوب السودان وإتمام الترتيبات الأمنية، فيما يرجع موقف الثاني إلى أن الرئيس سلفاكير ميارديت رفض ترشيحه لمنصب حاكم إقليم «أعالي النيل»، وأن قائده «مشار» لم يحتج بجدية على رفض تسميته حاكماً للإقليم، فضلاً عن نزاعات أخرى تتعلق بأوضاع القوات بعد توقيع اتفاقية السلام.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.