عريضة لسحب الثقة من رئيس مجلس شورى «النهضة» التونسية

لاتهامه بارتكاب أخطاء أججت غضب المواطنين ضد الحركة

قوات الأمن تحرس مدخل مبنى البرلمان التونسي وسط العاصمة (أ.ف.ب)
قوات الأمن تحرس مدخل مبنى البرلمان التونسي وسط العاصمة (أ.ف.ب)
TT

عريضة لسحب الثقة من رئيس مجلس شورى «النهضة» التونسية

قوات الأمن تحرس مدخل مبنى البرلمان التونسي وسط العاصمة (أ.ف.ب)
قوات الأمن تحرس مدخل مبنى البرلمان التونسي وسط العاصمة (أ.ف.ب)

اتهمت قيادات إصلاحية داخل حركة النهضة التونسية (إسلامية)، عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى الحركة، بارتكاب «أخطاء غير مسبوقة» أسهمت في تأجيج الشعب التونسي ضد الحزب، وذلك من خلال «تصريحاته الكارثية»، خاصة منها ما تعلق بـ«صندوق الكرامة»، وصرف تعويضات لمن تعرضوا لانتهاكات جسيمة لحقوقهم الأساسية.
وقالت وسائل إعلام تونسية محلية إن 49 عضواً من أعضاء مجلس شورى «النهضة»، المكون من 150 عضواً، وقّعوا عريضة لسحب الثقة من الهاروني، الذي حصل على هذا المنصب في انتخابات المؤتمر في يونيو (حزيران) 2016.
وطالب الموقعون على هذه العريضة، ومعظمهم من مجموعة المائة، بإصلاحات داخل حركة النهضة، وعبّروا عن رفضهم لطريقة إدارة مجلس الشورى من قبل الهاروني، وسعيه إلى «تهميش دوره داخل مؤسسات الحركة»، بحسب ما جاء في نص العريضة. كما أبدى هؤلاء امتعاضاً مما سمّوه «انحيازاً واضحاً من قبل الهاروني، ودفاعاً مستميتاً عن مواقف رئيس الحركة راشد الغنوشي».
لكن جميلة الكسيكسي، القيادية في حركة النهضة، نفت وجود عريضة رسمية لسحب الثقة من الهاروني، وتوقيع أي عضو من أعضاء مجلس الشورى على أي وثيقة لسحب الثقة منه، واعتبرت أن المسألة لا تزال «مجرد فكرة يتداولها عدد من أعضاء مجلس الشورى».
ويشترط النظام الداخلي لمجلس شورى النهضة حصول العرائض على 50 توقيعاً من أجل عرضها على المجلس للحسم فيها، في حين أن التصويت لفائدتها يتطلب 51 صوتاً من إجمالي 150 صوتاً يمثلون أعضاء مجلس الشورى.
وكانت عدة قيادات من حركة النهضة قد دفعت نحو استقالة الهاروني من رئاسة مجلس الشورى خلال اجتماع استثنائي عُقد في الرابع من أغسطس (آب) الحالي، إثر تفعيل الرئيس قيس سعيد للفصل 80 من الدستور، وقراره إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي من منصبه، وتجميد أشغال البرلمان، مع رفع الحصانة عن أعضائه. غير أن رفضه الاستقالة وطريقة تعاطيه مع الأصوات الداعية لانسحابه، أسهم في زيادة توتر الأجواء داخل الحزب، خاصة بعد تسجيل خلافات عميقة حول تقييم قرارات سعيد يوم 25 يوليو (تموز) الماضي، بين مَن اعتبرها «انقلاباً»، ومَن رأى فيها «تصحيحاً للمسار الديمقراطي».
ودعت القيادات الإصلاحية داخل الحركة راشد الغنوشي، رئيس الحزب، والموالين له، إلى التحلي بالشجاعة، وتحمل مسؤولية ما حصل عبر «تشخيص واقعي».
من ناحيته، عبّر الهاروني عن تعرضه لحملة تشويه وصفها بـ«الخبيثة»، مؤكداً أنه تم ترويج تصريحات كاذبة، نسبت إليه قبل وبعد 25 يوليو الماضي.
على صعيد متصل، اعتبر محسن مرزوق، رئيس «حركة مشروع تونس»، أن حركة النهضة «لم تفهم بعد أن ما جرى من أحداث في 25 يوليو الماضي ليس في صالحها بالأساس، لأنه يعبر عن رغبة في تغيير منظومة سياسية تعفنت بأكملها»، على حد تعبيره.
وتحمّل مجموعة من الأحزاب السياسية، مثل «حركة الشعب» وحزب «التيار الديمقراطي»، المقربين من الرئيس سعيد، النصيب الأكبر من فشل منظومة الحكم السابقة إلى حركة النهضة وتحالفاتها السياسية، في إطار ما تنادي به من توافق بين الأفرقاء لإدارة الشأن العام.
من جهة أخرى، أفادت منظمة بوصلة (منظمة حقوقية مستقلة) بأن نواب البرلمان سيتقاضون راتب شهري أغسطس وسبتمبر (أيلول)، باعتبارهما عطلة مدفوعة الأجر، خصوصاً أنه لم يقع حل المجلس، بل تم تجميد اختصاصاته لمدة شهر واحد، وهو ما أثار جدلاً بخصوص حصول أعضاء البرلمان المجمد على رواتبهم، رغم الغضب الشعبي العارم حول أدائهم. وبهذا الخصوص، قالت كلثوم كنو، الرئيسة السابقة لجمعية القضاة التونسيين، إن قرار رئيس الجمهورية بتمكين أعضاء البرلمان من رواتبهم يأتي احتراماً للفصل 98 من الدستور، الذي ينص فقط على حالتين لوقف أجور النواب، وهما انتهاء المدة النيابية، واتخاذ رئيس الجمهورية قراراً بحل البرلمان، وهو ما لا ينطبق على حالة البرلمان المجمد، على حد قولها.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.