إعفاء حاكم ولاية سودانية بشبهة الانتماء للنظام المعزول

TT

إعفاء حاكم ولاية سودانية بشبهة الانتماء للنظام المعزول

نفذ رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، وعده بإعفاء حاكم ولاية القضارف (شرق البلاد)، بعد انتهاء المهلة الممنوحة له لتقديم استقالته طوعاً، أو إقالته في حالة الرفض، وذلك بشبهة الانتماء للنظام المعزول.
وأصدر حمدوك، أمس، قرار الإعفاء، وكلف أمين عام الحكومة بتصريف أعمال الولاية لحين تعيين حاكم جديد، وهي ثاني ولاية (بعد كسلا في شرق البلاد) لا يوجد بها حاكم.
وأقيل سليمان موسى من منصبه إثر مقطع فيديو تم تسريبه إلى وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر خلاله في منشط اجتماعي لإحدى القبائل وهي تبايع عام 2009 حزب المؤتمر الوطني (المنحل) الذي كان يقوده الرئيس المعزول عمر البشير. ونفى الحاكم المقال بشدة، في توضيح للرأي العام قبيل أيام، وجود أي صلة له بالنظام المعزول، موجهاً الاتهامات إلى من سماهم فلول نظام البشير بالترويج لمقطع الفيديو المذكور سعياً وراء إقالته.
وكان رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، قد أمهل، في مؤتمر صحافي الأحد الماضي، حاكم الولاية لتقديم استقالته في ظرف 24 ساعة، أو أنه سيقوم بإقالته. وأعلن الحاكم المقال، على صفحته الشخصية على «فيسبوك»، تجميد عضويته في حزبه (التجمع الاتحادي)، أحد الفصائل التي تشارك في كل مستويات السلطة الانتقالية في البلاد. وكتب: «التحية للجميع. لكثير من الأسباب السابقة والمواقف الأخيرة، أعلن تجميد عضويتي بالتجمع الاتحادي».
وكان المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير، الائتلاف الحاكم في السودان، قد أعلن (الجمعة الماضي) سحب الثقة من الحاكم، بعد تداول مقطع الفيديو بكثافة، ما خلق رأياً عاماً في الولاية والبلاد ساهم في حشد مواقف معارضة لاستمرار الحاكم في منصبه. وكان التجمع الاتحادي قد طالب الحاكم بالالتزام بقرارات تنسيقية الحرية والتغيير بالقضارف، وتقديم استقالته فوراً، مشيراً إلى أنه أخطر رئيس الوزراء والمجلس المركزي للحرية والتغيير رسمياً بالقرار.
وأوضح التجمع الاتحادي في البيان، الجمعة الماضي، أن عملية ترشيح واختيار حاكم ولاية القضارف تمت عبر مراحل طويلة وإجراءات معقدة نشرت لأهل الولاية كافة، وشاركت فيها كل مكونات الثورة، بما فيها قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة.
وجاء قرار الإعفاء، بحسب بيان مجلس الوزراء، وفقاً لأحكام الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019 التي تمنح رئيس الوزراء حق تعيين وإعفاء حكام الولايات، بعد التشاور مع تحالف قوى الحرية والتغيير.
ووجه القرار وزارتي شؤون مجلس الوزراء والحكم الاتحادي وحكومة ولاية القضارف والجهات المعنية الأخرى باتخاذ إجراءات تنفيذ القرار. ويتوقع أن تظل الولاية من دون حاكم، في ظل اتجاه الحكومة السودانية لإجازة قانون الحكم الفيدرالي في غضون الأشهر المقبلة، وتقسيم البلاد إلى 6 أقاليم، بحسب ما تم الاتفاق عليه في الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية، واستحقاقات اتفاقية سلام «جوبا» الموقعة مع الفصائل المسلحة في دارفور والنيل الأزرق. وتعد ولاية «القضارف» من أهم المراكز التجارية والزراعية في السودان، وهي تضم أراضي «الفشقة» التي استعادها الجيش السوداني بعد أكثر من عقدين من سيطرة إثيوبيا عليها.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».