وسط معاناة قطاع واسع من مواطني المدن والبلدات الليبية بسبب انقطاع المياه، دعت البعثة الأممية لدى البلاد أمس، إلى ضرورة «مقاضاة المسلحين المعتدين على مسار النهر الصناعي»، منذ مطلع الأسبوع الجاري.
وأرغمت مجموعة مسلحة موالية لعبد الله السنوسي رئيس جهاز الاستخبارات الليبية في النظام السابق، جهاز تنفيذ وإدارة مشروع «النهر الصناعي» بمنظومة (الحسونة سهل الجفارة)، بالقوة على وقف ضخ المياه يوم السبت الماضي، لحين الإفراج عنه.
وقال جهاز إدارة «النهر الصناعي» أمس، إن توقف ضخ المياه لا يزال مستمراً من المنظومة حتى الآن، وذلك «لعدم زوال الأسباب الخارجة عن سيطرة الجهاز»، لافتاً إلى أنه «غير مسؤول عما يتردد من معلومات عبر القنوات الإعلامية المحلية أو الصفحات الإلكترونية بخصوص ذلك».
وأدانت البعثة الأممية الاستمرار في وقف ضخ المياه من الجنوب إلى غرب وشمال ليبيا، وقالت إن عناصر مسلحة تسببت في إغلاق فرع النهر الصناعي «ما يشكل تهديداً للأمن المائي لملايين الليبيين وينذر بحدوث أزمة إنسانية».
وأضافت البعثة في بيانها أمس، أن «أي إعاقة للبنى التحتية الحيوية مثل النهر الصناعي تشكل انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وهو أمر مرفوض وينبغي إدانته خاصة عندما يتم استخدامه للابتزاز بغية الحصول على مكاسب سياسية». وعادت قضية السنوسي (71 عاماً)، صهر الرئيس الراحل معمر القذافي، المسجون في طرابلس إلى واجهة الأحداث مجدداً، وسط مطالبات عشيرته بسرعة الإفراج عنه، مشيرة إلى أنه «يعاني مرضاً عضالاً، ولا يلقى الاهتمام الطبي والعلاج اللازم».
وسبق لمسلحين ومشايخ من قبيلة المقارحة، التي ينتمي إليها السنوسي، التوعد بأنها «لن تصمت بعد اليوم» على احتجاز السنوسي الذي وصفته بـ«الأسير»، وأمهلوا السلطة الليبية 72 ساعة لإطلاق سراحه، لما وصفوه بـ«اعتلال صحته وإصابته بالسرطان وعدم تلقيه العلاج». لكن البعثة الأممية رأت أن هذه الأفعال غير المبررة تعد «شكلاً من أشكال العقاب الجماعي للمواطنين، ويتعين مقاضاة جميع مرتكبيها بأقصى حد يسمح به القانون». ويتعرض «النهر الصناعي» الذي دشنه الرئيس الراحل معمر القذافي، وكان مثار انتقادات وتهكم حينذاك، لكثير من الاعتداء؛ إما بقطع مياهه بقوة السلاح لمطالب فئوية، أو بالتعدي عليه بتركيب وصلات غير قانونية.
وعقب توقف ضخ مياه «النهر الصناعي» طالب سياسيون السلطة التنفيذية في البلاد بضرورة حماية هذا المرفق باعتباره «شرياناً حيوياً» يمس حياة ملايين الليبيين. وأمام هذه الأزمة، التي زادت من معاناة الليبيين لانقطاع التيار الكهربائي أيضاً لساعات طويلة، أكدت بعثة الأمم المتحدة مجدداً على أنه «لا ينبغي (تسييس) قطاع المياه، أو اعتراض إمداداتها، مناشدة «جميع الجهات الفاعلة تغليب المصلحة العليا للبلاد، ومصلحة كل الليبيين لضمان الاستئناف الفوري لإمدادات المياه واحترام بناها التحتية وحمايتها». وحملت قوى سياسية ونشطاء جميع السلطات الليبية مسؤولية إغلاق المياه، داعية إلى ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات لإنهاء الأزمة قبل «وقوع كارثة» في ظل ما تعانيه البلاد من تفشي وباء «كورونا».
وعبر حزب «الوطني الوسطي» عن رفضه للجوء إلى «هذه التصرفات کسلاح سياسي أو غيره من أي جهة أو مجموعة كانت لتحقيق أغراض نفعية»، وقال إن تعطيش المواطنين يعد «انتهاكاً خطيراً للقانون الوطني والقانون الدولي الإنساني؛ كما أنه جريمة يعاقب مرتكبيها وتستوجب المتابعة القانونية محلياً ودولياً للمحرضين والمنخرطين في مثل هذه الاعتداءات».
والسنوسي، الذي حُكم عليه بالإعدام عام 2015 لاتهامه بقمع المتظاهرين في «ثورة» 2011، هو زوج شقيقة صفية فركاش، الزوجة الثانية للقذافي، وكان ضمن الدائرة المقربة جداً منه طيلة فترة حكمه التي جاوزت 42 عاماً، وهو لا يزال ملاحقاً من المحكمة الجنائية الدولية.
ونقل مشايخ وأعيان بالجنوب الليبي عن العنود ابنة السنوسي، أنه منعت الزيارة عن أبيها منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، وأنه يعاني من مرض سرطان البروستاتا، وحالته الصحية آخذة في التدهور بعد نقله إلى سجن يشرف عليه عبد الرؤوف كارة الذي يتزعم ما يسمى بـ«قوة الردع الخاصة»، الأمر الذي دفع «الحزب الوطني الوسطي» إلى ضرورة «وضع مسألة حقوق السجناء السياسيين من جميع الأطياف كأولوية»، على أن يتم «توفير الرعاية الصحية لهم وكذلك الاهتمام بقضاياهم وبأسرع وقت».
البعثة الأممية تدعو لمقاضاة المعتدين على مياه «النهر الصناعي» في ليبيا
وسط دعوات سياسية للسلطة التنفيذية لحماية «المرفق الحيوي»
البعثة الأممية تدعو لمقاضاة المعتدين على مياه «النهر الصناعي» في ليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة