ناشطون لبنانيون يتوعدون بتصعيد تحركاتهم في الشارع

المرعبي يُسقط الدعوى ضد مقتحمي منزله

TT

ناشطون لبنانيون يتوعدون بتصعيد تحركاتهم في الشارع

تراجع النائب في كتلة «المستقبل» طارق المرعبي، عن دعوى قضائية كان قد تقدم بها ضد ناشطين اقتحموا منزله يوم الأحد الماضي في أعقاب انفجار خزان للوقود في منطقة عكار في شمال لبنان، بموازاة تحركات نفّذها ناشطون أمس رفضاً لاستدعاء المدعى عليهم، وتوعدوا بتصعيد تحركاتهم في الشارع رفضاً لتوقيف المحتجين.
واستدعت السلطات اللبنانية 13 ناشطاً وناشطة من الذين اقتحموا منزل المرعبي بعد أن ادّعى عليهم بتهمة الكسر والخلع وسرقة مقتنيات من منزله، بينهم ويليام نون، شقيق أحد ضحايا انفجار مرفأ بيروت في العام الماضي، وهو ما دفع ناشطين للتهديد بإقفال الطرقات في مختلف المناطق اللبنانية في حال عدم الإفراج عن الناشطين الموقوفين.
ولاحقاً، قال النائب المرعبي في تصريح من مجلس النواب: «ما حصل في منزلي لا يمثل رأي الثوار لكنني قررت من تلقاء نفسي الطلب من وكيلي القانوني أن يتراجع عن الدعاوى بحق المدعى عليهم والذين لا أعرف أحداً منهم».
ويحتجّ الناشطون ضد المرعبي ونواب عكار كافة متهمين إياهم بالتسبب بانفجار خزان الوقود. وسادت حالة من الغضب بين أوساط الناشطين يوم الأحد بعد انفجار خزان الوقود، فاقتحم بعضهم منزل المرعبي ونشروا مقاطع مصوّرة من داخله تُظهر العبث في محتوياته، كما وجّهوا شتائم وإهانات له، بعد تحميله جزءاً من مسؤولية ما جرى. كما احتشد ناشطون أمام منزل رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، وحطموا واجهاته.
وبعد استدعاء الناشطين للتحقيق في دعوى المرعبي ضدهم، نفذ ناشطون وأهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت تحركات في الشارع وتجمعوا أمام مقر شعبة المعلومات قرب المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في الأشرفية احتجاجاً على استدعاء الناشط وليم نون وآخرين في قضية اقتحام منزل النائب المرعبي وطالبوا بالإفراج عن سائر الموقوفين الذين تم توقيفهم قبل يومين. وانضم إلى أهالي الضحايا عشرات المتظاهرين من بينهم محامون ورفعوا الشعارات الداعية لإطلاق الموقوفين وكشف المسؤولين الذين تسببوا بانفجار 4 أغسطس (آب) بدلاً من اعتقال الناشطين.
ولم يحتوِ المرعبي حالة الغضب بعد إسقاط الدعوى القضائية، إذ أوضح المحامي أيمن رعد، من لجنة المحامين للدفاع عن الناشطين في لبنان أن «المرعبي ادّعى بجرائم تصل إلى حدود الجنايات، مثل جناية السرقة وبالتالي هو رفع سقف الاتهام ضد الناشطين وصعّب الملف قانونياً». وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كان من الممكن أن يقتصر الادعاء على دخول منزله»، موضحاً أن «تراجع المرعبي عن الشكوى وإن كان يفيد بموضوع إخلاءات السبيل وتخفيف الجرائم، إلا أنه لن يسقط الحق العام».
وقال رعد إنه «يتم التحقيق مع الموقوفين بحضور المحامين بانتظار ما ستقرره النيابة العامة»، مشيراً إلى أنه «حسب المعطيات من المفترض أن يبقى بعض الناشطين قيد التوقيف وأن يتم إخلاء سبيل بعضهم الآخر، لكن لا نعلم حتى الآن من سيتم الإفراج عنه ومن سيتم توقيفه».
وشرح رعد أنه في المسار القانوني، عندما تنتهي التحقيقات مع فرع المعلومات «يُرسل الملف إلى المدعي العام الذي بدوره يقرر الادعاء على الأشخاص، ثم يحال الملف إلى قاضي التحقيق الذي يعقد جلسة وفي نهايتها يقرر إخلاء سبيل الموقوفين أو توقيفهم».
وإذ لفت إلى احتمال توقيف بعض الناشطين لفترة تتراوح بين خمسة عشر يوماً وصولاً إلى الشهر، في حال لم يتم إخلاء سبيلهم، قال: «هذه هي الإجراءات حسب القانون اللبناني لكننا لا نعرف كيف ستطبّق عملياً». وأوضح أن هناك أكثر من خمسة عشر محامياً جندوا أنفسهم للدفاع عن الناشطين.
وتوعد الناشطون بتصعيد تحركاتهم والضغط في الشارع، وقالت الناشطة فيرينا إميل، وهي من المعتصمين أمام مقر ثكنة شعبة المعلومات حيث استجوب الناشطون: «نحن اليوم موجودون أمام مركز التوقيف دعماً للناشطين الموقوفين والمستدعين وللضغط»، مطالبة بإسقاط الحصانات عن المدعى عليهم في ملف انفجار مرفأ بيروت. وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «الناشطين سيفاجئون السلطة وسوف يتم التصعيد وإكمال الاعتصام»، وقالت: «لن نترك أماكننا أمام الثكنات قبل إخلاء سبيل آخر موقوف». وقالت: «وقع انفجار خزان الوقود ولم يحركوا ساكناً ونحن ما زلنا ندفع ضريبة الدم منذ 4 أغسطس 2020 وحتى اليوم».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.