العراق ينفي دعوة الرئيس السوري إلى قمة «الجوار الإقليمي»

قال إن الرسالة التي سلمها الفياض للأسد كانت لوضعه في أجواء المؤتمر

الرئيس السوري بشار الأسد مستقبلاً أمس رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي فالح الفياض (أ.ف.ب)
الرئيس السوري بشار الأسد مستقبلاً أمس رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي فالح الفياض (أ.ف.ب)
TT

العراق ينفي دعوة الرئيس السوري إلى قمة «الجوار الإقليمي»

الرئيس السوري بشار الأسد مستقبلاً أمس رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي فالح الفياض (أ.ف.ب)
الرئيس السوري بشار الأسد مستقبلاً أمس رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي فالح الفياض (أ.ف.ب)

في وقت نفت فيه وزارة الخارجية العراقية توجيه دعوة إلى الرئيس السوري بشار الأسد للمشاركة في قمة دول الجوار المزمع عقدها في بغداد في الـ 28 من الشهر الحالي، أكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية نقل رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي فالح الفياض رسالة من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى الأسد.
وزارة الخارجية العراقية أعلنت وفي بيان لها أن «الحكومة غير معنية بالدعوة الموجهة إلى سوريا للمشاركة في قمة دول الجوار». وقالت الخارجية في بيان لها إن «بعض وسائل الإعلام، تداولت أن الحكومة العراقية قدمت دعوة للحكومة السورية، للمشاركة في اجتماع القمة لدول الجوار والمزمع عقده بنهاية الشهر الجاري في بغداد». وأضاف البيان، أن «الحكومة العراقية تؤكد أنها غير معنية بهذه الدعوة، وأن الدعوات الرسمية تُرسَل برسالة رسمية وباسم دولة رئيس مجلس الوزراء العراقي»، مشيرة إلى أنه «لا يحق لأي طرفٍ آخر أن يقدم الدعوة باسم الحكومة العراقية».
وفيما بقي الموقف داخل العراق غامضاً لجهة عدم وضوح الصورة بشأن طبيعة الزيارة التي قام بها الفياض إلى دمشق فضلاً عن طبيعة مباحثاته مع الأسد، فإن الوكالة الرسمية للأنباء في سوريا حسمت الجدل بهذا الشأن حيث لم تشر في الخبر الرسمي بشأن استقبال الرئيس السوري للمبعوث العراقي إلى أي دعوة موجهة إليه من الكاظمي. وقالت في خبر لها إن «الأسد استقبل الفياض في ديوان الرئاسة بالعاصمة السورية دمشق» مشيرة إلى أن «الفياض نقل رسالة من الكاظمي تتعلق بمؤتمر دول الجوار المزمع عقده في بغداد نهاية الشهر الجاري في بغداد». وبينما لم تشر إلى وجود دعوة لسوريا فإنها أشارت إلى أن «الهدف من اللقاء كان أهمية التنسيق السوري - العراقي حول هذا المؤتمر والمواضيع المطروحة على جدول أعماله».
وطبقاً للوكالة الرسمية السورية فإن «اللقاء تضمن مناقشة الإجراءات المتخذة لتعزيز التعاون الثنائي المشترك في جميع المجالات وخصوصاً فيما يتعلق بـمكافحة الإرهاب وضبط أمن الحدود والذي يشكل عاملاً مهماً ليس على الصعيد الأمني فقط وإنما يسهم أيضاً في استمرار الحركة التجارية بين البلدين والتي تعود بالفائدة على الشعبين الشقيقين وتحقق مصالحهما».
وفي وقت لاحق أمس، أصدر المكتب الإعلامي للفياض بياناً نفى فيه توجيه دعوة إلى الرئيس السوري. وجاء في البيان أن الفياض نقل «خلال لقائه رئيس الجمهورية العربية السورية السيد بشار الأسد رسالة رئيس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي لتوضيح أن عدم توجيه دعوة الحضور للجانب السوري لا يعبر عن تجاهل العراق للحكومة السورية الشقيقة ومكانتها الراسخة؛ إنما هو تعبير عن الحرص على إنجاح مؤتمر نسعى من خلاله إلى توفير تفاهمات تساعد على إنتاج حلول لمشاكل المنطقة باشتراك جميع دول جوار العراق، وأن المشكلة السورية في طليعة هذه المشاكل».
وأضاف البيان: «مما أثار استغرابنا البيان المتسرع للإخوة في وزارة الخارجية الذي انساق وراء تسريبات من جهات إعلامية غير مطلعة، وانجرّ إلى مسائل افتراضية لا وجود لها».
من جهته، أكد مصدر رسمي عراقي لـ«الشرق الأوسط» أن «التنسيق مع سوريا مستمر حيث لم يقطع العراق علاقاته مع دمشق حتى حين اتخذت الجامعة العربية قرارها بتجميد عضوية سوريا». وأضاف المصدر الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه وهويته إن «هناك أموراً كثيرة تتطلب التنسيق بين البلدين لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب واستمرار عمليات التسلل عبر الحدود والمخاطر التي تترتب على أنشطة داعش بين الجانبين». وفيما تجنب المسؤول العراقي التعليق على نفي الخارجية العراقية توجيه دعوة إلى الأسد، فإنه أوضح أن «العراق أراد أن يضع السوريين في الجو العام للقمة بوصفها بلداً جاراً بصرف النظر عن المبررات بشأن توجيه دعوة من عدمه».
إلى ذلك، جدد الرئيس العراقي برهم صالح تأكيد بلاده على أهمية التكاتف الإقليمي والدولي من أجل مواجهة التحديات العالمية المختلفة. جاء ذلك خلال استقبال صالح أمس في بغداد وزير الدفاع الأستوني كالي لانيت. كما استقبل صالح سفير روسيا الاتحادية لدى العراق البروس كوتراشيف. وطبقاً لبيان رئاسي فإن اللقاء بحث «التطورات الإقليمية في المنطقة، حيث أكد الرئيس برهم صالح حاجة المنطقة إلى التفاهمات والحوارات البناءة لتخفيف الاختلالات والتوترات التي تكتنفها»، مؤكداً أن «العراق ينطلق نحو سياسة خارجية تستند إلى تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، حيث إن أمن العراق وسيادته مرتكز لأمن وسلام المنطقة».



الجيش الإسرائيلي يعترض باليستياً حوثياً

حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)
حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يعترض باليستياً حوثياً

حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)
حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، اعتراضَ صاروخ أطلقته الجماعة الحوثية، بعد وقت من دوي صفارات الإنذار في عدد من المناطق وسط إسرائيل إثر رصد إطلاق الصاروخ من اليمن.

وقال يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة، في بيان له، إن الجماعة نفذت عملية استهداف لهدف حيوي في منطقة يافا بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين2».

وبينما زعم سريع أن الصاروخ أصاب هدفه بنجاح، أكد بيان الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ خارج المجال الجوي الإسرائيلي.

وتوعد سريع بمضاعفة الجماعة عملياتها العسكرية بالصواريخ والطائرات المسيرة، ضمن ما سماه «نصرة وإسناد المجاهدين في قطاع غزة والضفة الغربية»، وهدد بعدم توقف العمليات العسكرية الموجهة ضد إسرائيل حتى يتوقف العدوان على قطاع غزة ورفع الحصار عنه.

في سياق متصل، كشفت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية عن تعرض سفينة تجارية لهجوم، قبالة سواحل مدينة عدن اليمنية.

وذكرت الهيئة، في بيان لها، أنها تلقت تقريراً عن حادث على بعد 80 ميلاً بحرياً جنوب مدينة عدن الواقعة على سواحل خليج عدن، دون إيضاح حول ما أصاب السفينة من أضرار أو خسائر بشرية أو مادية بسبب الهجوم.

وأكدت الهيئة أن «السلطات تقوم بالتحقيق حول الحادثة»، داعية السفن إلى المرور بحذر، والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه.

تعهدات بالتصعيد

منذ اندلاع الحرب في غزة قبل أكثر من عام، شنت الجماعة المدعومة من إيران هجمات صاروخية وأخرى بطائرات مسيرة على إسرائيل، كما باشرت هجماتها في البحر باختطاف سفينة زعمت تبعيتها لجهات إسرائيلية، لتواصل بعدها تنفيذ هجمات بالطائرات والزوارق المسيرة والصواريخ البالستية مستهدفة السفن وحركة الملاحة في البحر، ضمن ما تقول إنه تضامن مع الفلسطينيين، وانتصار لمظلوميتهم.

وتأتي هاتان الحادثتان بعد أيام من تعهدات أطلقها زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي باستمرار دعم «حزب الله» اللبناني وقطاع غزة، واستمرار العمليات العسكرية «بالصواريخ والمسيّرات» ضد إسرائيل، وتهديده بتصعيد الهجمات، برغم وقف إطلاق النار بين الحزب اللبناني والجيش الإسرائيلي.

مجسم طائرة بدون طيار خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل نظمتها الجماعة الحوثية في صنعاء منذ شهرين (إ.ب.أ)

وساهمت الهجمات الحوثية على إسرائيل، وفي البحر الأحمر، بتصاعد التوترات الإقليمية في الشرق الأوسط، مثيرة المزيد من المخاوف من تأثيرات الهجمات العابرة للحدود على الاستقرار في المنطقة.

وتعدّ الهجمات الإسرائيلية على مواقع الجماعة الحوثية أحد الردود العسكرية على الجماعة الحوثية، ضمن تحركات دولية عديدة، أهمها تشكيل «تحالف الازدهار» بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، الذي أُعلن قبل نهاية العام الفائت بنحو أسبوعين.

ورد الجيش الإسرائيلي على هجمات الجماعة الحوثية بغارات جوية، مرتين؛ الأولى في يوليو (تموز) والثانية في سبتمبر (أيلول) الماضيين، استهدف خلالهما مواقع ومنشآت حيوية في مدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية على الساحل الغربي لليمن.

وتسبب الهجومان الإسرائيليان بدمار في منشآت تابعة لميناء الحديدة واحتراق خزانات وقود وتدمير محطتين للكهرباء.

حريق ضخم في خزانات الوقود جوار ميناء الحديدة اليمني بعد ضربات إسرائيلية في يوليو الماضي (أ.ف.ب)

ورد الجيش الإسرائيلي في الهجوم الأول في يوليو على وصول طائرة مسيرة حوثية إلى تل أبيب، وتسببها بمقتل شخص وإصابة آخرين، أما الهجوم الثاني في سبتمبر فكان رداً على وصول صاروخ حوثي إلى مناطق وسط إسرائيل، وتسببه بحرائق في مناطق غير مأهولة حسب ما أعلنه الجيش الإسرائيلي نفسه.

مخاوف من التصعيد

تزامن الهجوم الصاروخي الحوثي في سبتمبر 2024، والرد عليه، مع بداية التصعيد بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» اللبناني، واغتيال عدد كبير من قادة الحزب، بينهم أمينه العام حسن نصر الله، واستهداف مواقع ومنشآت تابعة له في الجنوب اللبناني.

وأثارت الهجمات المتبادلة بين الجماعة الحوثية وإسرائيل مخاوف من احتمال توسع المواجهات والتصعيد غير المحدود، ما يهدد بمزيد من تدهور الأوضاع المعيشية في اليمن.

ويتوقع خبراء وباحثون سياسيون واقتصاديون، استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم في وقت سابق، أن تسعى الجماعة الحوثية إلى الاستفادة من الضربات التي تعرض لها «حزب الله» اللبناني، لتحويل نفسها إلى أهم ذراع لما يُسمى «محور الممانعة» الذي تتزعمه إيران، ويمثل «حزب الله» رأس الحربة فيه.

مخاوف يمنية من نتائج كارثية على البلاد جراء التصعيد الحوثي مع إسرائيل (رويترز)

ويتهم اليمنيون الجماعة الحوثية باستخدام العدوان الإسرائيلي على غزة ذريعةً للتهرب من جهود السلام في البلاد، ومن مطالب تحسين الأوضاع المعيشية، ودفع رواتب الموظفين العموميين التي أوقفتها منذ ما يزيد عن 8 أعوام.

وقُوبلت الهجمات الإسرائيلية على مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بتنديد إقليمي ودولي، خصوصاً وأنها استهدفت منشآت حيوية في البلد الذي يعاني من حرب طويلة أدخلتها في أزمة إنسانية معقدة، ولم يتبين أن تلك الهجمات أثرت على القدرات العسكرية للجماعة الحوثية.

ويعود آخر هجوم بحري حوثي، قبل هجوم الأحد، إلى 21 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، واستهدف سفينة قبالة سواحل عدن اليمنية بـ12 قارباً صغيراً.

وأصدرت الجماعة الحوثية حينها بياناً حول استهداف سفينة تجارية أثناء مرورها في البحر الأحمر، بعدد من الصواريخ الباليستية والصواريخ البحرية.

أكثر من 200 سفينة يقول الحوثيون إنهم استهدفوها خلال عام (أ.ف.ب)

وخلال الشهر ذاته أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية تعرض عدد من السفن التجارية لهجمات عسكرية بالصواريخ والقذائف والطيران المسيّر، قبالة سواحل الحديدة والمخا وعدن بالبحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وذلك بعد أيام من إعلان الجماعة الحوثية مسؤوليتها عن استهداف 3 سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، بالصواريخ والطائرات المسيّرة.

وفي إحصائية خاصة بها، تقول الجماعة إنها استهدفت خلال عام منذ أولى هجماتها أكثر من 200 سفينة.

ويواصل «تحالف الازدهار» توجيه ضرباته على مواقع تابعة للجماعة الحوثية التي تفيد المعلومات بأنها لجأت إلى إخفاء أسلحتها ومعداتها العسكرية في مخابئ جديدة في الجبال والكهوف.