أهالي ضحايا انفجار عكار يدفنون أبناءهم... وينتظرون التحقيق

جندي لبناني يقف بالقرب من موقع الانفجار الذي حصل أول من أمس في بلدة التليل بشمال لبنان وأسفر عن أكثر من 28 قتيلاً وعشرات المصابين (رويترز)
جندي لبناني يقف بالقرب من موقع الانفجار الذي حصل أول من أمس في بلدة التليل بشمال لبنان وأسفر عن أكثر من 28 قتيلاً وعشرات المصابين (رويترز)
TT

أهالي ضحايا انفجار عكار يدفنون أبناءهم... وينتظرون التحقيق

جندي لبناني يقف بالقرب من موقع الانفجار الذي حصل أول من أمس في بلدة التليل بشمال لبنان وأسفر عن أكثر من 28 قتيلاً وعشرات المصابين (رويترز)
جندي لبناني يقف بالقرب من موقع الانفجار الذي حصل أول من أمس في بلدة التليل بشمال لبنان وأسفر عن أكثر من 28 قتيلاً وعشرات المصابين (رويترز)

لم يُخمِد الهدوء الحذر الذي يلف منطقة عكار في شمال لبنان بعد حادثة انفجار صهريج المحروقات فجر الأحد، النار المتوقدة تحت الرماد. الترقب يعم المنطقة، بانتظار دفن ضحايا انفجار خزان الوقود الذي وقع في بلدة التليل، ثم نتائج التحقيقات التي ينتظرها اللبنانيون وأهالي المنطقة وذوو الضحايا والمصابين.
يمتزج صوت عادل حاويك، خال وعم فقد ثلاث ضحايا في انفجار عكار، بالغضب والحزن. يتحدث بنبرة حادة وصراخ تارة وصوت تقطعه غصة الدموع تارة أخرى. «علي يبلغ من العمر 18 سنة، وإبراهيم 15 سنة، أما خالد فيبلغ من العمر نحو 22 سنة»، يقول بصوت مرتجف عن الضحايا الثلاث الذين سقطوا في انفجار عكار، ويضيف: «جهزوا أوراقهم وكانوا سيسافرون إلى الخارج... كانت مسألة أيام لإجراء فحص الـبي سي آر قبل السفر». حاويك، ابن بلدة الكويخات العكارية، كان له ولعائلته نصيب مر من مأساة عكار، ويترقب كباقي أهالي المنطقة نتائج التحقيقات، حسبما يؤكد لـ«الشرق الأوسط». يقول إن مشهد عكار يختلف بين الاثنين والأحد، مشيراً إلى أن «أعمال التكسير والحرق والتخريب التي وقعت الأحد كانت كردة فعل على كارثة انفجار خزان الوقود»، أما اليوم «فالترقب والحزن سيد الموقف ويغلب الغضب». ويقول: «منطقة عكار اليوم في حالة ترقب بانتظار تسلم جثث الضحايا من المستشفيات ودفنهم».
لم تستلم عائلة حاويك ضحاياها بعد، إذ إن الجثث متفحمة ويصعب على أهل الضحايا التعرف عليهم. تنتظر العائلة فحوص الحمض النووي بعد أن توجهت والدة علي وإبراهيم ووالدة خالد إلى مستشفى القبة لإجراء الفحص للتعرف على الجثث.
ويرفض حاويك أي محاولات لطمس الحقيقة، ويحذر من يحاول القيام بذلك، ويقول: «بداية نريد دفن ضحايانا ثم لكل حادث حديث».
الخال والعم المفجوع يجبر نفسه على التماسك، ففي المستشفى ثلاثة من أبناء أخيه ما زالوا على قيد الحياة ووضعهم حرج، بانتظار نقلهم إلى الخارج للعلاج. ويحمل حاويك نواب ووزراء المنطقة المسؤولية. يقول: «هؤلاء المتسترون خلف الحصانات هم من يقومون بالتهريب إلى سوريا وهم من أوصلونا إلى ما وصلنا إليه اليوم».
وإذ يوضح أن «حال آل حاويك كحال جميع آهالي عكار وأهالي الضحايا والمصابين، ينتظرون التحقيق، وبناءً عليه سيكون التحرك»، يؤكد «الثقة الكاملة والمطلقة بالجيش وقوى الأمن في لبنان»، ويقول: «يهمنا الجيش اللبناني ولا نريد أي حزب بتاتاً، بل الجيش فقط لأننا نثق به».
ولا يختلف صوت مختار بلدة الكويخات رياض الحايك عن صوت عادل حاويك، هو أيضاً يتحدث بغصة وألم. يؤكد الحايك لـ«الشرق الأوسط» أن الأمور ما زالت متوترة والغضب كبير، مشيراً إلى أن «أهالي الضحايا بانتظار نتائج فحوص الحمض النووي لتسلم جثث الضحايا ودفنهم».
ويوضح أن «أهالي الضحايا يطالبون بتحقيق شفاف لمعرفة كيف قتل أولادهم... شباب بعمر الورد»، مشدداً على أن الأهالي لن يتركوا «حقهم وحق شهدائهم ولن يمر الموضوع مرور الكرام». ويضيف «نحن اليوم في حالة ترقب والمطالبة جدية للإسراع بالتحقيق، وننتظر ما ستعلنه الأجهزة الأمنية والقضائية». ويشير إلى أن الضحايا علي وإبراهيم وخالد زاروه في مكتبه قبل فترة قصيرة، وطلبوا أن يحضروا أوراقهم للسفر إلى الخارج لتأمين مستقبلهم».
وفي حين يحمل أهالي المنطقة الطبقة السياسية الحاكمة و«أصحاب الحصانات» المسؤولية، يؤكد النائب عن «كتلة المستقبل» في عكار وليد البعريني أنه طلب إسقاط الحصانة عنه، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «سأتوجه غداً (اليوم) إلى دارة رئيس «كتلة المستقبل» ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري ثم أتجه إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري لأقدم كتاباً لرفع الحصانة عني». ويشدد البعريني على أن «الضربة المأساوية التي تلقتها عكار تفوق قدرة احتمالها»، واصفاً إياها بـ«الفاجعة والكارثة والزلزال». وعن اتهام البعض بتورطه بفاجعة انفجار عكار، يقول: «إن كان لي أي علاقة بالموضوع أطالب بتعليق مشنقتي أمام الرأي العام... لا أقبل إلا بإعدامي شنقاً».
وكان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل قد قال أول من أمس (الأحد) إن صاحب الأرض التي وقع فيها الانفجار معروف بقربه من «تيار المستقبل» ومعروفة علاقته مع نائبين من «تيار المستقبل» وليد البعريني ومحمد سليمان.
ويؤكد البعريني أن «الأولوية اليوم هي لكشف الحقيقة، كيف حصل الانفجار ومن تسبب به ومن غطى الموضوع ومن سانده أو أسهم به»، ويختم بالقول: «نحن اليوم أمام فاجعة كبيرة لا تحمل المزايدات. هناك حقيقة يجب أن نصل إليها».



أنماط دعاية لحزب مصري جديد تثير اهتماماً وانتقادات

المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)
المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)
TT

أنماط دعاية لحزب مصري جديد تثير اهتماماً وانتقادات

المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)
المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)

استطاع حزب «الجبهة الوطنية» الوليد في مصر، أن يلفت الانتباه سريعاً، بسبب دعاية غير تقليدية صاحبت الإعلان عنه، ووُصفت بـ«المثيرة للجدل»، بينها مواكب لسيارات دفع رباعي سوداء تجوب القاهرة ترفع رايات الحزب، فضلاً عن حشود مؤيدين أمام مكاتب «الشهر العقاري» بالمحافظات لتسجيل توكيلات، تمهيداً لتقديم الحزب أوراق تأسيسه.

ويشترط تأسيس حزب جديد التقدم بإخطار للجنة شؤون الأحزاب، يكون مصحوباً بتوكيلات من 5 آلاف عضو من المؤسسين حداً أدنى، على أن يكونوا من 10 محافظات على الأقل، بما لا يقل عن 300 عضو من كل محافظة.

ولا يجد الحزب، الذي أعلن عن نفسه بمؤتمر ضخم في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بفندق «الماسة» في العاصمة الإدارية، صعوبة في جمع التوكيلات، بل إن عضو الهيئة التأسيسية للحزب، ووزير الزراعة السابق، السيد قصير، قال في تصريحات تلفزيونية، قبل أيام، إن ما لديهم من توكيلات «يفوق بأضعاف ما يحتاج إليه الحزب للتأسيس».

ورغم ذلك، لا تزال السيارات التي تحمل شعار الحزب، تجوب الشوارع إلى اليوم، ملتفاً حولها المئات، ممن حرروا توكيلات للحزب أو ينتظرون توقيعها.

وتداول نشطاء عبر «السوشيال ميديا» صوراً لسيارات «دفع رباعي»، قالو إنها تجوب القاهرة، داعية المواطنين إلى الانضمام للحزب، وانتقد البعض ما عَدُّوه «مبالغة لا تتناسب» مع الطبيعة الجغرافية للعاصمة، حيث توجد هذه السيارات بكثرة في المناطق الصحراوية الوعرة مثل محافظة شمال سيناء.

وربط البعض بين هذه السيارات ورجل الأعمال المصري إبراهيم العرجاني الذي يوجد نجله ضمن الهيئة المؤسِّسة للحزب.

ولم ينفِ الحزب على لسان وكيل مؤسسيه وزير الإسكان السابق عاصم الجزار، دعمه من قِبل العرجاني وغيره من رجال الأعمال، وذلك «لرد الجميل في صورة عمل مجتمعي». وأضاف الجزار خلال تصريحات إعلامية: «قولنالهم لا هنوزع كراتين ولا بطاطين، إحنا عايزين نعلم الناس إزاي يصطادوا ومنديلهمش سمكة».

وعَدَّ نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور عمرو هاشم ربيع، مشهد خروج حزب «الجبهة الوطنية» الجديد «مفتعلاً، ولا يعبِّر عن حراك حقيقي في الحياة الحزبية في مصر»، بل يراه «إعادة استنساخ لتجربة حزب (مستقبل وطن)» صاحب الأغلبية البرلمانية حالياً والموالي للسلطة.

وانتقد ربيع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الدعم الرسمي الكبير للحزب، والذي يظهر في «فتح القاعات الكبرى له، وتعليق دعايته على جدران المؤسسات الرسمية»، مؤكداً أن ذلك سيفضي إلى «نتائج عكسية، ويعكس غياب النزاهة والشفافية».

سيارة تابعة للحزب من أجل جمع التوكيلات (صفحة الحزب - فيسبوك)

وربط ربيع بين تجربة الحزب الجديد وتجربة «الاتحاد الاشتراكي» في ستينات القرن الماضي، والذي أسسه النظام الناصري ليضم فئات مختلفة من الفلاحين والعمال والمثقفين والرأسمالية الوطنية، بغرض دعم مصطلحات يصفها بـ«المائعة» مثل: دعم القيادة السياسية، والاصطفاف والتوحد خلف الدولة المصرية، وغيرها من المصطلحات التي تعني الحشد والتعبئة، مؤكداً أن «ذلك لا يمثِّل بديلًا للحاجة الملحة لوجود حياة سياسية حقيقية، وفتح المجال العام في مصر».

وكان وكيل مؤسسي الحزب قال في تصريحات عدة إن الحزب سيضم كل أطياف المجتمع المصري، وإنه لا يسعى للموالاة ولا المعارضة، ولا يسعى إلى الحكم، وإنما هدفه «تحسين الحياة السياسية».

لكن النائبة فريدة الشوباشي، وهي عضوة الهيئة التأسيسية للحزب، انتقدت الهجوم عليه دون حتى انتظار لرؤية ما سيحققه على الأرض، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «ما جذبني للحزب أنه حزب لجميع المصريين كما خرج شعاره، مؤكدة أنها لمست بنفسها حماساً جماهيرياً كبيراً واستبشاراً بالحزب خلال جولة لها في محافظة المنصورة (دلتا النيل)».

وأضافت: «لا أحد يستطيع أن يمنع الانتقادات، لكن من يدّعي أن الحزب يحشد هؤلاء الجماهير، فعليه أن يُثبت كلامه»، مشيرةً إلى أنها عادةً ما تتجاهل مثل هذه الآراء التي تهدف إلى «الهدم وليس البناء».

من جانبه، انتقد أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة الدكتور حسن عماد مكاوي، مشهد «الدعاية المبالغ فيه لحزب (الجبهة الوطنية) الجديد»، مرجعاً ذلك إلى أن «كثيراً من الأحزاب السياسية في مصر ليس لها دور، وهي عبارة عن فقاعات تطفو على السطح، وسرعان ما تختفي، كونها مصطنعة، وليست نابعة من الشارع».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن المواطنين عادةً ما يتجاهلون هذا النوع من الدعاية، ويقابلونه بحالة من «اللامبالاة»، على حد وصفه.

وبينما تتواصل الانتقادات، يستمر الحزب في دعايته، من ضمنها جلسة مع عدد من السيدات في محافظة الجيزة للتعريف بالحزب، قائلًا في بيان عبر صفحته على «فيسبوك»، الأحد، إن اللقاء «ضمن استراتيجية للتفاعل المباشر مع المواطنين في مختلف محافظات الجمهورية، والاستماع لمقترحاتهم وتطلعاتهم، تفعيلاً لمبدأ الشفافية، وتعزيز المشاركة المجتمعية وتبادل الأفكار والرؤى بهدف إعلاء المصلحة العليا للوطن والمواطن».

لقاء جماهيري لحزب الجبهة الوطنية في الجيزة (صفحة الحزب على فيسبوك)

ويرى عضو هيئة المؤسِّسين بالحزب محمد مصطفى شردي، أن الحزب لم يحرك أي جمهور أو مظاهرة سياسية لدعمه، معلقاً: «لا تعتبوا على حزب لم يبدأ نشاطه السياسي بعد». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، ما حدث أن «قيادات سياسية كبيرة وبالبرلمان أعلنوا في دوائرهم تأييدهم الحزب الجديد، فهبَّ مؤيدوهم إلى تحرير توكيلات، لإظهار الترحيب».