الإعلام الرسمي «يغطي» احتجاجات الساحل السوري

بعد انتقاد الأسد لأداء الصحافة المحلية

الأسد مترئساً اجتماع الحكومة أول من أمس (إ.ب.أ)
الأسد مترئساً اجتماع الحكومة أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

الإعلام الرسمي «يغطي» احتجاجات الساحل السوري

الأسد مترئساً اجتماع الحكومة أول من أمس (إ.ب.أ)
الأسد مترئساً اجتماع الحكومة أول من أمس (إ.ب.أ)

بعد ساعات من الاجتماع الأول للرئيس بشار الأسد مع الحكومة الجديدة اندلعت احتجاجات في ريف طرطوس على الساحل السوري بسبب انقطاع مياه الشرب لأيام طويلة وتلوث مياه الآبار الخاصة لقربها من مكب للنفايات، حيث قام الأهالي في بلدات يحمور والزرقات بقطع طريق طرطوس صافيتا بالإطارات المشتعلة.
وعلى الضد من سياسة التعتيم المتبعة في الإعلام الرسمي حيال هذه الأحداث، سارع يوم أول من أمس الأحد المسؤولون في المحافظة يرافقهم الإعلام الرسمي لاحتواء الغضب الذي بدأ بالتفجر في محافظة تعتبر حاضنة النظام الشعبية والخزان البشري الأكبر لقواته المسلحة، وأيضاً المحافظة ذات النصيب الأكبر بأعداد القتلى والمصابين من قوات النظام خلال الحرب، والذين قدر عددهم بنحو مائة وخمسين ألف قتيل علقت صور الآلاف منهم على مداخل مدن وبلدات محافظة طرطوس.
كان الأسد انتقد خلال اجتماعه مع الحكومة مساء السبت الأداء الإعلامي الرسمي وحمل جزءاً من المسؤولية عن ذلك للحكومة التي طالبها بمشاركة المواطنين بالمعلومات وقال إن موضوع الإعلام يطرح دائماً «لأن المشكلة الأكبر بيننا وبين المواطن هي التواصل (...) في موضوع التواصل دائماً لدينا مشكلة حقيقية» وأن «دور الإعلام هو أن يكون جسراً بين المواطن والمسؤول»، طالباً من أعضاء الحكومة التعاون مع الإعلام «إن لم تتعاونوا مع الإعلام لا يمكن أن ينجح (...) نجاح الإعلام أنتم ستكونون جزءاً منه وفشل الإعلام أنتم ستكونون جزءاً منه» طالباً الاستجابة «لكل متطلبات الإعلام بالمعلومة، بالتصريح، بالبيان» وعدم الاكتفاء ببث أخبار الزيارات والنشاطات والاستقبالات.
وفيما بدا ترجمة فورية لكلام الأسد قام الإعلام الرسمي بتغطية احتجاجات ريف طرطوس على انقطاع مياه الشرب العامة وتلوث مياه الآبار بالنفايات، مع الحرص على تحجيمها ضمن إطار مشكلة خدمية يجري العمل على حلها، بمعزل عن أزمة المياه التي تعاني منها البلاد عامة، خصوصاً أن عدة احتجاجات مماثلة وقعت خلال شهر أغسطس (آب) الجاري في منطقة مصياف بريف حماة وفي السويداء وريفها جنوب البلاد، وسط تعتيم إعلامي رسمي تام. حيث نفذ أهالي مصياف بداية الشهر الجاري اعتصاماً وسط البلدة ورفعوا لافتات «بدنا نعيش» وعبروا عن حالة غضب عارمة من معاملة النظام لهم كمواطنين «درجة رابعة» لأنهم «بالجيبة» أي أن ولاءهم للنظام مضمون، وحسب ما أظهرته مقاطع فيديو تم بثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وحسب مصادر في مصياف سارع محافظ حماة محمد كريشاتي وسط حالة استنفار أمني للقاء الأهالي واحتواء غضبهم بوعود تحسين زيادة ساعات وصل الكهرباء وبما يمكن من إيصال المياه وملء خزانات المنازل، حيث تمت زيادة ساعات وصل التيار الكهربائي بضع ساعات مقابل زيادة قطعها عن مناطق أخرى مجاورة.
بعد أيام من احتجاجات مصياف اقتحم عشرات من أهالي حي الجولان في مدينة السويداء مبنى مؤسسة المياه، وقاموا بإغلاق بعض المكاتب فيها واحتجزوا سيارتين من داخل المؤسسة بسبب انقطاع المياه عن الحي لنحو شهر، وكان قد سبق ذلك بيومين قطع أهالي قرية «أم ضبيب» بريف السويداء الطريق الرئيسي، احتجاجاً على تفاقم مشكلة المياه جراء قطع الكهرباء.
وتعاني مناطق النظام من أزمة كهرباء خانقة نتيجة عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل محطات التوليد، ومع اشتداد حرارة فصل الصيف تفاقمت مشكلة شح المياه نتيجة توقف محطات الضخ لعدم توفر الكهرباء اللازمة للضخ. ومع أن أغلب المناطق باتت تعتمد على مياه الآبار الخاصة والتي يتم بيعها للأهالي بأسعار زادت عدة أضعاف نتيجة زيادة الطلب، إلا أن المخاطر زادت كونها مياهاً مجهولة المصدر وغالباً ملوثة، حيث تسبب تلوث المياه في ريف طرطوس بحالات تسمم واسعة دفعت الأهالي للخروج إلى الشارع والاحتجاج والتهديد بأعمال العنف وقطع الطرقات.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن وزارة النقل تأكيدها «إعادة فتح طريق صافيتا - طرطوس بعد احتجاج عدد من أهالي منطقة يحمور والزرقات على مسألة تلوث مياه الشرب قبل أيام نتيجة وجود مكب نفايات وادي الهدة». وذلك بعد لقاء محافظ طرطوس صفوان أبو سعدى مع «الأهالي في يحمور والزرقات والاستماع لشكاواهم» حيث دعاهم «لزيارة أمانة المحافظة لبحث جميع المطالب ولا سيما نقل المكب الذي سبب التلوث في المنطقة». كما تم وصل الكهرباء في المنطقة «لمدة زادت على خمس ساعات اليوم حتى يتمكن الأهالي من ضخ المياه من آبارهم الخاصة الملوثة لغرض تعزيلها وتجديد المياه فيها إضافة لتمكنهم من الحصول على مياه الشرب من محطات ضخ المؤسسة العامة لمياه الشرب والتي كان يعوق وصولها الانقطاع الطويل للكهرباء أيضاً» حسب تعبير وكالة «سانا».
ولا تزال الشكاوى من انقطاع المياه تتصاعد في مناطق متفرقة من البلاد لتشكل تهديداً أمنياً جدياً للنظام إذ يصيب أكثر مناطقه أمناً من حيث ضمان الولاء الكامل. وسط تنامي انتقاد الموالين للنظام للإعلام الرسمي للأداء الحكومة عموماً.



غروندبرغ يعول على «هدنة غزة» لعودة مسار السلام في اليمن

غروندبرغ يحيط مجلس الأمن بمستجدات الحالة اليمنية (الأمم المتحدة)
غروندبرغ يحيط مجلس الأمن بمستجدات الحالة اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ يعول على «هدنة غزة» لعودة مسار السلام في اليمن

غروندبرغ يحيط مجلس الأمن بمستجدات الحالة اليمنية (الأمم المتحدة)
غروندبرغ يحيط مجلس الأمن بمستجدات الحالة اليمنية (الأمم المتحدة)

حذّر المبعوث الأممي هانس غروندبرغ من مخاطر التصعيد في اليمن، وقال إن ذلك سيؤدي إلى عواقب إنسانية وخيمة، وأبدى أمله في أن يؤدي إبرام «هدنة في غزة» إلى عودة مسار السلام بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية.

وكان المبعوث يتحدث قبل الأنباء التي تداولت إعلان الهدنة، إذ جاءت تصريحات المبعوث خلال إحاطته أمام مجلس الأمن، صباح الأربعاء (بتوقيت نيويورك)، وسبقتها نقاشات أجراها ضمن رحلاته المكوكية إلى مسقط وصنعاء وطهران والرياض.

وتأتي التحركات الأممية في إطار مساعي غروندبرغ للحفاظ على التهدئة اليمنية الهشة القائمة، وفي سياق المساعي للضغط على الحوثيين لإطلاق سراح موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية وموظفي البعثات الدبلوماسية.

وإذ أشار المبعوث إلى حملة اعتقالات الحوثيين الجديدة، فإنه قال إن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى عواقب إنسانية وخيمة.

وحضّ المبعوث على وقف هجمات الجماعة في محافظة البيضاء، في إشارة إلى أعمال التنكيل التي ارتكبوها ضد سكان قرية «حنكة آل مسعود»، كما دعا الجماعة إلى الإطلاق الفوري لجميع الموظفين المحتجزين تعسفياً، وشدّد على الحاجة لخفض التصعيد؛ لأن 40 مليون يمني ينتظرون السلام، وفق تعبيره.

وفي حين أشار غروندبرغ إلى أن الهجمات الحوثية على الملاحة تقوض فرض السلام في اليمن، فإنه جدّد عزمه على مواصلة العمل لتحقيق السلام في اليمن. وقال إن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة سيكون بصيص أمل للوضع في اليمن الذي يشهد تصعيداً بين الطرفين المتحاربين على جبهات كثيرة.

غروندبرغ التقى في الرياض رئيس الحكومة اليمنية أحمد بن مبارك (الأمم المتحدة)

وأضاف أن تصاعد الهجمات والهجمات المضادة في اليمن يقوض آفاق السلم والاستقرار الاقتصادي، مشيراً إلى أن التصعيد يؤكد أن الاستقرار النسبي، وكذلك تحسن الأوضاع الأمنية القائم منذ الهدنة قد يتبددان.

وعلى النقيض من آمال غروندبرغ في إحياء عملية السلام في اليمن بعد «هدنة غزة»، تسود مخاوف يمنية من أن الحوثيين يعدون لتفجير الحرب ضد الحكومة اليمنية، مستغلين التعاطف الشعبي مع فلسطين الذي مكّنهم من تجنيد عشرات الآلاف خلال العام الماضي.

ولعل هذه المخاوف هي التي دفعت غروندبرغ للقول إنه يشعر بالقلق من أن الأطراف «قد تعيد تقييم خياراتها للسلام، وترتكب حسابات خاطئة بناءً على افتراضات خاطئة». في إشارة إلى إمكانية عودة الحرب على نطاق واسع.

الحديث عن التصعيد والمعتقلين

وتطرق إلى أضرار التصعيد الحوثي والضربات الإسرائيلية والغربية، وقال: «لقد ألحقت الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة أضراراً بالبنية التحتية المدنية الحيوية، بما في ذلك ميناء الحديدة ومطار صنعاء الدولي»، وأشار إلى الضرر الذي لحق بالميناء، والقوارب القاطرة العاملة في تفريغ المساعدات الإنسانية.

وأوضح أنه كرر دعواته خلال زيارته صنعاء للإفراج فوراً ودون قيد أو شرط عن جميع الموظفين المعتقلين تعسفياً من الأمم المتحدة والمنظمات الوطنية والدولية والبعثات الدبلوماسية والقطاع الخاص.

كما حضّ الجماعة على إطلاق سراح سفينة «غالاكسي ليدر» وطاقمها المكون من 25 فرداً، الذين تم احتجازهم بشكل غير قانوني لأكثر من عام الآن.

المبعوث الأممي إلى اليمن طلب من إيران الدعم لإطلاق سراح المعتقلين لدى الحوثيين (الأمم المتحدة)

وأبدى المبعوث قلقه إزاء التقارير التي تفيد بموجة جديدة من الاعتقالات الحوثية، وتحدّث عن التصعيد على طول كثير من الخطوط الأمامية، وقال: «يجب على الأطراف اتخاذ خطوات ملموسة بشكل عاجل نحو تحقيق اتفاق وقف إطلاق النار على مستوى البلاد».

وتحدث غروندبرغ عن جهود مكتبه بشأن القضايا الاقتصادية والعسكرية، وقال: «استكشفنا كيف يمكن للتعاون بين الطرفين أن يفتح الباب أمام تحقيق مكاسب السلام الحاسمة. ويشمل ذلك توحيد البنك المركزي، واستئناف صادرات الوقود الأحفوري، والدفع الكامل لرواتب القطاع العام».

وكان المبعوث قبل إحاطته التقى مسؤولين عمانيين في مسقط، وقادة الجماعة الحوثية في صنعاء، قبل أن يلتقي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك، ووزير الخارجية شائع الزنداني.

يُشار إلى أن اليمنيين كانوا مستبشرين في نهاية 2023 بالبدء في تنفيذ خريطة طريق للسلام توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن انخراط الجماعة الحوثية في الصراع الإقليمي ضمن ما يسمى «محور المقاومة» بقيادة إيران، وشنّ الهجمات على السفن أدى إلى جمود هذه المساعي حتى الآن.

وخلال جلسة إحاطة غروندبرغ، تحدثت ممثلة الولايات المتحدة في مجلس الأمن، وقالت إنه حان الوقت للرد على تهديدات الحوثيين، مؤكدة وجوب مساءلة إيران عن هجماتهم على الملاحة.
وأشارت المندوبة الأميركية إلى حملات الحوثيين لاعتقال الموظفين الأمميين، وموظفي البعثات الدبلوماسية، داعيةً لحرمان الجماعة من مواردها المالية المستخدمة في شن الهجمات، وتسليط الضوء على علاقتها مع حركة «الشباب» الصومالية، والتخادم معها في تهريب الأسلحة.
وفي الجلسة نفسها، أكد المندوب اليمني عبد الله السعدي، أن الوضع الإنساني والاقتصادي في بلاده لا يحتمل، وقال إن الحكومة حريصة على التعاطي مع كل الجهود للتوصل إلى تسوية سياسة، داعياً مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته لتطبيق قراراته بما يكفل إنهاء الانقلاب الحوثي وفق المرجعيات الدولية المتفق عليها.
وحمّل السعدي المجتمع الدولي مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في اليمن، وأوضح أن غياب الإرادة الدولية إزاء الحوثيين هي التي ساعدت في تحويل الحديدة إلى قاعدة لتهديد الملاحة والأمن الإقليمي.