مصادر إسرائيلية: حجب الأموال القطرية عن موظفي {حماس} أشعل التوتر مع غزة

تلاميذ يتفحصون الدمار الذي طال مدرستهم مع بدء العام الدراسي في غزة (أ.ف.ب)
تلاميذ يتفحصون الدمار الذي طال مدرستهم مع بدء العام الدراسي في غزة (أ.ف.ب)
TT

مصادر إسرائيلية: حجب الأموال القطرية عن موظفي {حماس} أشعل التوتر مع غزة

تلاميذ يتفحصون الدمار الذي طال مدرستهم مع بدء العام الدراسي في غزة (أ.ف.ب)
تلاميذ يتفحصون الدمار الذي طال مدرستهم مع بدء العام الدراسي في غزة (أ.ف.ب)

قالت مصادر سياسية في إسرائيل، إن التوتر الأمني الأخير الحاصل بين الجيش والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، والذي بدا بإطلاق صاروخ باتجاه البلدات الإسرائيلية والرد عليه بغارات على مواقع تابعة لحركة حماس، نجم عن تأخير تحويل المنحة القطرية، والكشف عن اتفاق بين الدوحة والأمم المتحدة، يقضي باستثناء موظفي حكومة حماس منها.
وتابعت هذه المصادر، أن المخابرات الإسرائيلية واعية لاحتمالات تفاقم التوتر أكثر، وتدعي أن لديها معلومات استخبارية تفيد بأن «حماس بعثت برسائل لعناصرها ولمختلف الفصائل في القطاع، تدعوهم فيها إلى الاستعداد لمواجهة تصعيد حربي تدريجي من شأنه أن يؤدي إلى مواجهة شاملة».
وكانت حماس قد حاولت إعطاء تفسير آخر للتوتر، فقالت إنها لن تسكت على استمرار إسرائيل في فرض الحصار على قطاع غزة، ووضع شروط تعجيزية على تصدير منتوجات قطاع غزة إلى الخارج وتحكمها في المعابر، من دون أي اعتبار للمصالح والأوضاع الفلسطينية. كما تحدثت عن إعاقتها عملية إعمار غزة وإدخال الدعم القطري للعائلات الفقيرة في القطاع.
وهاجمت حماس الجمود في المحادثات من أجل التوصل إلى تسوية وتهدئة طويلة الأمد بعد العلمية العسكرية «سيف القدس»، في مايو (أيار) الماضي، والمعادلات الجديدة التي تحاول إسرائيل فرضها بشن غارات الطيران الحربي بوتائر عالية على مواقع في غزة، رداً على البالونات الحارقة، إضافة إلى القصف المدفعي.
وفي يوم أمس أعلنت حماس أن إطلاق القذيفة الصاروخية، جاء تأكيداً على جدية التهديدات التي أطلقتها فصائل المقاومة وحركة الجهاد من غزة، صباح أمس الاثنين، رداً على العملية العسكرية للاحتلال في جنين واستشهاد 4 شبان برصاص عناصر الوحدات الخاصة التي اقتحمت مخيم جنين.
وحسب الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، فإن صافرات الإنذار انطلقت بعد ظهر أمس الاثنين، في بلدة سديروت وفي محيط مستوطنات «غلاف غزة»، حيث تم إطلاق صاروخ من قطاع غزة، فاعترضته منظومة القبة الحديدة وفجرته وهو في الجو، قبل أن يصل إلى هدفه. وقد تسبب الصاروخ في هلع كبير في سديروت وهرب السكان مفزوعين من محطة فحص «كورونا» نحو الملاجئ.
من جهة ثانية كشفت مصادر إسرائيلية، أن قطر توصلت إلى اتفاق مع الأمم المتحدة على توزيع المنحة القطرية على العائلات المحتاجة في قطاع غزة، وذلك بقيمة 100 دولار لنحو 160 ألف مواطن. وأن الاتفاق ينص على أن تتولى المؤسسة الدولية تنظيم دفع المنحة، بواسطة بطاقات ائتمان يتم شحنها مرة في الشهر وتدفع عبر البنوك الفلسطينية.
وقالت إن الاتفاق سيوقع اليوم الثلاثاء، «إذا لم يحصل أي طارئ يمنع ذلك». ثم لفتت لاحتمال أن يقع طارئ، لأن حماس غير راضية عن هذا الاتفاق، كونه «يرضخ للمطلب الإسرائيلي ويحرم موظفي حكومة حماس في قطاع غزة من هذه المنحة».
المعروف أن قطر خصصت مبلغاً شهرياً للمنحة بقيمة 30 مليون دولار، على أن يوزع على العائلات المحتاجة وعلى مشاريع الإعمار وكذلك على موظفي حكومة غزة. وتعتبر حماس حرمان موظفيها من المنحة، خرقاً للاتفاقات ومحاولة إسرائيلية لتغيير معادلات الردع والتوازنات المتفق عليها، والتي قررت حكومة إسرائيل الجديدة برئاسة نفتالي بنيت، تغييرها من جانب واحد.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.