أسرة بريطاني ـ إيراني تخشى على حياته في سجون إيران

بعد حقنه بـ«جرعة غامضة» وتدهور صحته

وقفة إحتجاجية أمام مقر الحكومة البريطانية في داونينغ ستريت بلندن دعما لأنوج عاشوري المسجون حاليا في إيران (رويترز)
وقفة إحتجاجية أمام مقر الحكومة البريطانية في داونينغ ستريت بلندن دعما لأنوج عاشوري المسجون حاليا في إيران (رويترز)
TT

أسرة بريطاني ـ إيراني تخشى على حياته في سجون إيران

وقفة إحتجاجية أمام مقر الحكومة البريطانية في داونينغ ستريت بلندن دعما لأنوج عاشوري المسجون حاليا في إيران (رويترز)
وقفة إحتجاجية أمام مقر الحكومة البريطانية في داونينغ ستريت بلندن دعما لأنوج عاشوري المسجون حاليا في إيران (رويترز)

أعلنت أسرة مواطن بريطاني من أصول إيرانية أمضى أربع سنوات في سجن إيراني سيئ السمعة أنه أصبح فجأة يعاني من آثار جانبية بعد أن حقنه السجانون بـ«لقاح غامض». وتقول أسرة أنوج عاشوري، إنهم «لا يثقون» في أن الجرعة التي تلقاها هي لقاح ضد فيروس «كورونا»، لذلك نظموا احتجاجاً خارج مقر رئيس الوزراء البريطاني «داونينغ ستريت»، في محاولة لجذب انتباه الحكومة البريطانية لقضية عاشوري، وذلك في الذكرى السنوية الرابعة لاعتقاله.
ووجهت زوجته شيري إيزادي وابنه آريان وبنته إليكا، الاتهام ضد بوريس جونسون بتجاهل معاناتهم، ونظموا احتجاجاً وهم جالسون على ثلاثة كراسي أمام مكتب جونسون وبينهم كرسي رابع فارغ، في دلالة على غياب رب الأسرة. وطالبت العائلة بلقاء رئيس الوزراء البريطاني الذي تتهمه بأنه «عديم الكفاءة» وبسوء إدارة القضية. وقالت شيري إيزادي لصحيفة «ميرور» البريطانية: «إنه خائف من الإصابة بفيروس (كورونا) لقد حقنوه قبل عشرة أيام بشيء ما، ولكن الكثير من الناس كانت لديهم ردود فعل. إنه يعاني من آلام في الظهر».
وأضافت أنهم أخبروا زوجها بأنه قد تم حقنه بلقاح صيني الصنع، والذي تمت الموافقة على استخدامه بشكل طارئ من قبل منظمة الصحة العالمية، لكن الابنة إليكا (35 عاماً) قالت: «كان بإمكانهم حقنه بأي شيء، ونحن لا نثق بهم أبداً».
وعاشوري مهندس متقاعد يبلغ 67 عاماً من سكان جنوب لندن، أوقف في عام 2017 خلال زيارته والدته حين اتهم بالتجسس لصالح إسرائيل وحكم عليه بالحبس في إيران عشر سنوات، وفق عائلته التي تقيم في لندن. وقالت شيري لوكالة الصحافة الفرنسية: «نأمل الحصول على اعتراف رسمي» وأن يأخذ بوريس جونسون «قضية زوجي على عاتقه» متهمة إياه بأنه لم يطرح هذه القضية علناً منذ أربع سنوات.
واتهم أريان عاشوري رئيس الوزراء البريطاني بأنه «عديم الكفاءة لدرجة الخوف من الإدلاء بأي تعليق قد يفاقم الوضع». من جهتها شككت شقيقته إيليكا في أن يكون رئيس الحكومة البريطانية على علم بالقضية. وكان جونسون قد طالب عبر تويتر السلطات في طهران بإطلاق سراح عاشوري و«سائر الرعايا البريطانيين المعتقلين جوراً في إيران». ومن ضمن المعتقلين في إيران إيرانيون يحملون جنسيات أخرى، علماً بأن طهران لا تعترف بازدواج الجنسية.
وتندد الحكومة البريطانية باعتقال السلطات الإيرانية إيرانيين - بريطانيين وتقول إن طهران تستخدمهم رهائن لممارسة ضغوط على الدول الغربية. وفي الذكرى الرابعة لاعتقال عاشوري، تضامنت مجموعة صغيرة من المتظاهرين مع عائلته، من بينهم ريتشارد راتكليف، زوج نازانين زغاري راتكليف المعتقلة تعسفياً في إيران منذ عام 2016 في إيران، رافعين لافتات كُتب عليها «أطلقوا سراح أنوش» و«يا رئيس الوزراء لمَ ترفض لقاءنا؟».
وتقول أسرة عاشوري، التي تعيش في جنوب لندن، إن رئيس الوزراء البريطاني لم يأخذ قضيتها على محمل الجد رغم تغريداته في تويتر، ودعوه لبذل المزيد من الجهود لإطلاق سراح والدهم المهندس المتقاعد. وألقي القبض على عاشوري، الذي يحمل الجنسيتين البريطانية والإيرانية، في 13 أغسطس (آب) عام 2017 أثناء زيارته لأمه المسنة في طهران، وحكم عليه بعدها بالسجن 10 سنوات بعد إدانته بالتجسس، في حكم أثار موجة تنديد دولية.
وتقول عائلته إنها يساورها القلق البالغ بشأن صحته، مشيرة إلى أن جونسون - الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية عندما تم اعتقال عاشوري - قد خذلهم حتى الآن.
ووصفت الابنة إليكا الكارثة المدمرة التي لحقت بهم إثر اعتقال والدها في سجن (إيفين) سيئ السمعة في طهران، قائلة: «هناك الكثير من الشعور بالذنب عندما تواصل حياتك وأنت تعرف مقدار معاناته هناك. لم نكن نعرف شيئاً عن عالم السياسة منذ أربع سنوات. وهذا يؤثر بشكل كبير على حياتنا وعلى صحتنا النفسية».
قالت إيزادي: «إن استمرار الحياة بدونه أشبه بمحاولة قيادة سيارة بثلاث عجلات فقط». وأضافت أنها تأمل أن يتلقى بوريس جونسون الرسالة أخيراً. وإذا لم يدفعه هذا إلى العمل والتصرف، فإننا لا نعرف ما الذي سوف يدفعه». وقال الابن آريان إنه يشتاق إلى أبيه كل يوم، مضيفاً: «لقد كان يساعدنا في كل شيء».
من جانبه، أعرب راتكليف، الذي تعيش زوجته في حالة «إهمال شديدة» في انتظار معرفة ما إذا كانت ستعود إلى السجن، عن تأييده لأسرة عاشوري. وأضاف قائلاً: «إنها أشبه بجماعة للمساعدة الذاتية. لا يوجد الكثير من الناس الذين يستطيعون فهم كيف تبدو هذه الرحلة. وظيفتهم ووظيفتي واحدة، وهي إعادة أحبائنا إلى ديارهم. اليوم هو يوم صعب بالنسبة لهم لأنه بعد مرور أربع سنوات على سجن عاشوري لا نريد لهذه المناسبات أن تمر مرور الكرام».
وقد قبض عاشوري أثناء زيارته لوالدته، التي تبلغ من العمر الآن 89 عاماً، في طهران. وكان من المقرر أن يزور حماته في طهران يوم اختفائه، ما أثار حالة من الذعر في عائلته. وبعد يومين فقط تمكن من الاتصال بوالدته ليخبرها بأنه في السجن. وقالت إيزادي إنه من الصعب التصديق بأن زوجها سيفرج عنه قبل انتهاء فترة عقوبته البالغة 10 سنوات والتي تمتد حتى عام 2027.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».