أثار سقوط المدن الأفغانية كحجارة الدومينو بأيدي حركة «طالبان» ردود فعل عنيفة في الولايات المتحدة، ودفع بالجمهوريين المعارضين لقرار الرئيس الأميركي جو بايدن، الانسحاب من أفغانستان إلى حثه على تغيير استراتيجيته فوراً وإعادة القوات الأميركية إلى هناك.
وقال زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل، «إن لم يغير الرئيس بايدن من مساره بسرعة، فـ(طالبان) هي على طريق تحقيق فوز عسكري بارز». واعتبر مكونيل أن عملية إجلاء الموظفين الأميركيين من السفارة في كابول، وإرسال قوات عسكرية لدعم عملية الإجلاء، ما هي إلا تحضيرات لسقوط كابول، مضيفاً بلهجة محذرة: «قرارات الرئيس بايدن وضعتنا بمواجهة مشهد أسوأ من سقوط سايغون المذل في عام 1975».
وهاجم مكونيل مساعي الإدارة لإقناع «طالبان» بعدم مهاجمة السفارة الأميركية في كابول، فقال: «إدارة بايدن قللت من شأن المسؤولين الأميركيين عندما طلبت منهم التوسل إلى المتشددين الإسلاميين لعدم مهاجمة سفارتنا، وهم يستعدون للسيطرة على كابول». وتابع بلهجة غاضبة: «إن الحجة التي تعتمدها حكومتنا بسذاجة هي أن حمام الدم قد يؤذي سمعة (طالبان) الدولية، وكأن الإرهابيين المتشددين قلقون من صورة علاقاتهم العامة».
وحث زعيم الجمهوريين، بايدن، على الالتزام فوراً بتقديم المزيد من الدعم للقوات الأفغانية، وتعزيز الدعم الجوي لما بعد الـ31 من أغسطس (آب)، مضيفاً: «من دون هذا الدعم قد تحتفل (القاعدة) و(طالبان) بالذكرى العشرين من اعتداءات سبتمبر (أيلول) وهي تضرم النيران بسفارتنا في كابول». كما حذر من أن سيطرة «طالبان» على أفغانستان ستعطي الحياة للحركات الإسلامية المتشددة، مقارناً الوضع في أفغانستان بسيطرة تنظيم «داعش» على العراق وسوريا ما أدى إلى إطلاق «موجة من الإرهاب العالمي». وختم الجمهوري بيانه بالقول: «إن استراتيجية الرئيس بايدن حولت وضع أفغانستان السابق والمستقر الذي شابته عيوب إلى إحراج هائل ولد حالة طوارئ دولية في غضون أسابيع. الرئيس بايدن اكتشف أن أسرع طريقة لإنهاء حرب هي خسارة الحرب. وتكلفة هذا وتداعياته سيتردد صداها حول العالم».
ولم تتوقف ردود الفعل الغاضبة عند مكونيل فحسب، بل أصدر كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب مايك مكول، بياناً نارياً وصف فيه إجلاء السفارة الأميركية في كابول بـ«المخيب للآمال لكنه كان متوقعاً». واتهم مكول، البيت الأبيض، بتجاهل تقييم الاستخبارات الأميركية بخصوص الوضع في أفغانستان، مشيراً إلى أن الخارجية رسمت «صورة وردية للوضع القاتم». وأضاف: «لأشهر طويلة حذرت الرئيس بأنه يحتاج لاتخاذ خطوات للسيطرة على تداعيات قراره السيئ بالانسحاب كلياً من أفغانستان. لكن وعوضاً عن ذلك وضعت الإدارة آمالها في محادثات سلام لم تنجم عنها نتائج فعلية». وتابع النائب الجمهوري: «الرئيس بايدن سيتخلى عن شركائنا الأفغان، وعن نساء أفغانستان، ويتركهم ليذبحوا... وسوف يتحمل مسؤولية الصور المروعة التي ستأتي من هناك».
وقد تعالت الأصوات المطالبة في الكونغرس بعدم التخلي عن الأفغان الذين ساعدوا الولايات المتحدة، ولم تقتصر على الجمهوريين فحسب، بل حثت السيناتورة الديمقراطية جين شاهين، إدارة بايدن، على إجلاء هؤلاء الأفغان مع الموظفين الأميركيين في السفارة، كما قال السيناتور الجمهوري ميت رومني: «لقد قدمنا تعهدات للمترجمين الأفغان، وآخرين من الذين قدموا لنا مساعدة قيمة ووعدناهم بإخراجهم من أفغانستان. لا يجب أن تتراجع الولايات المتحدة عن وعودها في ظل هذه التحركات من (طالبان)».
وفي ظل هذه الانتقادات، خيم صمت ديمقراطي نسبي على ردود الأفعال، وطلبت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، من إدارة بايدن، تقديم إحاطة سرية للمجلس بخصوص التطورات في أفغانستان لدى عودة المجلس من عطلته الصيفية في 23 من الشهر الحالي. وقالت بيلوسي: «المشكلة هي أننا عندما ذهبنا إلى أفغانستان في عام 2001، فإننا لم نهزم حركة (طالبان). بل دفعناها إلى المرتفعات، حيث انتظرت هناك وخططت لعودتها».
غضب بين الجمهوريين من «الإحراج الأميركي» بأفغانستان
غضب بين الجمهوريين من «الإحراج الأميركي» بأفغانستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة