«السخرية» أقوى سلاح في مواجهة تنظيم داعش

في مواجهة فيديوهات «نحر الرؤوس» المنتجة بصورة احترافية

الممثلة الأميركية داكوتا جونسون في شريط فيديو حقق أعلى معدل مشاهدة على «يوتيوب» كما تظهر في برنامج «ساترداي نايت لايف» حيث تلعب دور فتاة تركب سيارة بصحبة مجموعة من المسلحين
الممثلة الأميركية داكوتا جونسون في شريط فيديو حقق أعلى معدل مشاهدة على «يوتيوب» كما تظهر في برنامج «ساترداي نايت لايف» حيث تلعب دور فتاة تركب سيارة بصحبة مجموعة من المسلحين
TT

«السخرية» أقوى سلاح في مواجهة تنظيم داعش

الممثلة الأميركية داكوتا جونسون في شريط فيديو حقق أعلى معدل مشاهدة على «يوتيوب» كما تظهر في برنامج «ساترداي نايت لايف» حيث تلعب دور فتاة تركب سيارة بصحبة مجموعة من المسلحين
الممثلة الأميركية داكوتا جونسون في شريط فيديو حقق أعلى معدل مشاهدة على «يوتيوب» كما تظهر في برنامج «ساترداي نايت لايف» حيث تلعب دور فتاة تركب سيارة بصحبة مجموعة من المسلحين

لقطة من مشهد في برنامج «ساترداى نايت لايف» تظهر فيها الممثلة الأميركية داكوتا جونسون التي تلعب دور فتاة تركب سيارة بصحبة مجموعة من المسلحين بعد أن تودع أبيها قائلة: «لا داعي للقلق يا أبي، إنهم من تنظيم داعش».
وبلغت عدد مشاهدات فيديو على موقع «يوتيوب» يسخر من تنظيم داعش، أكثر من مليون مرة، حيث يظهر الفيديو مقاتلي «داعش» وهم بصدد تنفيذ محاولة لإعدام أحد الضحايا بينما يظهر جلاد «داعش» في الفيديو مرتبكا ومتلعثما وهو يقرأ حكم الإعدام فيخطئ في نطق الكلمات، فبدلا من أن يقول «ظروف» يقول «ختان»، وبعد عدة محاولات فاشلة لتصوير عملية الإعدام التي تخللتها محاولة هروب الضحية الذي ظهر بالطبع مرتديا سترة الإعدام البرتقالية، تمكن جلاد «داعش» من ذبح ضحيته ليتلقى بعدها التهاني من زملائه، إلا أنهم سرعان ما تبينوا أنهم عجزوا عن تسجيل عملية الإعدام، فقرروا تنفيذ عملية إعدام أخرى، ولكن بحق أحد زملائهم الذي كان يشارك في عملية التصوير.
ويعد هذا الفيديو الساخر من «داعش» واحدا من بين عدد كبير ومتزايد من الفيديوهات التي غالبا ما تكون ساخرة؛ حيث إن بعضها يفتقر للفكاهة، ولكن أغلبها يأتي بصورة مستفزة لتنظيم داعش إما عن طريق السخرية من تصرفاتهم ومعتقداتهم أو الاستهزاء من مبالغتهم في قوة تنظيمهم.
وإذا كان «داعش» قد اختار أن يروج لنفسه باعتباره جماعة إرهابية تنتمي للعصر الرقمي؛ حيث يصر على تصوير فيديو لكل الفظائع التي يرتكبها، فعليه أن يتقبل أيضا ردود أفعال من ينتمون لنفس هذا العصر الرقمي الذين انهالوا على «داعش» بشتى أنواع السخرية التي جاءت في صورة رسوم كارتونية وفيديوهات وأغان وقصص من جميع أصقاع الأرض وكان معظمها من ابتكار المسلمين أنفسهم.
يقول جيمس بي هويستري، وهو أستاذ مساعد في الدراسات الإسلامية بجامعة إيميري بولاية أتلانتا الأميركية أن السبب وراء انتشار الفيديوهات الساخرة من مقاتلي «داعش» هو أن «معظم المسلمين لا يؤمنون بمعتقدات داعش». ويضيف هويستري قائلا: «أعتقد أن أهم تلك الفيديوهات هي تلك التي تظهر مقاتلي (داعش) في صورة تخالف ما يدعونه من ورع وتقوى».
وأشار هويستري إلى البرنامج الفلسطيني الساخر «وطن على وتر» حيث يظهر في أحد مشاهده مقاتلو «داعش» وهم يستوقفون رجلا عند أحد الحواجز ليسألوه عن البلد الذي جاء منه. وعندما يجيبهم الرجل يبادره الدواعش بسؤاله عن مدى جمال الفتيات في بلده. ويعد هذا «سخرية ضمنية من المظهر الورع الذي يظهرون به»، حسبما يقول هويستري. بينما يسعى فنانون ساخرون مثل جيورا زينجر، ويوسي جافني، وأومير بورشتاين من إسرائيل الذين قاموا بتأليف وتمثيل فيديو الإعدام الساخر إلى الاستهزاء بولع «داعش» بإنتاج فيديوهات على درجة عالية من الاحترافية.
فيقول زينجر: «تبدو فيديوهات نحر الرؤوس التي يصورها (داعش) منتجة بصورة احترافية، فهم يصورون باستخدام زاويتين كما أن جودة الصوت في الفيديوهات عالية جدا، فهم يستخدمون معدات حديثة. فكنت أقول لنفسي عندما أشاهد تلك الفيديوهات، ماذا يجري وراء الكواليس؟».
ويقول جافني: «حاولنا أن نركز على الجوانب العبثية عند السخرية من (داعش) التي تعارض مشاهد القبلات بين المحبين، بينما لا ترى مانعا في إظهار مشاهد نحر الرؤوس». وعلى نفس المنوال، فإن حرص «داعش» على الالتزام بحرفية الفيديوهات التي يصورها، دفع كل من أنس مروة من سوريا، وماهر برغوثي ونادر قواش، وهما فلسطينيان، وجميعهم في سن الثالثة والعشرين إلى إنتاج سلسلة ساخرة من الفيديوهات تحمل اسم «ذا وييكلي شو» أو البرنامج الأسبوعي في سبتمبر (أيلول) الماضي. فيقول مروة: «(داعش) يستخدم أساليب دعائية ماكرة لاستقطاب الشباب وأحد أهدافنا بعد السخرية من (داعش) هو إرسال رسائل مضادة للشباب تحط من شأن (داعش)».
ومن الفيديوهات الساخرة التي أنتجها مروة وصديقاه، فيديو يحاكي أحد إعلانات شركة آبل الأميركية، ولكن يسخر من «داعش» حيث يحمل عنوان «داعش 9 آير»، وفيديو آخر عن تطبيق للهاتف يسمى «لوغ بوك» وهو تطبيق يساعد المستخدم على تسجيل عدد الأشخاص الذين تمكن من قتلهم ثم يقوم بحساب الحسنات التي ينالها القاتل حسب كل قتيل.
ولكن أحد الساخرين من «داعش» مثل كارل شارو، وهو معماري وصاحب مدونة ساخرة بعنوان «كارل ريماركس»، كان من بين من أقروا بأن المواد الساخرة من «داعش» ليست كلها تثير الضحك، وأن هناك كثيرا منها مسيئة للذوق ومثيرة للحساسيات حيث يقول شارو: «كثير من الناس يقدمون موادا تفتقر للكياسة ولا أجدها مضحكة على الإطلاق، إنها مجرد محاولة لركوب موجة السخرية فقط». ولكن، على الرغم من ذلك، فهناك بعض المواد الساخرة المنتجة بطريقة احترافية، وتمتلك محتوى مؤثرا بدرجة كبيرة حيث أشار شارو لأغنية «مدد بغدادي» لفرقة «الراحل الكبير» اللبنانية، التي يكيل فيها المغنون المديح لأبي بكر البغدادي زعيم «داعش»، ولكن بطريقة ساخرة حيث يقول شارو: «الأغنية تستخدم الطريقة العربية التقليدية في أداء الأغاني الدينية، إنها محاولة في غاية البراعة والشجاعة».
ولم تقتصر السخرية من «داعش» على الإنترنت فقط، ففي البرنامج الأميركي الشهير «ساترداى نايت لايف» وفي حلقة عرضت في آخر فبراير (شباط) الماضي، ظهرت الممثلة داكوتا جونسون، التي لعبت من قبل دورا في فيلم «فيفتي شيدز أوف جراي»، في دور فتاة وهي تترجل من سيارة أبيها الذي يقول لها: «ستكونين بخير. أليس كذلك؟»، فترد عليه قائلة: «لا تقلق يا أبي، إنهم مجرد مقاتلين من (داعش)»، وقد أثار هذا المشهد الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تساءل البعض عما إذا كانت ظاهرة انضمام فتيات لتنظيم داعش يجوز اعتبارها أمرا مثيرا للضحك.
ولم تثر السخرية من معتقدات «داعش» الإرهابية حساسيات كبيرة في بعض الدول العربية المحافظة التي تنظر لـ«داعش» باعتبارها عدوا مشتركا لكثير من الدول العربية، فعلى سبيل المثال تعرض قناة العراقية الفضائية مسلسلا كوميديا يسخر من «داعش» بعنوان «دولة الخرافة».

* خدمة «نيويورك تايمز»



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.