السلطة الفلسطينية تتسلم من «الإدارة» طفلين من «داعشيين» شرق الفرات

TT

السلطة الفلسطينية تتسلم من «الإدارة» طفلين من «داعشيين» شرق الفرات

تسلمت السلطة الفلسطينية أول من أمس، طفلين كانا يقطنان في مخيم الهول شرقي محافظة الحسكة، من «الإدارة الذاتية لشمال وشرقي» سوريا وهم من بين 8 نساء وأطفال فلسطينيين يعيشون في المخيم من عائلات مقاتلين ومسلحين كانوا في صفوف تنظيم «داعش» الإرهابي.
بذلك تكون السلطة ثالث جهة عربية بعد السودان والمغرب تتسلم رعاياها الذين التحقوا بصفوف التنظيم المتطرف بعد القضاء على سيطرته العسكرية والجغرافية بشهر مارس (آذار) 2019.
ووصل السفير الفلسطيني باسم فهمي حلس، المستشار في القنصلية العامة للسلطة الفلسطينية في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، إلى مدينة القامشلي الأربعاء الماضي برفقة جد الطفلين وعقد اجتماعاً مع رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالإدارة الذاتية الدكتور عبد الكريم عمر وتسلم الأطفال.
ولدى حديثه إلى جريدة «الشرق الأوسط» قال عمر إن الإدارة الذاتية سلمت الطفلين في مقرها بالقامشلي لوفد فلسطيني برئاسة المستشار فهمي حلس وفق وثيقة رسمية وقعها الجانبان، ودعا «جميع الدول والحكومات لتسلم رعاياها وإخراجهم من أجواء التطرف والإرهاب، فاستمرار وجود عوائل عناصر (داعش) في المخيمات دون برامج تأهيل يشكل خطراً على العالم أجمع»، لافتاً إلى التحديات التي تواجه الإدارة على الصعيد الأمني والاقتصادي من ناحية حماية عائلات مسلحي التنظيم بالمخيمات، والجهاديين المحتجزين في السجون في ظل تصاعد إصابات فيروس «كورونا» في مناطق الإدارة.
والطفلان الفلسطينيان عمرهما بين 4 و3 سنوات من أبوين فلسطينيين، التحقا بصفوف «داعش» لكن في أثناء الحملة العسكرية الواسعة التي قادها التحالف الدولي وحلفائها على الأرض «قوات سوريا الديمقراطية» والقضاء على سيطرته الجغرافية والعسكرية شرقي سوريا ربيع 2019 تعرض منزلهما للقصف الجوي وقُتل والديهما لكن الطفلين نجوا من العمليات العسكرية ثم نُقلا إلى مخيم الهول وتولت تربيتهما مربيات المخيم.
وحسب «الإدارة الذاتية»، فإن تسلم الطفلين أول حالة من نوعها تستعيدها السلطة الفلسطينية، وثالث بلد عربي بعد السودان الذي استعاد عدداً محدوداً من النساء والأطفال اليتامى، والمغرب الذي استعاد 8 أطفال يتامى في شهر مارس العام الفائت، وطفلين نهاية يوليو (تموز) الماضي.
من جانبه، عبّر السفير الفلسطيني فهمي حلس عن سعادته وتقديره بإنجاز هذه المهمة الإنسانية لتسلم الطفلين، وقال: «بكل سرور نعبّر عن سعادتنا لعودة الطفلين ليعيشا حياة آمنة وهادئة مما يوفر حياة سعيدة ونظيفة ويجعلنا ننقذ مستقبل طفلين بريئين»، وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية استجابت لنداء الإدارة الذاتية لإجلاء رعايا الدول من المخيمات، وأضاف: «إنقاذاً لهما من حياة الإرهاب الأسود الذي لا دين له ولا هوية، وبهذه المناسبة والعمل الإنساني الكبير نشكر الإدارة لما قدمت من رعاية، وأملنا أن يتحقق الأمن والسلام للجميع».
وتؤوي المخيمات الواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية الكردية نحو 12 ألف طفل وامرأة من عائلات الجهاديين الأجانب، غالبيتهم يقطنون مخيم الهول المكتظ ومخيم روج بالحسكة، وحسب إحصاءات الإدارة يبلغ عدد النساء العربيات المهاجرات وأطفالهنّ نحو 1500 عدا المواطنين المتحدرين من الجنسية العراقية، ويأتي المغرب على رأس القائمة، ويبلغ تعداد النساء والأطفال 582، أما القادمات من مصر فعددهن 377 امرأة وطفلاً، فيما يبلغ عدد النساء اللاتي يتحدرن من تونس مع أطفالهنّ 251، بينما الجزائريات كنّ 98 سيدة وطفلاً، والصومال 56 امرأة وطفلاً، ولبنان 29، والسودان 24، وليبيا 11، ومن اليمن 8 نساء وأطفال.
وترفض معظم الدول العربية استعادة مواطنيها المحتجزين في سوريا كباقي الدول الغربية والأوروبية، وطالبت حكوماتها مقاضاتهم في المكان الجغرافي عند إلقاء القبض عليهم أو استسلامهم، لكن المغرب والسودان والسلطة الفلسطينية أبدت مرونة باستعادة عدد محدود من الأطفال اليتامى والنساء الأرامل.


مقالات ذات صلة

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)
شؤون إقليمية عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.