بعد مشهد التعاون الحزبي النادر إثر إقرار مشروع إصلاح البنى التحتية في مجلس الشيوخ، عادت الانقسامات الحزبية بسرعة لتطغى على تحركات المجلس. فكما وعد زعيم الأغلبية الديمقراطية تشاك شومر، بمجرد أن انتهى المجلس من التصويت على إقرار مشروع البنى التحتية، انتقل فوراً لمناقشة مسودة موازنة ضخمة وصلت قيمتها إلى 3.5 تريليون دولار. وأقر المجلس عند الساعة الرابعة فجراً بتوقيت واشنطن، وبعد جلسة طويلة ومرهقة استمرت طوال ليل الثلاثاء مشروع الموازنة في غياب أي دعم جمهوري له. فكانت النتيجة 50 صوتاً ديمقراطياً من الداعمين له، مقابل معارضة 49 جمهورياً.
ورغم أن التصويت المذكور هو إجرائي لأنه يتعلق بمسودة الموازنة وليس الموازنة نفسها، فإن أهميته تكمن في وضع أطر لتنفيذ أجندة الحزب الديمقراطي والبيت الأبيض، خاصة فيما يتعلق بالقضايا المثيرة للجدل بين الحزبين. كإصلاحات في ملف الهجرة، واستراتيجية التصدي للتغيير المناخي، إضافة إلى قضايا داخلية كرعاية الأطفال والتعليم وإجازات الأمومة وغيرها. وقال شومر تعليقاً على ساعات عمل المجلس الطويلة والنادرة: «رغم الطريق الطويلة التي اتخذناها، وصلنا أخيراً إلى نقطة النهاية. طبعاً نحن الديمقراطيين نعتقد أنه بإمكاننا فعل المزيد، فمشروع إصلاح البنى التحتية مهم جداً لكن بلادنا تواجه تحديات أخرى كثيرة ومهمة… لهذا طرحنا المشروع الثاني…». لكن على خلاف مشروع البنى التحتية، لم يحظ المشروع الثاني بترحيب أي من الجمهوريين، فاتهم زعيمهم في المجلس ميتش مكونيل الديمقراطيين بلعب (الروليت الروسية) مع البلاد، فقال: «هذه الموجة المتهورة من رفع الضرائب والمصاريف الهائلة ستوجه ضربة ساحقة للعاملين والعائلات ذات الدخل المتوسط». وكان شومر وعد بطرح مسودة الموازنة بصيغتها الحالية للتصويت إرضاء للتقدميين في الحزب الذين أدرجوا عدداً كبيراً من البنود في أجندتهم ضمنها. وقال السيناتور التقدمي المستقل بيرني ساندرز: «هذا المشروع يؤمن دعماً هائلاً للأطفال في بلادنا، للأهالي في بلادنا، والمسنين في بلادنا. وأملي أن يعيد الثقة بأن الحكومة في أميركا هي لكل الأشخاص وليس لأشخاص معينين فقط».
ولم يقتصر تحرك القيادات الديمقراطية لطرح مسود الموازنة على إرضاء التقدميين في مجلس الشيوخ فحسب، بل كان هدفهم الأكبر إرضاءهم في مجلس النواب الذي لم ينظر بعد في مشروعي إصلاح البنى التحتية والموازنة. وكانت رئيسة المجلس نانسي بيلوسي تعهدت بعدم النظر في مشروع الإصلاح قبل أن يصوت الشيوخ على مسودة الموازنة، وهذا ما حصل. فبمجرد بدء مجلس الشيوخ بالنظر في المسودة أعلنت بيلوسي قطع فترة العطلة الصيفية التي يقضيها المشرعون في شهر أغسطس (آب) والعودة إلى المبنى في الـ23 من الجاري لمناقشة مشروع الموازنة أولاً قبل الانتقال إلى مشروع البنى التحتية. وبهذا تكون بيلوسي قد حرصت على الحفاظ على الأصوات التقدمية في حزبها، والتي تحتاج إليها لتمرير مشاريع القوانين المذكورة، خاصة في غياب أي دعم جمهوري كبير لها.
«الشيوخ» الأميركي يقر مسودة موازنة بـ3.5 تريليون دولار
«الشيوخ» الأميركي يقر مسودة موازنة بـ3.5 تريليون دولار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة