من شرقه لغربه... حرائق الغابات تجتاح العالم (صور)

رجال الإطفاء السلوفينيون يحاولون إطفاء حريق غابة مشتعل في قرية بودينارشي بالقرب من بلدة بيروفو مقدونيا (أ.ف.ب)
رجال الإطفاء السلوفينيون يحاولون إطفاء حريق غابة مشتعل في قرية بودينارشي بالقرب من بلدة بيروفو مقدونيا (أ.ف.ب)
TT

من شرقه لغربه... حرائق الغابات تجتاح العالم (صور)

رجال الإطفاء السلوفينيون يحاولون إطفاء حريق غابة مشتعل في قرية بودينارشي بالقرب من بلدة بيروفو مقدونيا (أ.ف.ب)
رجال الإطفاء السلوفينيون يحاولون إطفاء حريق غابة مشتعل في قرية بودينارشي بالقرب من بلدة بيروفو مقدونيا (أ.ف.ب)

يكافح رجال الإطفاء في مناطق عدة بالعالم، نوبة قاسية من حرائق الغابات تأكل الأخضر واليابس بنهم خلال الأسابيع الماضية حتى اليوم (الأربعاء)، حيث شهدت دول ومناطق حول العالم مع ارتفاع درجة الحرارة بواقع 1.1 درجة مئوية أحوال طقس كارثية شملت اندلاع حرائق متعددة امتدت من شمال القارة الأفريقية في تونس والجزائر إلى بعض دول البحر المتوسط في اليونان وتركيا وصولا إلى أوروبا وأميركا.

وعبرت لجنة المناخ التابعة للأمم المتحدة عن قلقها البالغ هذا الأسبوع من أن مستويات الغازات المسببة للاحتباس الحراري مرتفعة لدرجة تعني أن اضطراب المناخ سيدوم لعقود.

ومنذ يومين تعاني الجزائر من الحرائق، حيث تواصل فرق الحماية المدنية الجزائرية مدعومة بقوات الجيش ومتطوعين، اليوم إخماد حرائق الغابات التي اجتاحت شمال البلاد خصوصا منطقة القبائل حيث تسببت في وفاة 42 شخصا بينهم 25 عسكريا.

وقال المتحدث باسم الحماية المدنية النقيب نسيم برناوي لتلفزيون «الشروق» إن «عدد الحرائق التي لا تزال مشتعلة يبلغ 69 في 17 ولاية، منها 24 حريقا في تيزي وزو وحدها». وحذّر من أن «الرياح التي تهبّ حاليا يمكن أن تزيد من انتشار الحرائق».
حرائق مفتعلة

وقال وزير الداخلية الجزائري كامل بلجود، إن الحرائق التي اندلعت في أنحاء مناطق الغابات بشمال الجزائر منذ مساء الاثنين، متعمدة، دون أن يذكر تفاصيل. وقال في تصريحات للتلفزيون الرسمي: «وحدها الأيدي المجرمة يمكن أن تكون مسؤولة عن اندلاع نحو 50 حريقاً في آن واحد في عدة مناطق بالولاية».

وفي تونس، قال الناطق باسم الديوان الوطني للحماية المدنية معز تريعة، مساء أمس إنه تم خلال الـ36 ساعة الأخيرة تسجيل 155 حريقا. وأكد الناطق باسم الديوان الوطني للحماية المدنية عدم تسجيل أي ضحايا بشرية جراء تلك الحرائق منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي. وأوضح تريعة في تصريح لوكالة الأنباء التونسية أن 6 حرائق في الغابات لا تزال مندلعة إلى حد الآن في غابات بولايات بنزرت وجندوبة والكاف. ووفق الناطق باسم الحماية المدنية تحاول وحدات الحماية المدنية حاليا إطفاء 3 حرائق في ولاية جندوبة اندلع اثنان منها في غابات معتمدية عين.

وذكر المعهد الوطني للرصد الجوي أن العاصمة التونسية سجلت درجة حرارة قياسية بلغت 49 درجة مئوية وسط موجة حارة تجتاح شمال البلاد. وأدى ارتفاع درجات الحرارة في بعض مناطق تونس إلى انقطاع الكهرباء مع بقاء الناس في منازلهم وتشغيلهم مكيفات الهواء، مما زاد الضغط على شبكة الكهرباء.
وقال المعهد إن أعلى درجة حرارة مسجلة قبل ذلك بلغت 46.8 درجة مئوية عام 1982، وسجلت كذلك مدينتا بنزرت وباجة الشماليتان أعلى درجة حرارة في تاريخهما أمس الثلاثاء.

أما تركيا فتواجه حرائق غابات مستعرة أتت على مساحات شاسعة من الغابات على طول الساحل الجنوبي في الأسبوعين الماضيين. ولكنها اليوم الأربعاء، اجتاحت فيضانات غزيرة غير مألوفة الساحل الشمالي لتركيا وتسببت في انهيار جسر وانقطاع التيار الكهربائي عن قرى، بعدما استعرت في جنوب غربي البلاد بعض من أكبر حرائق الغابات في تاريخ تركيا.

وذكرت قناة (تي.آر.تي خبر) الرسمية أن شخصا توفي بعدما أصيب بنوبة قلبية في إقليم بارتين بشمال البلاد، في حين يبحث عمال الطوارئ عن آخر مفقود. وقالت رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ إن 13 شخصا أصيبوا بعد انهيار جسر في بارتين بينما انقطعت الكهرباء في 12 قرية.
وفي إقليم سينوب الذي يبعد 240 كيلومترا شرق بارتين انهار منزل بسبب الفيضانات وغرقت السيارات في المياه حسبما أظهر مقطع لـ«رويترز».

وفي شمال المتوسط، فشهدت إيطاليا هذا الأسبوع ذروة حرارة مصحوبة بحرائق في جنوب البلاد خاصة في صقلية وكالابريا حيث تهدد محمية طبيعية مدرجة على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي.
تواجه إيطاليا حالياً أكثر أسابيع الصيف حرارة حيث وصلت درجات الحرارة إلى أكثر من 47 درجة في صقلية بالقرب من سيراكيوز. وتتوقع خدمة الأرصاد الجوية الوطنية كسر، اليوم الرقم القياسي لأعلى درجة حرارة سجلت على الإطلاق في إيطاليا (48.5 درجة في عام 1999 في صقلية).
من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة الأربعاء إلى 49 - 50 درجة في جنوب شرقي صقلية، و39 - 42 درجة في كالابريا وبوليا، وفي كامبانيا في منطقة نابولي.

وقالت فرق الإطفاء في كالابريا وصقلية إنها اضطرت إلى التدخل 300 مرة خلال الـ12 ساعة الماضية ومنذ الفجر تم تعبئة سبع طائرات كنداير.
ودعا رئيس منظمة «دبليو دبليو إف» البيئية غير الحكومية فرع إيطاليا الثلاثاء إلى «التدخل الفوري بوسائل جوية إضافية. وإلا سيكون الأوان قد فات وسنفقد إلى الأبد تراثا لا يقدر بثمن».
كما دعا إلى «تشديد المراقبة على الأرض لأنه تم تسجيل بؤر جديدة مشتعلة في المناطق التي تم فيها إخماد الحرائق، ومن المؤكد أن مجرمين عديمي الضمير أشعلوها».

ومنذ تسعة أيام تكافح اليونان النيران المشتعلة في أنحاء البلاد، حيث أدى حريق كبير استعر خلال الليل في شبه جزيرة بيلوبونيز باليونان إلى إخلاء العديد من القرى بينما استمرت فرق الإطفاء المنهكة في مكافحة حرائق الغابات المندلعة.
وفي إيفيا بشمال البلاد، وهي ثاني أكبر جزر اليونان، لا يزال تفجر ألسنة اللهب المشكلة الرئيسية التي تواجه فرق الإطفاء التي انضم إليها متطوعون لمكافحة النيران.
وفي بيلوبونيز نشب حريق بالقرب من أولمبيا القديمة، موقع أول دورة ألعاب أولمبية، لكنه امتد إلى جورتينيا بينما استعرت النيران في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء وأتت على غابة عذراء ودفعت السلطات لإخلاء 20 قرية.

ويكافح نحو 580 من رجال الإطفاء اليونانيين الحرائق المندلعة في جورتينيا بمساعدة زملاء من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وجمهورية التشيك.
وكانت روسيا قد شهدت، حرائق مستعرة في سيبيريا. أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس بإرسال تعزيزات لمكافحة الأمر، وتجتاح حرائق الغابات سيبيريا بشكل تزداد حدّته في السنوات الأخيرة، وهو أمر ربطه المسؤولون المعنيون بمجال الطقس وخبراء البيئة في روسيا بالتغير المناخي وأجهزة إدارة الغابات التي لا تحظى بالتمويل الكافي.

وأمر بوتين وزارة الطوارئ الروسية بـ«زيادة المجموعة (المخصصة) لإخماد الحرائق» و«تكثيف عمل الطيران» في ياكوتيا، إحدى مناطق سيبيريا الأكثر تضررا.
وأفاد فرع وزارة الطوارئ في ياكوتيا الثلاثاء بأن أكثر من 4200 شخص يكافحون الحرائق حاليا. وأضاف أنه تم إلقاء أكثر من 9500 طن من الماء على الحرائق من الجو.
لكن معهد رصد أحوال الطقس الروسي «روسغيدروميت» أشار إلى أن الوضع في ياكوتيا، المنطقة الأكبر والأكثر برودة في روسيا، لا يزال من «الأصعب» في البلاد.

وفي مقدونيا، أعلنت حكومة مقدونيا الشمالية حالة الطوارئ بسبب أزمة استمرار اندلاع حرائق الغابات، وفقا لما ذكره موقع فيستي دوت إم كيه الإلكتروني. وأصدرت حكومة سكوبي قرارا بأنه خلال الثلاثين يوماً القادمة سوف يقوم رجال الإطفاء والجيش وقوات الأمن من وزارة الداخلية بمكافحة الحرائق. وتنشط حاليا في شمال البلاد ثمانية حرائق للغابات أكبرها بالقرب من قرية بهتشيفو وسط البلاد.

يشار إلى أنه منذ 3 أغسطس (آب) الجاري أصدرت السلطات حظرا بالوجود في الجبال، على سبيل المثال، للتنزه سيراً على الأقدام، بسبب خطر الحرائق.
وعلي الجانب الآخر من العالم، امتد ثاني أكبر حريق غابات في تاريخ ولاية كاليفورنيا الأميركية إلى ما يقرب من 500 ألف فدان الأحد الماضي وأسفر عن إصابة ثلاثة من رجال الإطفاء.

وقالت إدارة الغابات والحماية من الحرائق في كاليفورنيا على «تويتر» إن حريق ديكسي المشتعل شمال شرقي مدينة سان فرنسيسكو امتد إلى 48 مليون و92 ألفا و87 فدانا في منتصف الأسبوع الماضي.
وقالت الإدارة إن الحريق نشط منذ 26 يوما وإنه تم احتواؤه بنسبة 21 في المائة. وتعادل المنطقة المحترقة تقريبا مساحة منتجع كانكون في المكسيك أو أكبر من مدينة هيوستون في ولاية تكساس. ويشارك في جهود إخماد حريق ديكسي أكثر من خمسة آلاف رجل إطفاء.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي: الفيضانات وحرائق الغابات تظهر أن الانهيار المناخي بات القاعدة

العالم حريق غابات في قرية فيغا بأغويدا في البرتغال - 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي: الفيضانات وحرائق الغابات تظهر أن الانهيار المناخي بات القاعدة

حذّر الاتحاد الأوروبي من الفيضانات المدمّرة وحرائق الغابات التي تظهر أن الانهيار المناخي بات سريعاً القاعدة، مؤثراً على الحياة اليومية للأوروبيين.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أميركا اللاتينية دخان الحريق يتصاعد في تلال تينغوا (أ.ف.ب)

جهود مضنية لمكافحة آلاف الحرائق في البرازيل

تواصل البرازيل مكافحة عشرات آلاف الحرائق التي يغذيها أسوأ جفاف تشهده البلاد حيث أصبحت مدن كبرى مثل ريو دي جانيرو وساو باولو، مهددة.

«الشرق الأوسط» (ساو باولو)
أوروبا طائرة تلقي بمواد كيمائية لإطفاء حريق في جبال هارتس الألمانية (أ.ب)

استدعاء طائرات الإطفاء لمكافحة حريق غابات هائل في ألمانيا

كثف رجال الإطفاء، السبت، جهودهم للسيطرة على حريق غابات هائل في جبال وسط ألمانيا أجبر المئات على الإخلاء.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
أميركا اللاتينية عنصر إطفاء يحاول إخماد الحريق في حقول قصب السكر قرب مدينة دومون البرازيلية (رويترز)

البرازيل تكافح حرائق الغابات... وتحقق في أسبابها (صور)

أعلنت وزيرة البيئة البرازيلية مارينا سيلفا، أمس (الأحد)، أن البرازيل «في حالة حرب مع الحرائق والجريمة»، في وقت أُعلِنت فيه حالة الطوارئ في 45 مدينة.

«الشرق الأوسط» (ريبيراو بريتو (البرازيل))
أميركا اللاتينية انخفاض الرطوبة وارتفاع الحرارة متخطية 35 درجة مئوية يفاقم الظروف المواتية للحرائق (رويترز)

استدعت إصدار أعلى درجات التحذير... حرائق غابات تستعر في البرازيل

امتدت حرائق غابات أمس (الجمعة) في أنحاء ولاية ساو باولو، أكثر ولايات البرازيل اكتظاظاً بالسكان، ما استدعى إصدار أعلى درجات التحذير في 30 مدينة.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)

عصر جديد من التخريب: تحويل الأجهزة العادية إلى قنابل يدوية على نطاق واسع

أجهزة بيجر معروضة في مكتب «غولد أبولو» في مدينة تايبيه الجديدة بتايوان... 18 سبتمبر 2024 (رويترز)
أجهزة بيجر معروضة في مكتب «غولد أبولو» في مدينة تايبيه الجديدة بتايوان... 18 سبتمبر 2024 (رويترز)
TT

عصر جديد من التخريب: تحويل الأجهزة العادية إلى قنابل يدوية على نطاق واسع

أجهزة بيجر معروضة في مكتب «غولد أبولو» في مدينة تايبيه الجديدة بتايوان... 18 سبتمبر 2024 (رويترز)
أجهزة بيجر معروضة في مكتب «غولد أبولو» في مدينة تايبيه الجديدة بتايوان... 18 سبتمبر 2024 (رويترز)

في الانفجارات الأخيرة التي استهدفت أجهزة الاتصالات اللاسلكية لجماعة «حزب الله» في لبنان، ظهر شكل جديد من الأعمال التخريبية، وهو تحويل أجهزة الاتصال العادية مثل أجهزة اللاسلكي إلى قنابل يدوية، حسب تقرير أمس الخميس لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

حوّلت العملية الإسرائيلية المفترضة هذه الأجهزة اليومية إلى أسلحة، أسفرت عن مقتل العشرات وإصابة الآلاف. وفي حين كان الهدف من التفجيرات استهداف مقاتلي «حزب الله»، فقد تضرر المدنيون أيضاً، ما ساهم في تنامي المخاوف من عدم إمكانية الوثوق بشكل كامل بأي جهاز إلكتروني، من الهواتف الجوالة إلى الأجهزة المنزلية.

يحذّر الخبراء من التأثير النفسي الكبير للانفجارات الأخيرة، حيث بدأ الناس يشككون في سلامة الأجهزة في حياتهم اليومية، على غرار المخاوف بشأن أن يكون الأشخاص يتعرّضون للمراقبة الشاملة.

تطلب هذا التخريب واسع النطاق اختراقاً عميقاً لسلسلة التوريد، ما يسلط الضوء على المخاطر التي تشكلها أجهزة الاتصالات.

يتكهن البعض بأن الهجمات قد تشير إلى هجوم إسرائيلي أوسع نطاقاً، على الرغم من أن المزيد من الإجراءات الإسرائيلية لم تتحقق بعد. ويضيف استهداف أجهزة «حزب الله» المنخفضة التقنية، والتي كان يُعتقد قبل التفجيرات أنها آمنة من الهجمات الإلكترونية، عنصراً جديداً من التعقيد إلى هذا العصر الجديد من التخريب.

تُطرح نظريات مختلفة حول كيفية وضع المتفجرات في الأجهزة المستخدمة في الهجمات. وتشير السيناريوهات الأكثر ترجيحا، إلى أن عملاء إسرائيليين زرعوا متفجرات في البطاريات أثناء تصنيعها بواسطة شركة وهمية في بودابست. وهناك احتمال آخر وهو أن الأجهزة تم تعديلها بعد الإنتاج ولكن قبل توزيعها على عناصر «حزب الله».

وبغض النظر عن الطريقة التي استخدمت لتفخيخ الأجهزة، فإن كميات صغيرة من المتفجرات المخبأة في تلك الأجهزة تسببت في إصابات خطيرة.

وربما تم إطلاق الانفجارات عن بعد عبر رسائل أو من خلال استغلال نقاط الضعف في شفرة أجهزة النداء (بيجر)، ما قد يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة البطاريات لتفجيرها.

ويشير بعض الخبراء إلى أن العمليات السيبرانية الإسرائيلية قدمت معلومات استخباراتية حول شراء «حزب الله» لأجهزة البيجر، ما ساعد في استهداف الأجهزة في سلسلة التوريد.

إن هذه العملية تذكرنا بعمليات سلسلة التوريد السابقة مثل الجهود الأميركية لإحباط البرنامج النووي الإيراني أو المحاولات الصينية للتسلل إلى شبكات الطاقة الأميركية. وتوفر هذه العمليات مزايا تكتيكية ولكنها قد لا تؤدي بالضرورة إلى مكاسب استراتيجية كبيرة. وفي حين كان تخريب البنى التحتية الكبيرة مثل شبكات الطاقة شائعا، فإن هذا الهجوم على الأجهزة المحمولة باليد قد يشير إلى اتجاه جديد في عمليات التخريب حول العالم.