أصبحت المناطق المطلة على البحر الأبيض المتوسط، مثل اليونان وتركيا وإيطاليا والجزائر وتونس، بؤرة لحرائق الغابات في الفترة الأخيرة، الأمر الذي يهدد بتحول أجزاء كبيرة من هذه المناطق إلى أراضٍ قاحلة.
وبحسب صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، فقد دمرت الحرائق عشرات الآلاف من الهكتارات من الغابات في مساحات شاسعة على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط في الأسابيع القليلة الماضية.
وقتل ثمانية أشخاص على الأقل في تركيا حيث تركزت الحرائق في الجنوب الغربي. فيما قضى 42 شخصاً على الأقل جراء حرائق تجتاح شمال الجزائر وخصوصاً منطقة القبائل.
وتعرضت ولاية بنزرت التونسية لحريق غابات يوم الاثنين وسط رياح قوية ودرجات حرارة تصل إلى 122 فهرنهايت (50 درجة مئوية).
وعانى المغرب من حرائق غابات في يوليو (تموز) دمرت 1200 هكتار من الغابات.
وفي اليونان، قال رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس إن 586 حريقاً اندلع الأسبوع الماضي في جميع أنحاء البلاد.
واشتعلت الحرائق أيضاً في العديد من أنحاء إيطاليا، وهددت بالقضاء على حدائق ومتنزهات كبيرة، وقد توقعت إدارة الحماية المدنية وي صقلية وسردينيا زيادة مخاطر حدوث حرائق في أجزاء كبيرة من الجزيرتين، ما دفع حاكم سردينيا كريستيان سوليناس إلى وصف الأمر بأنه «كارثة لم يسبق لها مثيل».
فما سبب تفاقم هذه الحرائق؟
يرجع بعض العلماء السبب في ذلك إلى الموقع الجغرافي الفريد لمنطقة البحر المتوسط، مشيرين إلى أن وجود جسم مائي بين ثلاث كتل من اليابسة يجعله عرضة بشكل خاص لتغير المناخ.
وقال الباحث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ألكسندر تويل: «ما يميز منطقة البحر الأبيض المتوسط عن المناطق الأخرى في الأساس هي الجغرافيا. لديك بحر كبير محاط بثلاث قارات (أوروبا، وأفريقيا، وآسيا)، وهو أمر لا يحدث حقاً في أي مكان آخر في العالم».
إلا أن إيريم دالوغلو سيتينكايا، عالمة البيئة في جامعة بوغازيتشي بإسطنبول قالت إن «حرائق الغابات ليست فقط بسبب التغيرات في المناخ» مشيرة إلى أن «الاستخدام غير المنضبط للأراضي هو أحد أهم أسباب حرائق الغابات». وأوضحت قائلة «تنتج الحرائق أيضاً عن تراكم الكثير من النفايات، والزحف العمراني على حساب الأراضي الزراعية، الذي ينتج عنه وجود الكثير من المواد الجافة والهشة القابلة للاشتعال، التي تنتج عن قطع الأشجار».
لكن هل ستزداد الأمور سوءاً؟
يتوقع ليفينت كورماز، رئيس مركز تغير المناخ ودراسات السياسات في جامعة بوغازيتشي بإسطنبول تفاقم الأزمة في المستقبل، حيث قال: «سيكون المناخ صحراوياً في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط بحلول نهاية القرن».
ومن جهته، قال باحث المناخ في كاليفورنيا جوكسي سينكان: «أرى بالتأكيد اتجاهات مقلقة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط من حيث الجفاف الذي يزداد شدة يوماً بعد يوم ومتوسط درجات الحرارة الذي يرتفع أيضاً بشكل ملحوظ ومثير للقلق».
وحذر العلماء من أن عدم تحرك الحكومات للتصدي بقوة لبعض التغييرات الكارثية التي تسبب الحرائق، فإن ذلك سيؤدي إلى أزمة قد تتسبب في محو مناطق ودول بأكملها.