بلينكن يحض مجلس الأمن على محاسبة إيران

الهجوم على «ميرسر ستريت» يذكر بأمن الملاحة الدولية

لقطة من فيديو مشاركة بلينكن في جلسة مجلس الأمن أمس ... وأخرى لمشاركة والاس («الشرق الأوسط»)
لقطة من فيديو مشاركة بلينكن في جلسة مجلس الأمن أمس ... وأخرى لمشاركة والاس («الشرق الأوسط»)
TT

بلينكن يحض مجلس الأمن على محاسبة إيران

لقطة من فيديو مشاركة بلينكن في جلسة مجلس الأمن أمس ... وأخرى لمشاركة والاس («الشرق الأوسط»)
لقطة من فيديو مشاركة بلينكن في جلسة مجلس الأمن أمس ... وأخرى لمشاركة والاس («الشرق الأوسط»)

دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المجتمع الدولي إلى محاسبة إيران على الهجوم الذي نفذته ضد ناقلة النفط «ميرسر ستريت» في نهاية الشهر الماضي قبالة سواحل عمان، وأدى إلى مقتل اثنين من بحارتها، محذراً من أن التقاعس عن ذلك «يغذي إحساسها بالإفلات من العقاب».
وأورد بلينكن تحذيراته هذه خلال جلسة مناقشة عامة عقدها مجلس الأمن عبر الفيديو بدعوة من الرئاسة الهندية لهذا الشهر حول أمن الملاحة البحرية الدولية. وتطرق أكثر من متحدث خلال الجلسة رفيعة المستوى التي شارك فيها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالإضافة إلى بلينكن، إلى الهجوم على الناقلة في 29 يوليو (تموز) الماضي بطائرة من دون طيار. وتشغل الناقلة اليابانية التي ترفع العلم الليبيري، شركة «زودياك ماريتايم» المملوكة لإسرائيل. وقتل في الهجوم اثنان من البحارة أحدهما بريطاني والآخر روماني. وألقت الولايات المتحدة ودول أخرى باللوم على إيران.
وقال بلينكن أمام مجلس الأمن المؤلف من 15 دولة: «نحن واثقون بأن إيران شنت هذا الهجوم غير المبرر، والذي يعد جزءاً من نمط الهجمات والسلوك الاستفزازي الآخر» الذي تعتمده. وأضاف «على كل دولنا محاسبة المسؤولين» عن الهجوم، لأن «عدم القيام بذلك لن يؤدي إلا إلى تأجيج شعورهم بالإفلات من العقاب ويشجع الآخرين الذين يميلون إلى تجاهل النظام البحري». ونبه إلى أن «هذه الإجراءات تهدد حرية الملاحة عبر هذا الممر المائي الحيوي والشحن والتجارة الدولية وحياة الأشخاص على متن السفن المعنية».
وقال بلينكن أيضاً: «نشهد في بحر الصين الجنوبي أعمالاً استفزازية تهدد السفن والملاحة البحرية»، مؤكداً أن حرية الملاحة وتعزيز التجارة البحرية مهمان من أجل استقرار الأمم.
كما أكد وزير الدفاع البريطاني، بن والاس تقييم بلاده أن إيران من نفذت الهجوم على «ميرسر ستريت» بطائرة مسيرة، داعياً إلى مكافحة أي نشاط عدائي من الدول في البحار والمحيطات. وحض أعضاء المجلس على «الوقوف متضامنين» في شأن قواعد الملاحة البحرية العالمية. وقال: «إننا ندين هذا الهجوم المتعمد وغير القانوني والموجه» لأنه «انتهاك واضح للقانون الدولي من قبل إيران». وأضاف «لا يهدد هجوم من هذا النوع التجارة العالمية وسلامة الشحن وحياة البحارة والبيئة البحرية للمنطقة فحسب، بل إنه يقوض النظام القائم على القواعد الذي يعتمد عليه سلامنا وأمننا المشترك». ونبه إلى أنه «في وقت يتزايد فيه القلق، من المهم أكثر من أي وقت مضى أن تتضامن دولنا لدعم هذا النظام؛ لأن النظام الدولي القائم على القواعد لا يدوم ذاتياً وتعددية الأطراف في هذا المكان ليست بديلاً عن تصميم دولنا وقدرتها على الحفاظ عليها بشكل استباقي بل امتداد له».
وكان الجيش الأميركي أعلن نتائج تحقيقاته الجنائية في شأن الهجوم المميت، وخلص إلى أن الطائرة بدون طيار صنعت في إيران.
من جهته، دعا بوتين إلى اتباع استراتيجية تحظى بدعم الدول الأعضاء بالأمم المتحدة وتستعين بالخبراء ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، مؤملاً أن يدرس الشركاء المقترح الروسي بطريقة جيدة ومؤكداً على التزام روسيا بمكافحة جرائم البحار وكل تأثيراتها. وأشار إلى بذل بلاده قصارى جهدها لتعزيز سيادة القانون في مجال الأمن البحري.
وكانت الرئاسة الهندية للمجلس خططت لعقد هذا الاجتماع قبل هجوم بحر العرب. لكن بعض الدول استخدمت الاجتماع للتعبير عن رأيها في شأن الهجوم. وكان مجلس الأمن عقد مشاورات مغلقة في شأن الهجوم الجمعة الماضي.
واعتمد المجلس بياناً رئاسياً اقترحته الهند يقر بأهمية زيادة التعاون الدولي والإقليمي لمواجهة تهديدات الأمن البحري، بما في ذلك تبادل المعلومات.
واعترضت الصين على بعض نقاط البيان، مثل الصيد غير القانوني في البحار، كما اعترضت على تقديم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً دورياً في شأن التهديدات التي تواجه أمن البحار.



شبح اعتقال الضباط والجنود في الخارج يحاصر إسرائيل

فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

شبح اعتقال الضباط والجنود في الخارج يحاصر إسرائيل

فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)

طلب الجيش الإسرائيلي من الضباط والجنود الذين أنهوا مهمتهم في قطاع غزة، وكانوا يعتزمون السفر إلى الخارج، الامتناع عن القيام بذلك، في حين أصدرت الأوامر لـ8 على الأقل بالعودة من الخارج؛ خشية من الاعتقالات، بعد إصدار الجنائية الدولية مذكرتَي اعتقال لكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وكانت المحكمة الدولية أصدرت في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مذكرتَي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بتهمتَي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إنه في ظل تقديرات في الجيش بأن قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، سيعطي زخماً للاعتقالات والإجراءات الجنائية الأخرى في جميع أنحاء العالم أيضاً ضد كبار الضباط في الجيش، وحتى ضد الجنود النظاميين والاحتياط الذين قاتلوا في قطاع غزة، بدأ الجيش في صياغة «تقييم المخاطر» لكل جندي يقدم استمارة طلب مغادرة البلاد، مع التركيز على المقاتلين والقادة الذين عملوا في غزة. وطلب الجيش من الجنود إزالة أي وثائق متعلقة بنشاطهم في غزة، وعدم تحميل صورهم ومقاطع الفيديو الخاصة بهم أثناء تواجدهم في غزة، أو التي تشير إلى تواجدهم في الخارج. وقد تم تعيين عشرات المحامين في الخارج لمواجهة «قوائم سوداء» للضباط والجنود.

وتشنّ إسرائيل حرباً على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي وقد قتلت نحو 50 ألف فلسطيني وجرحت أكثر من 100 ألف وخلَّفت دماراً واسعاً حوَّل الحياة إلى غير ممكنة في القطاع الساحلي الصغير.

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)

وبحسب «يديعوت أحرنوت»، فقد حدد الجيش الإسرائيلي، في الآونة الأخيرة، نحو 30 حالة تم فيها تقديم شكاوى وتم اتخاذ إجراءات جنائية ضد ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي الذين شاركوا في القتال في قطاع غزة، وكانوا يعتزمون السفر إلى الخارج، وتم تحذيرهم لتجنب القيام بذلك بسبب الخوف من الاعتقال أو الاستجواب في البلد الذي يريدون زيارته، فيما قيل لثمانية منهم على الأقل، بما في ذلك المقاتلون الذين انطلقوا بالفعل في رحلة إلى الخارج، إلى قبرص وسلوفينيا وهولندا، أن يغادروا ذلك البلد على الفور بسبب المخاطر. وكان ضباط وجنود وثَّقوا عمليات تفجير واعتقال وتحقيق في قطاع غزة، ونشروها بصورة أثارت انتقادات وجدلاً واسعاً، وأدت إلى إعداد منظمات كثيرة «قوائم سوداء» لهم. وأكدت «يديعوت» أنه تم الطلب من الضباط والجنود الدائمين والاحتياطيين الذي عملوا في غزة منذ بداية القتال، وحتى مؤخراً، الامتناع عن نشر صور وفيديوهات لهم وهم يقاتلون في قطاع غزة؛ حتى لا يتم استخدامها ضدهم دليلاً في تحقيق جنائي متعلق بارتكاب جرائم حرب.

وتم مؤخراً شحذ هذه السياسة في ضوء ردة الفعل العالمية العنيفة ضد إسرائيل. وقالت «يديعوت أحرنوت» إن المنظمات المؤيدة للفلسطينيين تعمل بشكل رئيس من أوروبا، لكن منتشرة في شبكة من الممثلين في جميع أنحاء العالم. وهي تراقب، بالإضافة إلى نشر أسماء وصور الجنود منشوراتهم كذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، على أمل أن ينشروا قصصاً عن إجازتهم في بلجيكا، أو زيارتهم إلى فرنسا، أو رحلة إلى الولايات المتحدة أو الهند، على سبيل المثال. وفي تلك اللحظة سيتم تقديم شكوى ضدهم إلى النيابة المحلية، أو التماس شخصي ضدهم إلى المحكمة في ذلك البلد؛ وذلك للتحقيق معهم وتأخير مغادرتهم ذلك البلد. ولهذا السبب؛ نصح الجيش الجنود الذين يبلغون عن سفرهم إلى الخارج بتجنب نشر مواقعهم في العالم؛ حتى لا يصبحوا فريسة سهلة من شأنها أن تعرّضهم للخطر من جانبين: القانون الجنائي وبالطبع الأمن الشخصي أيضاً وتحذيرات ومناشدات.

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

ومنذ إصدار أوامر باعتقال نتنياهو وغالانت، ثمة مخاوف في أوساط المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أن يطال ذلك قادة الجيش وجنوده. وتخشى إسرائيل حتى من صدور أوامر اعتقال سرية من قِبَل المحكمة الجنائية الدولية، ضد قادة الجيش الإسرائيلي، وكبار الضباط فيه. وتدور المخاوف بشكل أساسي حول إمكانية صدور مذكرة اعتقال بحق رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي. وثمة قلق في إسرائيل من أن مثل هذه المذكرات قد صدرت بالفعل داخل المحكمة وتم إبقاؤها سراً لحين تفعيلها في الوقت الذي تقرره المحكمة.

ويقدّر مكتب المدعي العام العسكري في إسرائيل أن المدعي العام في لاهاي، كريم خان، يمكن أن يتعامل مع مذكرات اعتقال لهاليفي وقادة كبار ولن يتعامل مع الجنود أو القادة الصغار؛ لأنهم نفّذوا تعليمات تلقوها في ساحة المعركة. وتخشى إسرائيل من أن الوضع الحالي قد يصبح متفجراً بالفعل إذا توقف القتال في غزة وفتحت الطريق أمام الصحافيين ومنظمات حقوق الإنسان. واستعداداً لمرحلة كهذه؛ تم تشكيل فريق موسع مشترك بين الوزارات، بقيادة وزارتي العدل والخارجية وإدارة القانون الدولي بمكتب المدعي العام العسكري، وتمت الاستعانة بخدمات قانونية من محامين في عشرات دول العالم.

وشارك في الفريق الإسرائيلي ممثلون عن الموساد (المخابرات الخارجية) والشاباك (الأمن العام).