حمدوك إلى جوبا لاحتواء الأزمة الجديدة في جنوب السودان

«الإيقاد» تقرر التدخل العاجل حفاظاً على «السلام»

TT

حمدوك إلى جوبا لاحتواء الأزمة الجديدة في جنوب السودان

يتوجه رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، خلال الأيام المقبلة إلى جوبا للتباحث مع قادة الحكومة في جنوب السودان لاحتواء الأزمة على خلفية الاشتباكات المسلحة التي تدور بين الجيش الحكومي ومنشقين عن قوات نائب رئيس الحكومة رياك مشار، على الحدود السودانية.
وتبدي دول المنطقة قلقاً متزايداً من أن يهدد تجدد الصراع والقتال وسط قوات المعارضة عملية السلام الهشة في جنوب السودان.
وترأست وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، عبر تقنية الاتصال المرئي أمس، اجتماعاً طارئاً لوزراء خارجية منظمة «الإيقاد» ناقش تطورات الأوضاع في جنوب السودان.
ودعت المهدي، رئيسة المجلس الوزاري للمنظمة، جميع الأطراف لوقف القتال فوراً واللجوء إلى السبل السلمية لإيجاد حلول لخلافاتهم دون جر البلاد إلى حرب أهلية أخرى لا تخدم مصلحة أي من الأطراف.
وأكدت المهدي في بيان عقب الاجتماع، دعم السودان غير المحدود بصفته رئيساً للإيقاد لتنفيذ اتفاقية السلام المنشطة لحل النزاع في جنوب السودان. وقالت المهدي إن زيارة رئيس الوزراء، بصفته رئيس الدورة الحالية لمنظمة «الإيقاد»، إلى جوبا تهدف لتعزيز الثقة بين أطراف السلام وتنفيذ بنود اتفاقية السلام المنشطة.
وعبرت الوزيرة السودانية، عن قلق بلادها من الأحداث الأخيرة بين فصائل الحركة الشعبية في المعارضة وخطورتها. وشددت «على ضرورة إيجاد حلول ودية لما لها من آثار خطيرة على سلام واستقرار شعب جنوب السودان الشقيق».
وأكدت المهدي حرص وزراء خارجية دول الإيقاد والشركاء الدوليين (دول الترويكا والاتحاد الأوروبي وبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان) على السلام واستقرار الإقليم، ودعمهم لتفعيل دور «الإيقاد» في حل أزمات الإقليم وسرعة استجابتهم لعقد الجلسة الطارئة لإيجاد حلول عاجلة لاحتواء الأزمة.
واندلعت السبت الماضي معارك ضارية بين فصيل عسكري منشق من قوات نائب رئيس حكومة جنوب السودان، رياك مشار، خلفت 27 قتيلاً بحسب بيان الحركة، فيما تنذر حالة الحشد والتعبئة بتصاعد خطير للصراع.
وأجرى وزراء خارجية دول الإيقاد أول من أمس مشاورات للتحرك العاجل مع كافة أصحاب المصلحة للوقف الفوري لإطلاق النار، والتمهيد لحل سلمي للخلافات عن طريق الحوار. وشددوا على محورية اتفاقية السلام المنشطة لاستدامة السلام في جنوب السودان وضرورة التزام كافة الأطراف بها وتسريع تنفيذ البنود التي لم تنفذ، كما اتفقوا على تكثيف المشاورات بينهم حول تطورات الأوضاع.
وشارك في الاجتماع الطارئ للمنظمة، وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف، ووزيرة خارجية كينيا راهيل أومامو، ووزير خارجية الصومال محمد عبد الرزاق، ووزيرة خارجية جمهورية جنوب السودان باتريشيا خميسة واني، ووزير خارجية أوغندا أودنقو جيجي، والسكرتير التنفيذي للإيقاد وركنة قبيهو.
وعقب اندلاع القتال ناشدت الخرطوم كافة أطراف النزاع لوقف المواجهات المسلحة، والبحث عن طرق سلمية لمعالجة الخلافات داخل الحركة الشعبية التي تشارك في السلطة بناءً على الاتفاق.
وأعلنت الحكومة السودانية أنها ستتخذ موقفاً محايداً من جميع الأطراف، مشددة على الالتزام باتفاقية السلام، وعدم الخروج عنها.
ولعبت «الإيقاد» دوراً مهماً في رعاية المفاوضات بين الأطراف المتصارعة عقب الحرب الدامية التي شهدها الجنوب عام 2013، ونجحت في التوصل لاتفاق نهائي استضافته الخرطوم عام 2018، وهو الاتفاق الحالي الذي تتخوف «الإيقاد» من حدوث أي ارتدادات عنه. وتعمل منظمة الإيقاد، ومقرها جيبوتي، على تسوية الصراعات الإقليمية عبر الحول السلمية، والحفاظ على السلم والأمن في منطقة القرن الأفريقي.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».